ضحى الخالدي ||
وصايا تكتوك إيمره و سلوك يونس إيمره يشبهان الى حد كبير ما نقرأه عن وصايا و سيرة القديس فرانسيس الأسيسي.
كان من سمات فرنسيس الأسيسي الافتخار بالجهل و الأمية و الدعوة لترك العقل و هجر التعاليم الفقهية و عدم الاهتمام بأي من أمور البلاد و العباد، و الاكتفاء بالتبشير بالحب الإلهي و الصلاة و البكاء و الدموع، و الاعتكاف و السير حافياً اثناء رحلات التبشير بالحب التي يرافقها الرقص و الدوران في شوارع المدن و القرى و في الغابات. و هجران الاستحمام و النظافة حتى تفوح رائحة الجسم الكريهة كنوع من التواضع و الزهد، و ملامسة المجذومين و تقبيلهم.
باختصار هو نوع من الدروشة الخطيرة التي تُغري بمصطلحات الحب و العشق الإلهي المستلهمة من الطبيعة لا سيما على ألسنة الحيوانات و الطيور و كأننا في عالم كليلة و دمنة.
و تحت هذه المسميات تتغلغل الى مجتمعنا العديد من العقائد الفاسدة و السلوكيات المغلوطة.
صحيح ان الرسول الاكرم صلى الله عليه و آله و سلم كان يطيل السجود ليبقى الحسين راكباً على ظهره، و صحيح انه كان يحب الاطفال و يقول عنهم انهم يذكّرونه بالآخرة حيث يجلسون على الارض و يبنون و يهدمون و يكثرون البكاء.
لكن ليس معنى هذا ان يدور الانسان في الشوارع و يلاعب الاطفال و يبقى دائراً حول نفسه و راقصاً و مغنياً أشعار الحب الإلهي.
كان إمامنا الجواد عليه السلام في طفولته يثير حفيظة خلفاء بني العباس و علمائهم بهدوئه و انعزاله عن بقية الاطفال و هم يلعبون.
ليس الدين و الحب الإلهي ان لا نهتم لأمور البلاد و العباد و يغزونا الغرب يوماً، و التكفيريون يوماً آخر،فمن بات و لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.
نحن أُمة إقرأ فلا يتلاءم معنا الجهل و الأمية و التفاخر بهما؛ كان الحسنان يعرضان خطّيهما على رسول الله ليحكم بينهما من خطّه أكمل و أجمل.
ان نفقد الذاكرة و لا نعرف شيئاً يعني ان ننسى المقابر الجماعية و الاحتلال و سبايكر و نمحوهما من الذاكرة على سبيل المثال.
أن نبتعد عن النظافة بحجة الزهد، و عدم التحرّز من ملامسة المرضى يعني ان نساهم عن جهل بانتشار الأوبئة، فهل هذا ما يقربنا من الايمان الذي من علاماته النظافة؟ او ليست مسؤوليتنا تجاه الأمة حمايتها سواءً من سيوف الأعداء او من نوائب الزمان؟
أليس واجبنا الاهتمام بالمحتاجين؟ ام ان الانعزال عن المجتمع هو من يحل مشاكل الناس؟
لولا ذلك لما كان القابض على دينه آخر الزمان كالقابض على الجمر.
تسلل هذا السلوك الصوفي تحت مسميات العشق الإلهي و أشعار الحب يطابق في أهدافه بدعة المراقد المزيّفة التي ظهرت لتبعد الشيعة عن أئمتهم زيارةً و اعتقاداً بحجة المَعاجز الغريبة و الاستجابة السريعة، بالنتيجة يبعد سلوك الدروشة الانسان عن الاقتداء بسيرة الرسول الاكرم و الائمة المعصومين، و عن الاهتمام بقضايا الأمة.
أنا أعرف طريقاً واحداً للعشق الإلهي هو طريق الحسين الذي ما خرج أشراً و لا بطراً لكنه خرج للإصلاح في أمة جده رسول الله، و للسير بسيرة جده و أبيه.
ربما يعترض معترض ان في كلام الدراويش العديد من النكات اللطيفة و الحكم العظيمة و اننا على مستوى من الوعي الذي يجعلنا نميز الغث من السمين و لن نتأثر ببواطن دعواتهم المغلفة بزخرف القول، لكن الجواب على ذلك يكون بأنك اذا ادّعيت إحراز المناعة الذاتية لنفسك فعليك ان تهتم لأمر ملايين المسلمين غيرك، و الذين لربما لا يمتلكون مناعتك، فمن واجبك حمايتهم و توعيتهم و تجنيبهم ما يشوّه أفكارهم.
هذه مسؤوليتنا تجاه الأجيال
نحن لا نكفّر الصوفية و لا نهاجمهم "كل نفسٍ بما كسبت رهينة" و الطريق الى الله بعدد أنفاس الخلائق
لكن من واجبنا حماية مجتمعنا الإمامي.
يذكرني مسلسل على طريق العشق، بعرض إحدى قنوات المقاومة قبل عامين لمسلسل فلسطيني؛ الهدف كان نبيلاً للتعريف بالقضية الفلسطينية و التعاطف معها و التهيئة للمشاركة الواسعة بيوم القدس العالمي؛ لكن في وسط جمهور شيعي مجروح من قرابة الف انتحاري فلسطيني كيف يمكن لنا إقناعه بأنهم لا يمثلون غالبية الشعب الفلسطيني فيما المسلسل تغلب عليه النزعة السلفية هيأةً و ازياءً و مسمياتٍ و أفكاراً ، و يصوّر الخائن العميل للصهاينة بهيأة رجل مشذب اللحية قصيرُها، و اسمه (أبو حسين)؟!!!!!
لقد وقعنا جميعاً في الفخ.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)