قيس النجم ||
قرأت لعلي الوردي عبارة راقية مفادها: (الفقير الجائع يكاد لا يفهم الحقيقة الا على شكل رغيف خبز) ومع أن الشعب العراقي تنفس الصعداء نوعاً ما، بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي ،رغم عدم اكتمال كابينته الوزارية، لكننا في الوقت نعطي الأعذار لإرضاء عقولنا، وفي اعماقنا نعرف الحقيقة كما يقول علي الوردي، وهي حقيقة مرة بالتأكيد.
العراقيون ومنذ عقود طويلة لم يفرحوا، بل كان الصمت والحزن يرافقهم، خاصة وأن الحكومات السابقة كلها تهربت من مسؤوليتها تجاه هذا الشعب الصابر الجريح، وكلما جاءت حكومة لعنت أختها! والحقيقة الناصعة التي نطمئن على أنفسنا معها، هي وجود المرجعية الرشيدة العليا، ورجال الحشد الشرفاء، والتي لولاهم لكنا في خبر كان.
إن حكومة الكاظمي التي خرجت للنور بعد مفاوضات عصيبة، وأوضاع عراقية أصعب، مطالبة بتحقيق جملة من الأولويات، واهمها إجراء انتخابات مبكرة، وتلبية مطالب المتظاهرين الحقة، ومحاربة حيتان الفساد الكبيرة ومواجهة أزمة كورونا، وحل الأزمة الاقتصادية في ظل تذبذب أسعار النفط العالمية، ومواجهة بقايا داعش، خصوصا اذا ما علمنا أن بعض المضافات الارهابية قد عادت الى الحياة؛ بسبب المناكفات السياسية، والتقاطعات الخلافية، حول المكاسب الضيقة مع الاسف.
اذن هي مهام خطيرة تواجهها حكومة الكاظمي في ظروف أكثر خطورة، والمفترض من حكومة الكاظمي أن تعي دورها في هذه الرحلة العصيبة، فمثلما كانت معركتنا ضد داعش معركة همم وإرادات، وليست معركة قيادات وإمكانيات، كذلك الحال للحكومة الجديدة، يجب إستحضار كل الهمم والطاقات، لقيادة العراق نحو بر الامان.
قد يكون لحكومة الكاظمي حكايات لم تُحكى بعد، لأنها ما زالت في اول الطريق، ولكن عقارب الساعة لا تعود للوراء ابداً، وكان لزاماً عليها ان تضع في الحسبان، ان الظرف الحالي يختلف عن كل الظروف الماضية، وأن هموم الوطن قد زادت، فلا يمكن البدء بباكورة عمل حكومي يعتقد أنه حل للأزمة المالية، وذلك بعملية الإدخار الإجباري كما يقولون، مع أن الصحيح في هذا الأمر أن تتم عملية الاستقطاع على المناصب العليا والدرجات الخاصة، دون المساس بسُلم درجات الموظفين المتبقية.
إن المتشدقون بالحلول الاقتصادية الترقيعية، لم ينتهبوا الى ان فئة الموظفين فعلت الكثير لأجل استقرار عمل الحكومة العراقية، ونتوقع ان تفعل الحكومة الكثير لأجلهم، لا ان تقوم بقطع أرزاقهم.
ختاماً: القيادة مبادرة وعزيمة وقدوة، وليست منصبا أو جاهاً أو سلطة، حكومة الكاظمي مطالبة بان تتذكر دائما هؤلاء الفقراء من ذوي الدخل المحدود، والاجور اليومية، واصحاب العقود والكسبة، لانهم ببساطة لا يعرفون الحقيقة، إلا على شكل رغيف خبز..!
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)