محمد الجاسم
شهدت الساحة العراقية بعد العام2003 جملة من المتغيِّرات المفاجئة بعضها من صنع أيادٍ محلية تصدت للعملية السياسية وإدارة الدولة دون أن يكون لها ماضٍ سلوكي تنفيذي مهاراتي يؤهلها لإدارة الدولة الحديثة بعد انهيار الديكتاتوية،والبعض الآخر كانت تدخلات أجنبية ،منها مايطمح الى أن يكون العراق منجماً للموارد المبتغاة لها،ومنها ماينظر الى أهمية العراق أن يكون عمقه الستراتيجي ثقافة وإقتصاداً وأمناً.وكانت هذه الإرادات تمارس متبنَّياتها السياسية على ارض العراق تارة بالضغط السياسي والإعلام..وتارة أخرى بالقصف الجوي والمدفعي والإغتيالات للقادة والجنود والضباط والمتطوعين.
وإكتفت الطبقة السياسية في البلاد ببيانات التنديد والإستنكار،بينما إنشغلت الحكومة الإتحادية بفعاليات دبلوماسية باهتة لاترقى الى مستوى الحدث الخادش للسيادة الوطنية.
أما مرحلة إشتداد العنف المتبادل بين المتظاهرين غير السلميين وبين القوات الأمنية فقد كانت مساحة مناسبة لتنفيذ أجندات أجنبية لحرف التظاهرات السلمية المطلبية عن مسارها الذي اراده لها شباب الإنتفاضة والإحتجاجات والإعتصامات المُحِقَّة،وقد تعاملت الحكومة بطريقة لامبالاةغريبة مع أعمال القتل والتخريب والحرق التي طالت ـ إضافة الى مبانٍ ومقرات حكومية وسياسية ـ ممتلكات خاصة ومقرات وسائل إعلام..
وكان من افضعها على الإطلاق الهجوم على مقر عصائب أهل الحق في العمارة وقتل منتسبين(أحدهم مريض مسجى على نقالة في سيارة الإسعاف أعزل من السلاح) والتمثيل بجثثهم بطريقة وحشية جداً..وقتل شاب دافع عن عائلته من الإعتداء من قبل الخارجين عن القانون ثم تعليق جثته بعمود الكهرباء والتمثيل بجثته بحضور حشد من المتظاهرين الشبان وهم فرحون ويلتقطون الصور ومقاطع الفيديو التذكارية لهذا المشهد المرَوِّع في ساحة الوثبة في بغداد.
وإستمر مسلسل التخريب والتقتيل من جانب المتظاهرين باتجاه القوات الامنية وحرق مقرات للحشد الشعبي صاحب الملاحم البطولية في القضاء على الإرهاب الوهابي الداعشي،كما حصل في الناصرية،وقابل ذلك عدد من أعمال التقتيل والإشتباكات الغادرة والقنص المتعمَّد الذي مارسته جهات مجهولة،كان آخرها يوم أمس فقط ما أعلنته عمليات بغداد من إصابة ضابط وخمسة منتسبين بهجوم مسلَّح نفذته مجاميع داخل التظاهرات في ساحة التحرير، مازالت الدوائر الأمنية والإستخبارية والقضائية في العراق لم تتوصل الى معرفة مرتكبي تلك الإعتداءات لمحاسبتهم وفقاً للقانون..أو حصلت المعرفة وتم تكتيم وتعتيم المعلومات.
لقد إستبشر الكثيرون من العراقيين بولادة حكومة جديدة،بعد إستقالة الحكومة السابقة،علقوا في جيدها آمالاً للخروج بالبلاد من أزماتها المتراكمة،لكننا تفاجأنا بأن رئيس مجلس الوزراء الجديد قد اصدر أوامر تفوح منها روائح الإرتباك والتسرع وعدم الرجوع الى ذوي الإختصاص لإستشارتهم ،وقبل إصدار الأمر الديواني الأول رأينا السيد رئيس الوزراء الجديد يتعهد بملاحقة قَتَلَةِ المتظاهرين،وهم عراقيون يستحقون الكشف عن من قتلهم وهم كانوا في حالة السلمية والإحتجاج المشروع..
لكننا لم نسمع منه ولو إشارة لقَتَلَةِ ابناء القوات الأمنية وحراس بعض المكاتب الرسمية للحركات السياسية المجازة رسمياً.
أظن أن رئيس مجلس الوزراء في العراق هو لكل العراقيين وليس للمتظاهرين على إختلاف توجّهاتهم (الوطنية السملية المطلبية المشروعة)أو(العنفية الإنتقامية المدفوعة من الخارج علناً وإعلاماً).
لقد أمر السيد رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بمهاجمة مقر حركة سياسية مسلحة في البصرة أُطلِق منه الرصاص على متظاهرين وإعتقال مَنْ كان في المقر من حراسه دون أن يطلع الرأي العام العراقي على تفاصيل العملية وحيثيات الموضوع من حيث دواعي إطلاق النار على الأبرياء ومن حيث مبرر ودواعي وجود المتظاهرين في حدود هذا المقر وبالقرب منه.
وقد فاجأنا السيد رئيس مجلس الوزراء بإصداره الأمر الديواني رقم (1) في الأيام الأولى لتسنُّمِه المنصب المتضمن إحالة الحكومة السابقة برئيسها ووزرائها الى التقاعد، وهنا نتساءل باستغراب شديد،كيف يحال الى التقاعد من إستقال فعلاً ورسمياً بموافقة رئيس الجمهورية على طلب إستقالته وفق المرسوم الجمهوري الذي يحمل الرقم (٧) في الأول من شباط الفائت الذي تضمن قبول استقالة حكومة عبد المهدي متضمناً عبارة " ونظراً لتقديم حكومة السيد عادل عبد المهدي استقالتها وقبولها من مجلس النواب" أي أن الإستقالة مكتملة الأركان الدستورية ،فكيف يُحالُ المستقيل الى التقاعد ..؟؟
ورَبَّ قولٍ أنفذُ مِنْ صَوْل!
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)