محمود الهاشمي ||
لا نريد ان يكون (يوم القدس العالمي) مجرد يوم مثل باقي الايام التي نكرر احياءها تذكيراً عابراً ، أو نشاطا نقيمه هنا وهناك ، بل هو يوم من ايام الله التي تتجلى بها معاني الروح الجهادية في مقاومة الاحتلال الصهيوني لأرض المقدسات في فلسطين ، وكلما تعاقبت الايام على الذكرى الاولى لإحياء يوم القدس العالمي قبل (40) عاما كلما شعرنا بالقوة والمنعة والحفاظ على العهد في ان امتنا بخير ، فما زالت (تقاتل) ومازالت حية نابضة بالحياة والعمل على مقارعة الظلمة والظالمين.
ان جميع الاجراءات التي دعت لها امريكا اتجاه القضية الفلسطينية ودعم الكيان الصهيوني ، هي اجراءات تنم عن قلق وشعور بالهزيمة امام الواقع الميداني ، وهي اجراءات صورية ودعائية ، لا تمت للواقع بصلة حيث شهد عام 2019 وما تبعه من اشهر وايام وصولاً الى يومنا هذا ، العديد من المؤتمرات والورش والدعوات الى التطبيع ، وضم هذه الارض وتلك المنطقة الى اسرائيل سواء في الجولان او الضفة الغربية او الغور ، لكنها مجرد دعوات امريكية ليس هنالك من يؤيدها ويدعمها ، وليس لها غطاء دولي ، فالعالم بأجمعه لا يقبل ان تكون القدس عاصمة لإسرائيل ولا ضم الجولان و لا البعض من اراضي الضفة ، وان سعادة اسرائيل في الاعلان الامريكي محصورة في حدود مجريات الانتخابات الاسرائيلية او الامريكية ، بل غالبا ما تهاجهما الصحف العبرية والامريكية نفسها وترى الحديث بها ، مجرد لإثارة المشاكل مع الاخرين .
الاعلان عن (صفقة القرن) وبعض الاجراءات التي يتم الاعلان عنها لم تلق اي اذن صاغية ، فلا يمكن للشعب الفلسطيني ان يبدل ارضه باي ارض اخرى ولو كانت من ذهب وفضة ، لان الامر لا يتعلق بمساحة وجغرافيا انما في قضية امة لا تقبل المساومة والبيع والشراء !
ان جميع دعوات السلام التي تم الاعلان عنها ، خلال فترات مختلفة من الصراع مع العدو الصهيوني ظلت مجرد دعوات واوراق ومفاوضات ، وان اسرائيل لم تكن يوماً داعية للسلام ، بل ترى في السلام مشروعا لا يطابق اهدافها واستراتيجيتها ، فهي (كيان حالم) يريد ان يقضم اراضي ابعد من مساحة فلسطين ، ويسعى الى ابادة الشعوب ليستولي على ثرواتها ، لذا غالباً ما يتم الاعلان من قبل الجهات التي تفاوض اسرائيل بعد حين ( ان اسرائيل غير ملتزمة بتعهداتها) وتلك الحقيقة وواهم من يتصور ان اسرائيل (راغبة بالسلام) .
قد يبدو مشهد الامة وهي تعيش حالة من الفوضى السياسية بعد (الربيع العربي) وانشغالها في يومياتها ، وقد تبدو علامات الحصار على دول المقاومة والممانعة ظاهرة ومؤثرة ، ولكن الجميع يتفق ان الحرب مع الصهاينة لا يقف عند حدوده العسكرية ، وان اسرائيل تتآمر وتخطط لغرض اطالة امد وجودها على ارض فلسطين مدعومة من الولايات المتحدة وبعض دول الغرب انما الاهم ، اننا نشهد تراجعا كبيرا في عدد الدول التي تؤيد الوجود الاسرائيلي على ارض فلسطين ، حيث ان جميع القرارات التي اتخذتها امريكا لصالح اسرائيل لم تلق التأييد الدولي لا من المنظمات الدولية ولا في الاوساط الرسمية والشعبية ، ودليلنا ، في عدد الدول التي حضرت مؤتمر وارسو وورشة البحرين وغيرها ، لم تتوقعها امريكا نفسها الداعية لذلك ، حتى ان ورشة البحرين لم تحضرها الجهات ذات الشأن (فلسطين واسرائيل)..
لا شك ان الضغوط الامريكية على دول المقاومة كبيرة لكن (المقاومة) اكثر تأثيراً والدليل ، ان جميع المخططات التي سعت لها اسرائيل وامريكا ودول (التطبيع) باءت بالفشل ، وما زالت اسرائيل تعيش حالة الرعب والخوف ، بل ان هناك من تنبأ من الصهاينة ومن مفكري الغرب بزوال اسرائيل خلال العشرين سنة المقبلة ، لتراجع الدعم الدولي لها وتنامي حالة الوعي لدى العالم ان هذا الكيان حالة طارئة حتى يزول ..
ما قام به امراء وملوك بعض الدول الخليج من المحاولة لإجراء (التطبيع) مع الصهاينة ، بقي في حدود (الدعوة) فقد جاءت ردة الفعل الشعبي والديني اكبر من ذلك ، حيث احتشدت سجون المملكة السعودية بالمئات من الدعاة والمفكرين الذين رفضوا هذا المشروع واعتبروه تجاوزا على الدين وعلى قيم الامة ، ومثل ذلك في البحرين والكويت وغيرها ، وسوف يلقى دعاة (التطبيع) ما لقاه من سبقهم في السادات ومؤيديه ، من القتل على ايدي شعوبهم..
ان ما يلقاه الشعب الفلسطيني في تعسف واعتداءات وتجاوزات يجعلنا جميعا امام مسؤوليته تأريخيه ان نقف امام هذا (مشروع الاغتصاب) والتجاوز على المقدسات ( فالقدس لنا و البيت لنا) وان الاذان يرفع في المسجد الاقصى والاجراس تقرع ومعنا كل اصحاب القيم الرفيعة في العالم ، وستبقى المقاومة هي الطريق الوحيد الذي يحرر الارض والانسان ، وان دماء الشهداء على هذا المبدأ هي عنوان وجودنا وصبرنا وصمودنا ، ولا نرى في احياء يوم القدس الا واجباً شرعياً وانسانياً ، فدعوا الشعب الفلسطيني يسمع هتافنا ويرى حضورنا ومناصرتنا للقضية ..
و لا بد ان نؤمن بما آمنت به قيادات الجهاد وعلى رأسهم سماحة الامام القائد الخامنئي ان اسرائيل زائلة وان امريكا في طريقها الى الانهيار...
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha