المقالات

رحلة التحدي وكسر القيود  


عبد الحسين الظالمي ||

 

قد تبدو العملية طبيعية عندما تبحر مجموعة من البواخر  باتجاه معين حاملة نفطا او بضائع اخرى ولكنها ليس كذلك عندما يكون مصدر انطلاقها  مشكلة ومسيرها مشكلة ومقصدها مشكلة اكبر  وذلك ماحدث في قافلة النفط العملاقة التي تشكلت من سبع بواخر محملة بالالف الاطنان من النفط الايراني المحاصر  من الموانىء الايرانية المحاصرة من اعتى قوة في العالم  المتمثلة بامريكا الى دولة اخرى محاصرة من امريكا ايضا وهذا يعني ان بلد المصدر محاصر وبلد المقصد  محاصر ايضا وخط المسير محاصر ومراقب.

اذا هي رحلة المخاطرة الكبرى او رحلة كسر القيود او رحلة التحدي والانتقال من الدفاع للهجوم  تحت مبدأ ( افضل وسيلة للدفاع الهجوم ) وهذا بحد ذاته  تطور كبير في طريقة المواجهة بين ايران وامريكا . واثبات قوي على قدرة ايران ليس على الصمود فحسب بل قدرتها على التحدي.

تكتسب الرحلة اهميتها  كونها  اختارت الوقت المناسب والجهة المناسبة  والطريق الصعب . اذ يعتبر توقيت الرحلة الذي جاء في ظرف حساس جدا  يمر به العالم وامريكا بالدرجة الاولى،   فالوقت لا يسمح بالمخاطرة من قبل امريكا باي قرار معين  قد يعرض الاوضاع الى تدهور اكبر مما هي علية الان .

لذلك وقت الجانب الايراني تاريخ الرحلة بشكل ينم عن دهاء وخبرة لوضع الخصم في زاوية حرجه جدا  اقتصاديا وانسانيا.من  حيث جهة المقصد فهي اختارت دولة تحاصرها امريكا وتضيق عليها الخناق وهذا يعني ان الرحلة من دولة محاصره الى دولة محاصرة اخرى من نفس الدولة التي تفرض الحصار  وهذا يعني تحدي مضاعف  يحمل بين طياته جلبه انسانية اقتصادية .

ومن جهة اخرى اختيار خط المسير وطول الرحلة ايضا يعد تحدي اخر ، فبعد ان رفضت مصر مرور الاسطول النفطي من قناة السويس اضطر مخططين الرحلة اختيار طريق الدوران  من الخليج الى البحر المتوسط وثم الاتجاه الى المقصد مما يعني  طول فترة الرحلة اولا وطول المسافة ثانيا اذ بلغت المسافة مايقارب ٧٠٠٠ كم  بحري  في خط مسير يمر في مناطق اغلبها مسيطر عليها من القوات البحرية الامريكية او جيوش الدول التي تدور في فلك امريكا .

وتشير الاخبار الاولية ان الباخرة الاولى من الاسطول قد وصلت فعلا الى كاراكاس عاصمة فنزولا  وسوف تصل البواخر الباقية تباعا خلال هذا الاسبوع وهي محملة بالنفط الايراني .

 اذا مجرد الوصول الى المقصد هو تحدي كبير .

ولم يكتفي المخطط للرحلة بهذا التحدي فقط بل اضاف له تحدي اخر اكثر تاثير وخطورة .

المعروف ان اغلب الدول التي تصدر النفط   تستلم قيمة نفطها  بالدولار الامريكي نتيجة اتفاق قديم بهذا الشأن  لذلك اصبح النفط يباع عالميا بسعر الدولاروعلى ضوء قاعدة العرض والطلب على النفط  يتم تحديد السعر ، ولكون امريكا  هي التي تطبع الدولار على ضوء حاجة السوق العالمية وقيمة الدولار التي تعتمد على الخزين الامريكي من الذهب والتي  تحتل امريكا المرتبة الاولى في العالم بما تمتلك من خزين من الذهب( يقدر ب (٠ ٧٠٠  ) طن

ولكن هذا الذهب ليس مخصص لدعم قيمة الدولار كما هو الحال في عملات الدول الاخرى بل هو خزين الاقتصاد الامريكي ككل لذلك الدولار يعتبر مجرد ورقة للتداول ومن هنا  جاء التحدي الايراني الاكثر تأثير من تصدير النفط وهو ان تستلم ايران قيم ذهبها الاسود بالذهب الاصفر من فنزويلا وهذه سابقة قد تشجع بقية الدول على ان تسلك  نفس  السبيل  مما يشكل ضربة موجعة لدولارفالوقت التي تعمل فيه دول اخرى مثل الصين على ان تحل العملة الصينية محل الدولار في التبادل التجاري الصيني مع العالم .

وبالتالي نستطيع القول ان هذه الرحلة نقلت ايران من موضع المحاصر بين حدوده الى المهاجم الذي بدى يعرف كيف يتعامل  مع خصمة  وكيف يستثمر ازمة كورونا ويحلولها من ازمة الى فرصة لكسر الحصار يحرر نفطة ويحرر عملته النقدية من هيمنة الدولار والذي يتلاعب بمصير الشعوب ويقلب احوالها راسا على عقب بدون سابق انذار في ازامات كارثية تعرضت لها قتصاديات  بعض الدول  ومنها ايران .

لذلك نستطيع القول ان هذه الرحلة هي رحلة تحدي بامتياز ورحلة كسر القيود  ورحلة الهجوم   بدل الاستسلام والجمود .

رحلة جاءت متميزه في الوقت والاسلوب  والغاية . وبذلك اثبتت ايران انها خصم ليس سهلا ابدا ومن يفكر بالعب معها عليه ان يعيد حسابته الف مرة . 

ومن يريد ان يعرف السر في ذلك عليه ان يتامل الاية الكريمة ليجد الجواب الشافي ( ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك