محمد علي السلطاني
من لا يقف على الماضي لايستشرف المستقبل ، فماضي كل امة هو تاريخها المفعم بالتجارب والعبر ،حتى امسى ذلك التاريخ خزينها الستراتيجي المتنوع لكل منظوماتها القيمية والفكرية وغيرها ، تستنير وتسترشد به وتظيف عليه اجيالها جيلأ تلو جيل ، وبالتقادم تكون مفردات ذلك الماضي او التاريخ بمثابة جينات متوارثه ، تناظر الى حد كبير تلك الجينات التي تنقل الخصائص الجسمانيه والصفات الشكليه للأفراد ، بالتالي تتكئ الأمم والشعوب على ارثها القيمي والثقافي ، وما خلفه لها قادتها ومفكريها ورموزها من موروث .
إلا أن لكل قاعدة شواذ .. اذ تبلغ بعض الاحداث والوقائع والشخوص من الأهمية بمكان ، أن يتعدى تأثيرها ومساحة التفاعل معها حدود جغرافية تلك الامة ، بل ويتحدى ايضأ حدود الزمن ، لتكون تلك الاحداث و شخوصها ارثأ انسانيأ يمتد الى مالانهاية عبر الزمن ...!
تأسيسأ على ذلك ، كان للتاريخ اهمية واسعة النطاق لدى كل العلوم بدون استثناء ، فالمصادر والمؤلفات والنظريات في اي مجال ، تكون بعد مضي برهة من الزمن تاريخأ وماضيأ لذلك العلم او التخصص اي كان ، بل وترتقي لتكون معيارأ في اثبات الصواب من الخطأ في كثير من الأحيان .
لذا اولت الشريعه الاسلامية للتاريخ اهمية بالغة ، واتضح ذلك جليأ سواء عبر القران الكريم الذي يقص علينا احسن القصص واصدقها وقوعأ واكثرها نفعأ ، او برواية الحديث والسير للنبي و لأهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين ، فكثيرأ مااخبرنا القران الكريم بأياته عن احداث ووقائع تاريخية اصطفاها الله سبحانه وتعالى ، لتكون عضه وحكمة للناس كافه بشخوصها واحداثها لترسخ قيم ومفاهيم نافعه تكون مرجعأ و منهاجا .
وهنا نود أن نسلط الضوء بعض الشئ على نكتة قرانية بالغه الأهمية لعلنا نوفق لذلك ..! تلك النكتة التي وعاها واقتفى اثرها بعضأ من الذين وفقو لذلك ،
اذ من الملاحظ ان قوة البيان والتبليغ لرسالة معضم الانبياء وتمامها ومضاعفه مساحة تأثيرها ، لا تتم الا بوجود ومشاركة وصي او نائب او خليفة للنبي أو الرسول يصطفيه ليكون له عونأ او ليتم المسير بعده ..!
وان هذا القرين لا يختار عبثأ ، كما ان نجاح هذا الامتزاج والانصهار الثنائي وتوافقاته المعنوية، لا تكون إلا بعد أن يأخذ الزمن دوره في صقل هذه الوشيجه لتحقق نتائجها المرجوه ، وكأن الأمر يحمل لطفأ خفيأ فيه احد اسرار مفاتيح نجاح الرسل او الذين يحملون مشروعأ لإصلاح البشر ، بالتالي يكون هذا درسأ لنا للفهم والاستفادة .
اذ نلتمس بوضوح ذلك الاثر الايجابي المعنوي والمادي لصطفاء النبي ص لعلي ع طيلة سنوات النبوة متخذأ اياه اخأ وعضدأ ووصيأ على مجمل الرسالة .
كذلك ليست قصة النبي موسى عليه السلام واتخاذه لأخيه هارون وليأ ووصيأ علينا ببعيد .
اما ما قام به اسماعيل من طاعه وامتثال وتمكين لإبراهيم صلوات الله عليهما في تنفيذ امر الذبح لهي من قصص التعاون العظيمة والصبر المشترك .
خلاصه لذلك .. يعد حسن اختيار النائب او الوصي او المساعد من ضرورات واساسيات نجاح المشروع اي كان ، وهذا ما ترجم من شخصيات وقادة اسلاميين معاصرين استفادو من تلك التجارب اللطيفه التي حث عليها القران لتكون سببأ من اسباب نجاح مشاريعهم ، بل أن بركة ذلك الانتصار المادية والمعنوية ودائرة تأثيرها على ارض الواقع تتضاعفت بشكل كبير .
ولنتناول نماذج من سير بعض القادة المعاصرين الذين حاكو بحركتهم ماجرى عليه الرسل في موضوعة العمل او الاشراك الثنائي ان صح التعبير ، فلو رجعنا بالذاكرة قليلأ الى مابعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الامام الراحل ( قد ) ، نشاهد نموذجأ عمليأ ثنائيأ حقق نجاحات مشهودة كان بالامكان أن تكون ضعفأ لولا يد الغدر الذي طالتهما، انهما الشهيدان رجائي ورفيقه باهنر ،اذ تبين سيرتهما الذاتية حالة التآخي والارتباط والعمل المشترك المنقطع النظير بينهما ، حتى امسى كيانين بروح واحدة ..!
هذا التقارب والتلازم الممتد قرابة العقدين ونيف من السنين بين القائدين الشهيدين ،خلف عطاء ثرأ وإنتج نموذجأ من الشراكة التكميلية بين القادة تمخض عنه قدرات ومنجزات مضاعفه ،في ذات الوقت حث الاخرين على الدقه في اختيارهم شركاء المشروع، حتى اختتمت مسيرة هذين القائدين بالشهادة في مكان وزمان واحد ..!
ثم اردفتنا المدرسة ذاتها بنموذج مشرق جديد من نسخ ذات الفكرة، تمثل هذه المرة بقادة الانتصار، الشهيدين العلملين قاسم وجمال ..! اذ ترافق هذين البطلين سويأ اربعون عامأ ،حتى امسى احدهما ظلأ للاخر، وحققت هذه الاخوة عطاءات ومنجزات عظيمة على ارض الواقع اكثر من ان تحصى، اخرها قيادتهما وانتصارهما في حرب الانسانية مع الارهاب ، و كانت الخاتمة ذاتها التي اختتمها سلفيهما بيد ذات العدو، فتوسما بالشهادة معأ في ذات المكان والزمان...! بعد ان خطا منهجأ للاحرار والشرفاء في كل العالم.
كما لا يفوتنا النموذج العلمائي الجهادي الكبير للشهدين الباقرين، وكيف تظافرا معأ على انجاح مشروعهما بأدوار تكاملية وصف فيها الصدر اخيه الحكيم بالعضد المفدى ..!
بناء على ماتقدم من شواهد تترجم عظم وبركة الانسجام و المشاركة الحقيقة بين القادة وما قدمته تلك النماذج للإسلام والعالم من دروس وعطاء، حري ان يلتفت السائرين على نهج اولئك العظماء لها وخوض تجربتها باختيار من هو اهل للاختيار لاتمام الرسالة وانجاح المشروع .