المقالات

الشهداء أطباء ..  


مازن البعيجي ||

 

مقاتل وجندي في البحرية الايرانية منّ الله تبارك وتعالى عليه بأن يأتي اسمه ضمن أحد طواقم ناقلات النفط دون أية وساطة لأنه عندما رأى تهافت الكبار والصغار من الضباط والجند على مقر القائد يتوسلون ويضعون أسمائهم لعلّ وعسى أن تخرج أسماؤهم ضمن هذه المهمة العظيمة انتابه اليأس مع توسل جوانحه وقلبه الراغب بالرحلة ..

أخبرت القيادة بأنها ستصدر في اليوم التالي بياناً يضم أسماء من سيشارك في هذه المهمة - نقل النفط لفنزويلا - وانا أجزم أن تلك الليلة لم تكن ليلة عادية على كل الجند ممن شملتهم المهمة وينتظرون الأسماء!

ليلة من الترقب ، تشبه ليلة القدر ، توسلٌ هي حتى مطلع الفجر .بات البعض يناجي الله طالبا الشهادة مستعيذا من موتة طبيعية، ويتململ  كالمَلْسُوع الذي يسري السمّ في جسده ، حتى خرج الفجر وإذا عيون الجميع تحجّ للوحة الإعلانات ، تأخر ساعي البريد الذي كان يضع الكتب والتعميمات حتى قرابة الساعة العاشرة صباحاً ، إلى أن  جاء موفد البريد يعلق القوائم ليحتشد الجند بشكل شبه فوضوي وكل يزاحم صاحبة ليقرأ اسمه حتى ضجت الصلوات والهتافات لمن خرج اسمه في المهمة والدموع من كلا الطرفين من خرجت أسماؤهم يبكون فرحاً ومن لم تخرج أسماؤهم كأنهم يندبون حظهم لفوات الفرصة وقلة التوفيق .

صديقنا الجندي لم يكن يعلم أن اسمه يمكن ان يخرج دون تدخل أحد ، وبعد أن انفضّ الجمع انسحبوا وهم يتعانقون بروح المؤمن الذي يغبط صاحبه وأخاه ..

ليدنو أبراهام من لوحة الإعلانات ويقرأ اسمه من ضمن الأسماء ليصاب بالذعر وهو يكرر قراءة اسمه ضمن الأسماء فأخذ يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويشكر صاحب الزمان الذي ببركتهم وفق لهذا الأمر..

ولكن لم تدم فرحته كثيراً ؛ حتى تذكر أمه المريضة منذ أسبوع وهو وحيدها ، فانقلبت الفرحة حزنا فلو لم يخرج اسمه لكان أرحم له من هذه الحيرة .

رجع للبيت لأمه التي عكفت على ترببته بعد استشهاد زوجها في أحد جبهات الحرب المفروضة لتكرس كل عمرها وزهرة شبابها له ، وحين رآها بهذا الشكل نزل على قلبه غمّ عظيم ،ولاذ بصمت موجع . مرت أيام ورفاقه يتحضرون ويحزمون الحقائب للسفر والجيران والأصدقاء وأهل المنطقة يحتفلون بكل جندي وضابط حفلا دينيا يشكرون به الله سبحانه وتعالى على ما كرّم به ابنهم وأبناء منطقتهم ..وهي عادات رائعة بين أهل الإيمان ..

حتى اقترب موعد السفر وابراهام يضيق به الوقت وتزدحم عنده الأولويات أمه أو السفر للمهمة!؟

فما كان منه إلا أن ذهب إلى مسجد قديم في المدينة له روحانية خاصة فهو من ضمن المساجد التي كان يجتمع بها المجاهدون للألتحاق بالجبهة وسماع دروس الجاهد .. هناك صلى كثيرا وتوسل وتذكر قصة قد سمعها من صديق أرسلهاله  عبر الواتس آب ..

