ضحى الخالدي ||
منذ ليلة الأمس، و مواقع التواصل تعج بالرفض و الاستهجان و الشجب و التنديد لما عرضته قناة mbc السعودية من إهانة و اتهام لشخص القائد الشهيد المهندس بتفجيرات السفارة العراقية في بيروت عام ١٩٨١.
ان المنشورات العاطفية لا تجدي في حل مثل هكذا أزمة تلم بالجمهور العراقي و تعصف بذائقته.
هكذا عمل استفزازي استلزم تخطيطاً بارعاً و مخاطبةً ذكية لذهنية المتلقّي؛ مما يعني ان الاستجابة لهذا الاستفزاز يجب ان تكون من جنس العمل.
لو أن هكذا استفزاز قد استهدف جمهور المقاومة في لبنان لربما كانت الاستجابة مختلفة و لوجدناها ساخرة بدل ان تكون غاضبةً. لأن الوعي الاعلامي لجمهور المقاومة هناك هو وعي ناضج.
و كي نحافظ على السيرة الناصعة للقادة من التشويه و التلويث نحتاج الى وعي اعلامي شعبي ناضج يزيد الالتحام بين المقاومة و جمهورها.
كيف يمكن لي أن اقنع متلقيّاً ما (الجمهور)بحقيقة أحداث مرّ عليها قرابة الأربعين عاماً، فيما أن المرسل نفسه (الاعلامي) يتخبط امام وثيقة مسرّبة عمرها أربعة اشهر؟
يوم 15 كانون الاول ديسمبر ١٩٨١ تم تفجير السفارة العراقية في بيروت على يد البعث الكافر لغرض صناعة الشهداء، و تم إلقاء التهمة على حزب الدعوة الاسلامية في العراق.
الشهيد القائد المهندس له الفخر في أن يوضع على لوائح الا رهاب الاميركية منذ ١٩٨٣ بسبب تفجيرات السفارتين الأميركية و الفرنسية في الكويت في 12 كانون الاول/ ديسمبر ١٩٨٣، و لم يتورط في تفجير السفارة العراقية في بيروت قبلها بعامين.
اما قضية الوثيقة المسربة، فخلال الايام القليلة الماضية طفت على السطح في عدد من المواقع وثيقة مسربة قديمة مؤرخة في 13 كانون الثاني ٢٠٢٠ يفترض ان تكون صادرة من البنتاغون و تضم أعداد الخسائر البشرية و المادية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على القوات الاميركية في قاعدة عين الأسد العراقية.
الغريب ان اي مراسل او اعلامي او صحفي او باحث مختص بالشؤون السياسية او العسكرية او الأمنية يعلم ان هذه الوثيقة ظهرت في تأريخها، بل و ان الجمهور المتابع بوعي للأخبار يعلم بأمرها، و قد أُشبعت بحثاً و تحليلاً و تقصيّاً ما بين مشكك في تفاصيلها و ما بين مشكك في صحة صدورها، و ما بين مصادر تتكتم عليها، و ما بين مصادر تنفي صدورها اصلاً، كل ذلك تم مناقشته قبل أربعة اشهر في الفضائيات و على مواقع التواصل الاجتماعي.
الغريب ان تطفو على السطح الآن
ما الغرض من ذلك؟
هل هي طُعم تم إلقاؤه من الإعلام المعادي لحرف الانتباه عن مواضيع اهم؟
ام انها محاولة من صحفي مغمور لتحقيق سبق صحفي على انقاض موضوع قديم؟
انا اهيب بكل ابنائنا و بناتنا جمهوراً و إعلاميين ان يكونوا على مستوى من الوعي و المتابعة للأحداث بحيث يمحّصوا الأخبار قبل التسليم بها، و إن ضاقت بهم الحيلة عليهم طلب المشورة من المختصين ذوي الخبرة بدل الانصياع دون تمحيص لتوجيهات مَنْ يسيطرون على مؤسسات العراق الاعلامية و يسيرون بالإعلاميين الشباب و بالوعي الجمعي للجمهور نحو الهاوية.
على هذا المستوى من الذاكرة العراقية سيأتي يوم على شيعة السفارة ينبشون قبره كما نبش التكفيريون قبر حجر بن عدي في سوريا، إذ لم يكفهم تمزيق صوره و حرقها، و منع تشييعه في الناصرية فلم تتبرك بجنازته.
لا أبقاني الله لذلك اليوم.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha