المقالات

فنوننا عين سياستنا  ...! الحلقة الثانية  


محمد علي السلطاني ||

 

تطرقنا في المقال السابق الى الارتباط الوثيق مابين السياسة والفن ، تلك العلاقة التي تضرب بجذورها في القدم ، اذ من الصعوبة بمكان ان ترجح ايهما قد سبق الاخر في نشأته  السياسة أم الفن .

وهنا نود أن نعرج نحو واقعنا  العراقي ، حيث كان الفن اداة مطواعة بيد السلطات والانظمة الدكتاتورية ، التي جثمت على صدر البلاد وتعاقب جورها عليه .

فمن ظلم بني امية وما سبقه الى جور بني العباس وما بعده مرورا بحكم الترك وصولأ الى دكتاتورية النظام البائد ، كلها انظمة جور، وظفت الفنون والاعلام لدعم سلطاتهم وبث الفرقة في نسيج

المجتمع . 

 لقد ادرك نظام الحقبة السوداء  ، بوقت مبكر اهميه توظيف الفن ، لتسويق مفاهيمه الخرقاء  وترسيخها في المجتمع ، لخلق عادات وثقافات جديدة بعيده عن قيم هذا الشعب الاصيل ، بواسطة  مشاريع ممنهجه تقلب الحقائق ، وتشوه صورة مكونات معينه وتوهنها ، فكان للشيعة ومدنهم النصيب الاكبر منها .

 لذلك تظافرت جهود  السلطة وبشكل حثيث، الى خلق ماكينات إعلامية متخصصة يسندها جيش من المطبلين ، لخدمة مشاريع السلطة  واهدافها وتلميع صور وجرائم النظام البشعة لخداع الرأي العام ...!

 رافق ذلك عمليات منع وتضييق شعواء ،لوسائل التثقيف ومراكز الاشعاع الفكري في النجف الاشرف وبغداد وغيرها ،مع قتل وسجن وتهجير لرموز الثقافه والفن الذين لاتنسجم توجهاتهم مع توجه الدكتاتور ونهجه السقيم  .

ولنستذكر احدى مؤسسات النظام المقبور الاعلامية ( قناة الشباب ) تحت قيادة المقبور عدي ، اذ كانت احد أهم منصات اعلام السلطة، التي تمارس الكذب والتظليل والخداع الممنهج لخلق رأي يهدف الى تدعيم اركان السلطة ، وهكذا نلاحظ كيفية اهتمام ذلك النظام في الفن وتوظيفه لصالح سياسته،

وبعد زوال تلك الحقبة ، كان للأعلام المعادي للتغيير دورا فعالأ وواضحأ  في المعركة وفي معاداة التغيير الذي كسر المعادلة الظالمة ، اذ تسابقت مؤسسات الاعلام والفن ، النظيرة لذات الايديولوجية والتوجه السياسي للنظام المقبور ، الى خلق ماكنات إعلامية ضخمة، تدعمها اموال دول الخليج، تحت اشراف وادارة شخصيات ورموز كانت الذراع الأيمن لنجل الطاغيه عدي ،المعروف باشرافه على منظومة الاعلام والفن السلطوية ان ذاك  .

حيث لاننكر انها شغلت مساحة واسعة من التأثير والمتابعة ولعدة اسباب ، اهمها انها ورثت اعلام السلطة التي حكمت البلاد وعزلته عن العالم لعقود ، عملت فيها الى تشويه وتخريب قواعد السلوك والتفكير في العقل الجمعي العراقي ببرامج غسيل الدماغ الممنهحة التي روجتها مؤسسات الاعلام والفن السلطوية ، وبالتالي تمكنت من افساد الذائقة الاعلامية للمتلقي ، مما مكن فنون واعلام  التدليس والخداع من تغلغلها مجددا في الاوساط الاجتماعية ، وبالتالي إيجاد لها مكانة مؤثرة في صناعة الرأي العام ، في قلبها للحقائق، وجعل الحق باطل والباطل حق والفاسد صالح والعكس صحيح  ..!

في المقابل اهمل الاعلام الرسمي للدولة المسؤول الأول في دعم برامج التغيير  ، يسانده جيش من فضائيات القوى السياسية المؤمنه بالعراق الجديد هذه الجنبه المهمه ،  تاركأ الساحة مفتوحة أمام الاعلام الاصفر يلعب كالفأر في اذهان الاجيال التي نشأت بعد التغيير ، ولم تدرك ارهاب النظام المقبورة ، واظلم والبطش الذي كانت تمارسه اجهزته القمعيه ضد ابناء المجتمع ، فلم نلحظ عملأ فنيأ يكشف بشاعة ومأساة المقابر الجماعيه ، أو الكيفية التي اعدمت فيها النساء والاطفال و الشباب الشيعه خصوصا وغيرهم من الابرياء امام انظار ذويهم في وسط الاحياء ، وحقارة النظام الذي ياخذ مبلغ الرصاصات التي قتلت الابناء من اهلهم ...!

 كما لم نشهد عملأ فنيأ يصور  فاجعة حلبجه المروعه ، أو الكيفية التي حرقت فيها اكواخ الفقراء على رؤوس ساكنيها في الاهوار ، أو كيف قصف جيش المقبور الاضريحه المقدسة للأمام الحسين واخيه قمر العشيرة، وامطر صواريخه البالستيه على مدن الابرياء ... !

 وصولأ الى ملحمة الوجود الكبرى في معركة العراقيين مع الارهاب ، والتي نبهت المرجعية العليا ، واكدت بوقت مبكر على ضرورة التوثيق الاعلامي والفني لهذه البطولات، ادراكا منها لأهمية هذا الجانب في حماية الانجازات من عبث اعلام العدو .

ان قصص الفداء والتضحية،  والمواقف البطولية و الانسانية، وقيم الفروسية التي اظهرها المجاهدون في معركة الشرف، والانضباط بقواعد الاشتباك، وفق المنظور الإسلامي الذي حددته توجيهات ووصايا المرجعية ، كل ذلك كان ولايزال بمقدوره، أن يرفد الفن و الدراما العراقية والعالميه بمئات الأعمال الفنية ،ذات المشاهد الحقيقة التي تظهر للأجيال حقيقة المعركة وبطولات فرسانها ، وبذلك نحفظ تاريخنا واجيالنا من العبث ولتدليس .

نعم .. بات التقصير الفني لا يمكن السكوت عليه ،ان كان من مؤسسات الدولة الفنية ، أو المؤسسات التي تشارك الابطال بالفكر والعقيدة، بعد أن اخذ اعلام الكذب والنفاق ينال من ابطال هذه المعركة، فهل سنشهد قريبا ثورة عراقية في فن المقاومة ترفع شعار فننا عين سياستنا .

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك