المقالات

إسرائيل مِنَ المُحرِّك الستراتيجي العالمي إلى النِّفايات الستراتيجية  


حازم أحمد

 

الإمام روح الله الخميني

وتنظيم إيقاع الأفول الإسرائيلي على إيقاع البزوغ الإسلامي

 

هو ذلك العارف المُحارب، الأول في التاريخ الذي تمكَّنَ أنْ يخطو في جلباب علي (عليه السلام)، لا يُشَقّ له غُبارٌ، ويَشُقُّ كُل غُبارٍ.

كانَ، وكانت الأرضُ تدور باتجاه الظالمين، ومُسَنَّنات عجلاتها على أجساد المظلومين يحملونها كرهًا، ولأنّه العارف المُحارب كان لا بد من إبطاء حركتها؛ فضبَطها على رنّات خرز مسبحته آناء التسبيح وأطراف القيام، فتباطأت حركة الأرض حتى سَكَنَتْ ووصلت الصِّفر في لحظة انتصار ثورته المباركة؛ ثُمَّ بدأت تدور للاتِّجاه الآخر حيثُ أشار إليها.

تغيَّرَت بوصلتها من العالم المتوحِّش، ومن التفرُّد بالكلمة والنفوذ ومصادر القوة، ومن قصور القاهرين والجبّارين إلى (الإنسان) الذي كان يجرّ ويلاته خلفه: القهر، البؤس، المظلومية، التيه الذي يبتلع تيه سيناء، الضعف، الاستعباد...

كان روح الله الخميني قد جَبَرَ جذع الحرية المكسور فاستاقمتْ نخلةً لامستْ يد الله العليا.

هو إحياءٌ لمدرسة عرفانية كانت انطفأت بعد عهد عليٍّ والحسين (عليهما السلام)، العرفاء الذين جاءُوا بين العهدين ما كانوا محاربين، ولا شأن لهم في إقامة حكم جديد؛ كانوا منشغلين ومنقطعين مع الله سبحانه فهذه مدرستهم، وهم فيضٌ إلهي بين الناس حتمًا، لكن روح الله كان له رأي آخرَ في العرفان؛ لم يكن تقليديًا، ولم يعِش حالاته الفردية سموًّا في مقامات العرفان المتوهِّجة في الملكوت إلّا ليتدفَّق ذلك الفيض في قلوب الناس، ليفرض معادلات التنزيل الحكيم في الأرض، ويهزم معادلات الجبّارين، وينتصر للإنسان ووجدانه وضميره؛ لأنّ الأصالة (ونفختُ فيه من روحي) روح الله الخميني كان العارف المحارب، والعارف المقدام، والعارف الثائر.

وانتفض الاستكبار الذي فهم معادلة تنظيم الإيقاع الإسلامي الثوري وشروقه وبزوغه على ضرورة الأفول الإسرائيلي، وكُلَّما رُسِّخَتْ مبادئ الثورة الإسلامية أكثر ازداد مؤشِّر الأفول الإسرائيلي.

شخصيات وقيادات فلسطينية ولبنانية ومصرية تقحَّمَتْ المعترك بجرأة وضراوة، وحركاتٌ مُقاوِمة أُسِّسَت: حركة الجهاد الإسلامي، حزب الله... وظل هذا الإيقاع منضبطًا على الآلية العكسية بين صعود قيم الإسلام وأخلاق محمد (ص) وإقدامِ علي (ع) وبين مضاعفات عوامل الأفول الإسرائيلي وبوادره وسيره نحو الاندكاك.

ومسكَ الرايةَ الإمامُ علي الخامنئي الذي لا يقل حضورًا في عالمي المادة والملكوت عن روح الله، واستمر تدحرُج الانتصارات حتى طرد الإسرائيليين من الجنوب اللبناني عام 2000، والعمليات النوعية الفلسطينية ضد الاحتلال؛ انتقالًا من سلاح (الحجارة) إلى (صواريخ) فجر والقدس والقسام 1,2,3، بواسطة التنظيمات العسكرية الفلسطينية المدربة:

سرايا القدس، القسام وغيرها من الأجنحة العسكرية، وصولًا للضربة الصاعقة على رأس إسرائيل بحرب تموز 2006 ضد حزب الله وانهزام الجيش الإسرائيلي شرَّ هزيمة تحت النهج العالي والتفوّق والمفاجآت لدى حزب الله مثل:

شلَّ السلاح البحري الإسرائيلي في أول محاولة للفرقاطة الإسرائيلية (ساعر 5) عندما دخلت موج المتوسط ونالت مضادًا قاتلًا من رجال حزب الله أصابها في مقتل فانسحبت، ودبابات (الميركافا) التي صَنع منها حزبُ الله أضحوكةَ الدهر، والعمليات النوعية (200x20) عشرون جنديًا من حزب الله ضد مئتي جندي إسرائيلي والنصر لحزب الله، وصواريخ الحزب التي تطال حيفا وما بعد حيفا!.

هكذا الحال حتى حُوصِرَت إسرائيل من مسافة (صفر) في سورية من قبل محور المقاومة:

الجيش السوري الذي ستسانده اللجان الشعبية السورية، حزب الله، الحرس الثوري، فصائل المقاومة العراقية، الحركات والفصائل الجهادية الفلسطينية.

التغييرات العالمية الحاضرة اليوم بالملفات الأهم: الجائحة، الأزمة المالية، هبوط أسعار النفط...

هذه التغييرات ألقت بثقلها على قلب أميركا وتكاد تقطع أنفاسها.

أميركا خسرت المنافسة في النفط والغاز الصخري ضد النفط والغاز الروسي في أوروبا، وخسرت مكانتها في (15%) من منتوج النفط العالمي، وتخسر أميركا سيادتها وثقلها وميزانها العسكري الستراتيجي في بحار الصين وغرب المحيط الهادئ، أميركا تُخفِّض قواتها في (غرب آسيا): السعودية، قطر، العراق، سورية، مصر...  تاركة إسرائيل تُقلِّب وجهها على حائط المبكى.

الهمَّ الأميركي ينتقل بالضرورة إلى بحار الصين الجنوبية والشرقية، والمعركة القادمة عاجلًا هي هناك.

إسرائيل تحوَّلَت إلى نفايات إستراتيجية لا بد مِن طمرها، فهي تحاول جرَّ الأميركي إلى الحرب من خلال استفزاز سورية ولبنان والعراق؛ ولكن المقاومة تفهم جيدًا هذه الأفخاخ، لذلك تستمر المقاومة باستنزاف إسرائيل وتُفرِغ منها الدماء حتى يضمحل دماغها بسبب نقص الأكسجين؛ ومع الرحيل الأميركي والتورّط في بحار الصين تدقّ ساعة الصفر والحسم والنصر فيبدأ الهجوم الستراتيجي من قِبَل محور المقاومة لتحرير قدس الأقداس، والهجوم هو الصعقة الكهربائية الأخيرة لقلب إسرائيل لتشهَق ثم تفارق الحياة غير مأسوف عليها.

والحمد لله ربِّ العالمين

___________

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك