محمود الهاشمي
مجرد ان تطالع مقال السيد رئيس الوزراء (مصطفى الكاظمي )الذي تم نشره في ثلاث صحف عراقية ،تدرك تماما ان الرجل ،كتبه باتقان تام ،وردة فعل على حزمة من المصدات والتحديات ،وانه بين ورطة السلطة وبين ان يجد سبيلا للحل !!
ان اول سابقة تم الاعلان عنها من قبل مجلس الوزراء هي طمأنة موظفي الدولة على استحقاق رواتبهم لشهر ايار !!
لم يسبق لمجلس الوزراء ان اصدر مثل هذا القرار !! فموظفي الدولة يستلمون رواتبهم منذ زمن الدولة العثمانية وحتى يومنا هذا دون الحاجة الى قرارات ولكن هذا الامر يجعلنا ندرك حجم الحرج الذي يمر به مجلس الوزراء
وحجم التورط بالسلطة في ظل هذه المعجزات وحلولها !!
دعونا نتوقف عند اسباب المقال الذي تذيل بالجملة الاتية (او الذهاب الى الفوضى )
وتكرار (لابد من التعاون ) و(ماتعلنه الكتل السياسية غير ماتسره)
فاسباب المقال نحن نعلم بعضا والبعض الاخر لايحتاج الى علم لان جميع من سبقوه واجهتهم ذات المواقف !!
السيد عادل عبد المهدي انتقدناه كثيرا لانه اختفى شهرا بعد منح الثقة له ،وخرج لنا بكابينة بالتشاور مع الكتل السياسية مشبعة بالطائفية والتوافقية ،وحين اكتشف حدة النقد فتح باب الترشيح للمناصب عبر الانترنيت كمن اراد ان يقول (انتم في وهم ولاخيار سوى طريق التشاور مع الكتل السياسية لانك ستجد نفسك وحيدا دون ادنى تعاون ) الكاظمي في اجتماعاته مع مجلس الوزراء بات يشعر بالغربة لان وزراءه يتلقون توجيهات قادة كتلهم وليس توجيهاته ،وانهم ممثلون لاحزابهم ليس الاّ ،ومن لديه رغبة بتغيير بالوزارة للصالح العام ،واجهته المافيات المرابطة بالوزارة منذ الازل ،وهؤلاء ما ان يحسوا بالمداهمة حتى يتصلوا بقادتهم لتبدأ التحذيرات والتهديدات واقلها تهم بالفساد وسحب الثقة ،فيما وزراء اخرون سارعوا الى استبدالات الحسن بالسيء وليس لرئيس الوزراء من سطوة عليهم !!
الذين استقتلوا لغرض ترشيح السيد الكاظمي
وتكليفه واستخدموا كل ادوات الضغط لدرجةٍ انهم خرجوا عن الاجماع الشيعي وانتصروا للارادة الاميركية علنا في الحوارات وان احدهم عندما ذكروه ان السيد الكاظمي (اميركي الهوى) قال :-ولذلك انا مصر على ترشيحه !!
هذه الكتل الشيعية (الثلاث)التي انفصلت عن (البيت) تريد ان تجعل من الكاظمي موظفا عندها تأمره حيث تشاء وترغب ،وليس على مستوى امتيازاتها الخاصة وكفى بل التدخل في خيارات الكتل الاخرى والثأر منهم !!
الكتل الكردية ترى في حكومة عبد المهدي خسارة كبيرة لامتيازاتها ،وتتمنى ان يفشل الكاظمي ليس لانه ضامن لمصالحها فقط ،ولكن لازاحة برهم صالح الذي ادركوا ان الكتل الشيعية غاضبة منه ،وتسعى لازاحته ،لذا فان وسائل الضغط التي لدى الكاظمي عليها ضعيفة (جدا) ،وما لدى الكاظمي من (اصدقاء) وهي الاحزاب المنفصلة عن البيت الشيعي (سائرون ،الحكمة ،النصر )لايملكون من عمق او تأثير ولا اوراق للضغط على مسعود ولا على الاتحاد ،ولاسباب معلومة للجميع ،كما ان الاحزاب الكوردية مازالت تؤمن بالاصدقاء التقليديين ،من الشيعة والسنة !
اوراق المتظاهرين باتت محدودة ،لان مرجعياتهم مختلفة ومتناقضة ،وليس للسيد الكاظمي اي وشيجة تربطهم به ،حيث في قمة تصاعد التظاهرات كان الكاظمي يشغل منصبا امنيا (رئيس جهاز المخابرات )وايضا يحملونه مسؤولية مقتل المتظاهرين !!
الكتل الشيعية (الفتح )ودولة القانون والكتل الصغيرة وتوابعها ،رضت في تكليفه على مضض وتجرعت المرارة ومازالت مرارتها في الافواه ،فيما الحشد الشعبي وفصائل المقاومة ترى فيه
خصما وغالبا ماتحمله مسؤولية حادثة المطار
اما الايرانيون فهو ليس خيارهم ولايرون فيه صديقا مهما حاول الدنو منهم!
الاميركان اكتفوا بتأييده ،ثم تركوه لانهم لايريدون ان يذهبوا معه بعيدا لاستفزاز الايرانيين وهم في وضع لايسمح لهم بذلك في ظل وباء كارونا والتأثير الصحي والاقتصادي ،وظل رغبتهم بالانسحاب من منطقة الشرق الاوسط ،ومحاولة الاطمئنان على من يضمن مصالحهم ومصالح اصدقائهم .
الكاظمي ليس لديه اصدقاء سياسيون ،وهذا ماعبر عنه في مقاله ،ومن حوله هم ثلة من الاعلاميين من خريجي معهد السلام الاميركي الذين هم في (القائمة السوداء) لدى عموم الكتل الشيعية ،ولديهم وثائق وسجلات طويلة عنهم وعن مواقفهم ،وهؤلاء لايملكون حرفة السياسة والاعيبها ،اذحتى عندما ذهب ليفاوض بشأن قبول ترشيحه استصحبهم معه ،فكانوا عنصر استفزاز الاخرين مما اضطر لابدالهم ،كما انهم لايريدون ان يذهبوا بعيدا معه ،فقد تتغير اللعبة في اي لحظة ويخسرون الكثير !!
المرجعية الرشيدة ،لم تعول على حكومة الكاظمي ولاترى فيه خيار المرحلة ،وتخشى ان تقول فيه كلمة ايجابية قد تندم عليها لاحقا ،فاكتفت بالصمت !!
العلمانيون الذين تمنوا ان يأتي شخصية قريبة من الاميركان ،ويزيح الاحزاب الاسلامية من الساحة السياسية تفاجؤوا بعدم اتخاذ اي اجراء ضدهم !
الكتل السنية لم تظهر اي تفاعل مع الكاظمي لانها ترى في هذا المنصب ليس من حصتها ،واكتفت بالحصول على امتيازاتها.
بقي السؤال :-ماذا لو احس الكاظمي بالعجز امام سلسلة التحديات ؟ ربما يفر الى الاستقالة !! وعندها نسأل الكتل السياسية باجمعها ؛-هل انتم جاهزون لهذا الخيار ؟
لانعتقد ان الكتل السياسية جاهزة لهذا الخيار ،ومازالت تتربص ببعضها ،وليس هنالك من مستعد بالتضحية ،لانه سيفقد مصادر قوته ويهزم بالانتخابات المقبلة ،ولذا فان الدعوة الى (التعاون) التي طالبهم بها الكاظمي عبر مقاله ،لم تجد اذنا صاغية وكما اوردها هو ايضا !!
لاشك ان لدى الولايات المتحدة ولدى ايران خيارات (اخرى) تبدأ بعد الانتهاء من التفاوض في الشهر المقبل ،والذي من خلاله تتضح الخارطة السياسية للعراق الجديد !!
https://telegram.me/buratha