المقالات

إنعكاس الثورة الاسلامیة علی أهل السنة  


محمد الصحاف ||


تمهيد :

بعد انتصار الثورة الاسلامیة في ایران كان من المتوقع ان تنهض المجتمعات التي لها خلفیات عقائدیة وتاریخیة لتحقیق الثورة لا سیما في بلدان كمصر والجزائر وتركیا التي لها خلفیات نضالیة وتجارب سابقة في الخلافة الاسلامیة بل ان امراً كهذا لم یحدث مطلقا بل شهدت بلدان اخری تمتاز بالتنوع العقائدي وتعدد النسیج الاجتماعي نهضة شعبية وخیر مثال علی ذلك لبنان حیث لقت فیها الثورة الاسلامیة  واسعة

اولاً: تفسیر خصوصیات وصفات الحاكم (اولي الامر):

ان الحاكم الاسلامي في المجتمعات الاسلامیة من منظار الشیعة لیس مسلماً ومؤهلا فقط بل ان العدالة من جملة الشروط اللازم توفرها فیه اذ لا ظروره تستدعي اطاعة الحاكم غیر العادل بل لا بد من الخروج علیه بینما یكتفي فقهاء اهل السنة والجماعة بشرط اسلامه وتسلطه علی المجتمع قهرا عندما تكون اطاعته واجبه علی جمیع المسلمین ووفقا لهذه النظریة فمن الصعب الخروج علی الحاكم الاسلامي لذلك نری ان الثورة الاسلامیة لم تلقی اصداءا واسعة في مجتمعات اهل السنه بل واجهوا الحاكم المستبدین باسلوب اصلاحي

ثانیا: فتح باب الاجتهاد:

كان وما یزال باب الاجتهاد مفتوحا في مذهب اهل البیت(ع) وقد تصدی الفقهاء الذین هم نواب صاحب الزمان(عج) لهدایة الشیعة وارشادهم بینما اوصد باب الاجتهاد فی مذهب اهل السنة والجماعة بعد ائمة المذاهب الاربعة وترك اهل السنة علی حالهم، ان الاجتهاد لدی مذهب اهل البیت (علیهم السلام) یمد ید العون لاتباعه من خلال الكشف عن اجوبة المسائل المستحدثة عبر الرجوع الی فتاوی مرجع التقلید كما ان الاجتهاد یقوم بتوطید العلاقة بین زعماء الدین الذین یحظون بالمشروعیة وبین اتباعهم

ثالثا: استقلال علماء الدین عن الدولة:

یتمتع علماء المذهب الشیعي باستقلال اقتصادي عن الدولة حیث یصرف لها من النذورات والوجهات الشرعیة وكذلك الحوزة العلمیة بینما علماء اهل السنة و خطباء الجمعة حیث یتم تعیینهم من خلال الدولة ویتلقون مقابل ذلك مبالغ مالیة من الدولة لذلك یعد من الصعب التجرد عن الدولة وذلك لیس بالضرورة یرضي الشعب ویراعي مصالحه بینما علماء الشیعه یرتبطون ارتباطا وثیقا بعامة الناس وبالتاكید فان هذه العوائق لاتعني ابدا غیاب الثورة الاسلامیة واثارها عن مبادیء اهل السنة الا ان هذه المذاهب وبسبب فقدانها الیات المجتمع الشیعي نهجت منهجا ثوریا واتخذت خطوة الثورة في الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة وعلی ایة حال فان اثار الثورة الاسلامیة التي تركتها علی تلك المجتمعات تتركز في تعزیز المنهج الاصلاحي من خلال سعي الفئات الاسلامیة عبر الالتزام بالنظم السیاسیة الرائجة الی بسط توجهاتها الاسلامیة والامساك بزمام الحكم مع الحفاظ علی النظام السیاسي وهو الاسلوب الذي اتخذه الاسلامیون في تركیا والجزائر و مع ذلك لا شك ان الاتجاهات الاسلامیة تدین بالفضل الی الثورة الاسلامیة في الجهوریة الاسلامیة الایرانیة عما وصلت له اصداء الثوره الاسلامیة في ایران وكما وصلت الثورة الاسلامیة الایرانیة الی شبه القارة الهندیة وكانت افغانستان قنطرة اساسیة مهمة لانعكاس الثورة الی اسیا الوسطی وفي العقد الاول من الثورة تعرض هذا البلد للاحتلال السوفیتي وفي العقد الثاني شهد اضمحلال الاتحاد السوفیتي وظهور تداعیات الثورة في العالم الاسلامي وابان الثورة الاسلامیة تحرك الشعب الباكستاني تأسیأ بالثورة وقام العسكر بأنقلاب عسكري بقیادة الجنرال ضیاء الحق حیث نادی بضرورة احیاء الاسلام ودفعه إلى ذلك الموقف التحولات الاقلیمیة واحتواء الاسلامیين ان القلق من النفوذ والتأثیر الواسع والعمیق للثورة الاسلامیة اسفر عن ردود فعل منها تأسیس سباه الصحابة واغتیال المسؤولین الایرانین ولقد كانت الثورة الاسلامیة مصدر ألهام لمسلمي جنوب شرق اسیا بعد مضي سنوات طویلة قبل ان تكون نموذجاً أجتماعیاً قابلاً للتكرار وأدی ذلك الی فاعلیة حركة الثورة الاسلامیة في تلك المجتمعات ان أنعاكس الثورة الاسلامیة في وسائل الاعلام في جنوب شرق أسیا أسفر عن تعزیز الشعوب بالهویة الدینیة في أوساط المسلمین والدفع بعجلة تجدید الاسلام في تلك المجتمعات نحو الامام ومن ابرز معالم ذلك تزاید الطلب علی المشاركة في المسائل العالمیة للأمة الاسلامیة أن مالیزیا بالرغم من أعارتها الاهتمام بالأسلام في الحیاة السیاسیة الی جانب القومیة لكنها لم تخفي قلقها بشأن الحركات الاسلامیة وعادتاً ماتتابع سفر زعماء الدین الی ایران بمزید من الحیطة والحذر هذه الدولة أتهمت مجموعة أسلامیة تدعی الارقم بأنحرافها عن الأسلام وحضرت أنشطتها بالرغم من أن مهاتیر محمد رئیس الوزراء السابق كانت له مواقف عدائیة من الغرب مستلهما ذلك من الثورة اسلامیة اما اندنوسیا فانها علمانیة بالرغم من اغلب سكانها من المسلمین وقد راج نوعا من سوء الظن بین اوساط المسؤولین ازاء المسلمین من هنا انتهجت الدولة سیاسة فصل الدین عن الدولة ونوهت بتهدیدات الاتجاهات الاسلامیة وما بات یعرف بالخشیة من الاسلام ومع ذلك فقد سقطت دولة سوهار و مجيء الاسلامیین الی جانب العلمانیین في العهدین الاخیرین كما ان الثورة الاسلامیة تركت بصمتها في تایلندا وما التظاهرات التي اقمیت عام 1990 م بهدف انشاء مسجد كروزه التاریخي الانموذج علی مدی التزام المسلمین بالهویة الاسلامیة وقد اتبعت تایلندا سیاسة معتدلة تجاه ایران بالنظر الی سیاستها الداخلیة وكانت الثوره الاسلامیة انعكاسا علی مسلمي افریقیا تمثل في ظهور جبهة الانقاذ في الجزائر مع ما لها من وجوه مشتركة مع الثورة الاسلامیة شكلا ومحتوی مما زاد في ثقة المحققین والباحثین بطرح هذه الفرضیة وهي ان اثار الثوره الاسلامیة في بعض البلدان كالعراق ولبنان مشهوده وفي بعض اخر لیست كذلك بل تم غرس بذور الثورة في العقد الاول ثم اتت اكلها و ترسخت في العقد الثاني والثالث وفي مصر فقد اخذت مكانة الاخوان المسلمین تتزعزع بعد انتصار الثوره الاسلامیة وانشقت عنها بعض الفئات وانضمت الی فصائل جهادیة مسلحة مما اسفر عن تقرب الاخوان الی الحكومة المصریة ومع اتساع الجهاد الثوري تحت لواء الاسلام كهدف وكوسیلة للنضال راحت بعض الحركات والمنظمات الجهادیة السائره علی خطی الشیوعیة او القومیة او اللیبرالیة تفقد جاذبیتها و تأثیرها فاصابها التصدع والاضمحلال كما ان بعض الحركات نأت بنفسها عن الثورة الاسلامیة مثلما فعلت جماعة طالبان وفي العقد الثاني للثورة استلم عمر البشیر زمام الحكم في السودان واتخذ مواقف اسلامیة مشابهه لایران والاخبار الواصله تؤكد قبول المجتمع السوداني في الثورة الاسلامیة وهذا الامر اصبح ذریعة لمصر وامریكا للحدیث عن مواصلة تهدید صدور الثورة وتعرض مصالهم للخطر وتبریر الضغوط التي یمارسونها وفي الوقت الحالي فان الحزب الاسلامي في السودان قد عانی انشقاقا وتعرض الدكتور حسن الترابي الذي كان یراس المجلس الی الانزواء

هذا البلد ما زال ساحه للضغط الداخلي وساحة صراع لتحقیق الاهداف الاسلامیة والثوریة ومن الظروري الاشاره لهذه النقطة وهي ان هنالك حالات استثناء في مجتمعات اهل السنة وهم مسلمو فلسطین المحتله ولما لم یكن حكام بني صهیون من المسلمین فعنوان اولي الامر حتی في تعبیر اهل السنة لایطلق علیهم لذلك فانعكاس الثورة الاسلامیة على مسلمي فلسطین كان متمایزا ذلك لانهم لم یسلكوا طریق التسویات فحسب وطریق المناهج الاصلاحیة بل توجهوا وساروا في طریق الجهاد المسلح وكما كانت ایران قبل الثورة الاسلامیة من الدول التي اعترفت رسمیا بالكیان الصهیوني و بعد قیام الثورة الاسلامیة اصبحت مركزا للجهاد ضد اسرائیل القلب النابض للمقاومة الاسلامیة ورفع الامام الخمیني بشجاعة وعقیدة راسخة لواء الجهاد الذی نكسه قادة البلدان العربیة بعد امضاء اتفاقیة كام دیفید وبذلك حال دون طمس الهویة الاسلامیة لنضال الشعب الفلسطیني وبهذا النحو تم اغلاق سفارة اسرائیل وافتتاح سفارة فلسطین واطلق الامام الخمیني علی اخر جمعة من شهر رمضان المبارك یوم القدس العالمي من اجل تعزیز انسجام الحركات الاسلامیة المدافعة عن الثورة الفلسطینیة وحزب اللّه فلسطین من ابناء الثورة الاسلامیة اعلن عن وجوده رسمیا وفي معتقلات غزه لم یدم طویلا حتی اندلعت الانتفاضة الاسلامیة والتي استهلت دروسها من الثورة الاسلامیة ووجدت من الاهداف الاسلامیة افضل سبیل لانقاذ الشعب الفلسطیني والجهاد الاسلامي هو ابن الثوره الاسلامیة في ایران بزعامه الشیخ عبدالكریم عودة وبالتعاون مع الشهید الدكتور فتحي الشقاقي الذي كان معتقلا في زنزانات اسرائیل مسؤول الجناح العسكري للجهاد الاسلامي حیث استعرض الدكتور الشقاقي في كتابه الخمیني البدیل الاسلامي قائلا لقد عانت منظمة التحریر الفلسطینیة الی انشقاقات وتصدعات كثیرة ودام هذا الوضع حتی انتصرت الثورة الاسلامیة حتی تغیرت موازین القوی لصالح القوی الاسلامیة كما كان الواقع العربي یعیش حاله یاس و بعد انتصار الثورة صار هنالك امل في النفوس والنصر بعد الثورة وكذلك حركة حماس التي اتخذت اسلوبا مشابها لاسلوب شیعة جنوب لبنان مما ضیق الخناق علی المحتل الصهیوني وتمكنت من اخراجه من غزة .

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك