حسن المياح ||
ألفنا التقوقع على الكتب الصفراء المغطاة بركام الغبار منذ مئات السنين , فكان التحجر والإنجماد , والكسل والركود , والإجترار والرقود . وكانت حياة الرتابة والبلادة , والضجر والسأم , والقهر والملامة . وهذا كله هو سبب الكآبة والإنزواء , والدعوة الى جلوس قعدة القرفصاء المنطوية على الذات المتكلسة وجومآ وحزنآ ويأسآ وإفتقار حياة .
وهذا هو معنى الإنتحار والموت صبرآ .... ???
والعقل الذي يتعامل مع هذه الكتب المغبرة , والمراجع المتربة , والمصادر القديمة الصفراء بنفس سنخية الزمن اللاغي العابث الجامد , بلا إبداع في التطور المعرفي , ولا حركية غربلة تناثر المعلومات المنطمرة في البطون ومعالجتها ~ وليس على حساب الثوابت المفروغ من أساسها وثباتها ~ , هو الذي يؤدي الى إجترار نفس الفكرة القابعة الراقدة النائمة , والمعلومة المدثرة المنسية الميتة , التي تلوكها الألسن ولا تمضغها مضغآ جيدآ ليسهل هضمها , حتى تتقبلها المعدة بكل سهولة وترحاب وشغف , وتطحنها وتستفيد مما فيها من فيتامينات ومواد غذائية , تفيد وجود الإنسان , وتبعث فيه ~ من خلال حركية التفاعل والمعالجة من أجل الإنعاش والإحياء ~ النشاط والحيوية في حضارة القرن الواحد والعشرين .
آه .. , وأف .. من التحجر والركود , والتزمت والجمود , والإنغلاق والرقود , .... ووووو ....
لأنها كلها آفات سامة مضرة قاتلة , وعقبات ومطبات تعرقل السير الفكري وفقآ للتطور المعلوماتي السليم النافع المستقيم .
التحجر والركود , والتزمت والجمود , والإنغلاق والرقود , والتقوقع والإلتفاف على المحور المركز , والإفترار وحلاوة العيش والإلتذاذ تحت ركام الحواجب والغطاءات المانعة من إستنشاقات الهواء الطلق والحارمة من التمتع بحيوية الحياة المتحركة الناشطة المكتشفة المبدعة المبتكرة . هذه كلها تشكل التناقض الفاضح , والتعارض الصارخ الواضح للأساس والغاية في الوجود والحياة القائم على الحركة والتحرك , والفاعلية المتحركة الناشطة , التي تجدد خلايا الحياة على الدوام , وتديم العقل وجودآ حيويآ , ونشاطآ وسعيآ منتجآ مثمرآ , من خلال دعم ثراء زخم المعارف والمعلومات بالإكتشافات المؤمنة الواعية المتطورة , على أساس ثوابت الوجود والحياة الداعية الى التطور والنماء , والثراء والعطاء , من خلال حملها لمعاول النقر والهدم لكل ما هو موجود على وفي تلك الكتب المراجع والمصادر القديمة البالية الصفراء من ركام مبلد , وحجاب مزيف مانع . وقلع كل معرقل ومانع فيها , ونسف كل معطل وحارم منها , لتزهو الحياة بما ينتجه الإنسان الواعي المتحرك العامل , النشيط الحركة الباحث المكتشف المبدع , والمخترع للمستحدث من الأمور والأشياء , على أساس الأصالة القابلة للنماء والتطور والتجدد .
وعليه تتأكيد المقولة الحقة وهي أن الإسلام دين الله سبحانه وتعالى الخالد الذي ينسجم معه كل تطور ونماء , وإكتشاف وإبداع وإختراع , في كل ميدان من ميادين الحياة , ليحلو ويتجانس العيش لكل جيل ونشأ من الأجيال وما ينشأ من أشياء في عالم الوجود والأكوان .
هكذا أراد سبحانه وتعالى , وجلت حكمته وعلا شأنه , للإنسان أن يكون , ويسلك , ويجري , ويتحرك , ويفكر , وينتج , ويبدع على أساس أصالة الثبات في الكليات , والنمو والثراء في الفرعيات التي تنتجها وتفرزها تلك الكليات .
وصدق الله تعالى الجليل الحكيم :
يخرج الميت من الحي , ويخرج الحي من الميت .
جلت قدرتك ربي , وعلا شأنك وأنت الذي ترزق وتوهب الحياة لحبيبك الإنسان الذي خلقته في أحسن تقويم .
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha