جهاد النقاش ||
الناقدون ليوم القدس نوعان أساسيان:
١. المطبعون، الذين يرون أن الاعتراف بالكيان الغاصب لا مشكلة فيه، بل لعله في مصلحة الفلسطينيّن، وهؤلاء منهم من يتمظهر بمظاهر الفئات الأخرى ولا يملك الجرأة للتعبير عن نفسه بشكل صريح.
ومنهم من يعلنها صراحة ضاربا بالثوابت الإسلامية والعربية عرض الجدار، منسجما مع موقف حكومات الأعراب والإرادة الأمريكية والصهيونية.
٢. (الوطنيون الجدد) وهم من ينادون بأن الواجب هو التظاهر لأجل المطالبة بالخدمات، كالكهرباء مثلا، وتظاهرة أو شعار أو نداء أو جدارية كهذه لا نفع فيها، وأن هكذا يوم جاء منسجما مع الموقف الإيراني.
إن من الواضح أن النوع الأول لا يمكن الحديث معه لانعدام المشتركات التي يمكن أن توصل لنتيجة، فمن يتبنى الموقف الأمريكي والصهيوني والسعودي الإماراتي البحريني، كيف يُرتجى منه أن يشجع على موقف قائم على أساس رفض ومواجهة الاستكبار!
نعم يمكن الاحتجاج عليه بأمرين: الأول أن أصل حق التعبير عن الرأي هو حق مكفول بالدستور.
والآخر هو أن تبني موقف العربان خطأ بحق إسلاميتك وعروبتك، وإنسانيتك.
أما الفئة الثانية (الوطنيون الجدد) الذين يجعلون من انعدام الخدمات سببا للنيل من إحياء يوم القدس، فيلزم على قولهم هذا، منع أي تظاهرة لا تكون مطالبة بالخدمات، وهذا لا قائل به.
ثُم لنا أن نسأل: أليس سوء الخدمات قد أتى بسبب تدمير قوات الاحتلال للبنى التحتية العراقية واصطفاف إسرائيل والعربان معها، بل واصطفافهم ثانيا مع هجمة الإرهاب لإضعاف البلد، فصدروا لنا ما يقارب الخمسة آلاف انتحاري!
ألم تكتف أمريكا بمراقبة سقوط المحافظات واحدة تلو الأخرى، وعطلت صفقات توريد الأسلحة لقواتنا المسلحة، وإسرائيل تصفق، وكانت قنوات الأعراب تسوق لداعش على أنهم ثوار عشائر!
ولنا أن نسأل: هل إن منشأ المواقف المبدئية متوقف على توفير الخدمات، والرفاهية؟
وعليه: فإن أي موقف وإن كنا نرى أنه موقف مبدئي، لكن مع عدم رفاهية الوطن، وتوفير الخدمات للمواطن، هو ليس كذلك.
وبعبارة أخرى: هل لا يصح تبني مواقف شرف وعزة، قائمة على ثوابت دينية على أقل تقدير، إن لم نقل إنسانية وأخلاقية وعربية كذلك، هل لا يصح تبني هكذا مواقف مع انقطاع الكهرباء!
إن المبدأ لا يعمل على الكهرباء، وكما يحق للمترفين أن يكونوا من أهل المبدأ، فإنه يحق للفقراء أن يكونوا شرفاء.
بل غالبا ما يقف المترفون بالضد من المبادىء، (إذا أردنا أن نهلك قرية، أمرنا مترفيها، ففسقوا فيها، فحق عليهم القول، فدمرناها تدميرا).
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)