القصة تحكي عن ابن شهيد تعلق قلبهُ ببنت معهُ بالجامعة وكان لأمه الابن الوحيد ، فلما ذهب يخطب البنت من أبيها قال له أين أهلك أين والديك ؟ فقال له والدي شهيد ،تأثر جدا والد البنت فللشهيد عندهم قيمة كبيرة جدا وعظيمة قال له : يابني لا بأس اجلب أعمامك وأخوالك فهو في عرف الناس  أمر حسن ..

رجع الولد وهو يفكر كيف ومن أين يجمع أعمامه وهو وحيد في المدينة وخجول جدا ، جاء ووقف أمام صورة والده الشهيد وأخذ يعاتبه بحرقة ويلوم  ويعاتب الصورة قائلا لماذا لم تتأخر حتى زواجي!؟

وظل يبكي ويعاتب حتى هوّمت عيناه ونام مقهوراً حزينا!

واذا بوالده في عالم الرؤيا يقول له بني لا تحمل همّا أنا معك حاضر وسوف أقيم لك خطوبة تبقى على ألسنة الناس دهراً .جلس من النوم واذا به حلم لكنه عميق أخذ ورقة وقلما وكتب الحلم خوف نسيانه وسجل عليه الوقت! كانت الساعة الثالثة ليلاً وأقفل الورقة ووضعها في ظرف وأعطاها  لأمه صباحا وقال لها خذي هذا الظرف معنا للخطوبة!

طرقوا الباب على أهل البنت ودخلوا ووجدوا عشرات من أعمام وأخوال البنت وإخوتها والأخوات وعندما شاهدهم ابو البنت والحاضرون صدموا لعدم اصطحابهم أحداً من أهلهم .

أخذ يرتب الأعذار ويحاول تلافي الإحراج وبينما هم كذلك رن هاتف والدته فاخذت تصف مكان منزل العروس ثم قامت وأعطت الهاتف لأحد الحاضرين واذا به شخص يسأل عن عنوان البيت ، بعد دقائق واذا بالباب تطرق، فتحوا الباب واذا به الحاج قاسم سليماني ومعه جماعة نوارنية كثيرة قال : أنا أتيت لأخطب ابنتكم لابن صديقي ، طبعا تغير كل شيء وأخذوا يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويشكرون الحاج قاسم سليماني على هذه المبادرة وتسابقوا لتصويرالحاج والتقاط السلفي معه بشكل جعل الفرحة كبيرة ونوعية ..

جاء الولد وقال للحاج : حاج كيف أتيت؟ ومن أخبرك؟ فرد الحاج: والدك أخبرني.  تعجب الابن والتفت لأمه فوراً و قال: اعطني الظرف واعطاه للحاج، فتحه ليقرأ صار يبكي بحرقة ولوعة وتفجع ووضع الظرف على وجهه ..

استيقظ ابراهام من غرق أفكاره وفوراً توسل بالحاج قاسم سليماني واقسم على الله تعالى به!

الليلة وهذا المساء هي آخر فرصة لابراهام.. وعند الساعة الرابعة عصراً عليه الإلتحاق او الاعتذار ..

رجع للبيت .. وجد أمه نائمة موجوعة ، حمد الله تعالى وشكره وقال في نفسه لو كان لي فيها توفيق فسأذهب ولو لم يكن سأقبل بما قسمه لي ربي ..

جلس قبل صلاة الفجر موعد صلاة الليل واذا به يسمع امه تصلي! لم يصدق ما سمع .. جاء فورا لمكانها وجدها تصلي من جلوس بصوت مفهوم صلى على محمد وآل محمد عليهم السلام ! فقال متعجبا:

-أمي هل أنت بخير؟

-نعم ولدي أنا بخير .

-كيف ذلك يا أمي وقد نمتِ معلولة !؟

- بني عندما نمت.. وفي عالم الرؤيا جاء طبيب اعرفه يلبس لباس الأطباء وعلى رقبته سماعة طبيب وكشف علي ووجهه مبتسم وقال :يا حاجة انتِ بخير وستقومين الفجر حتى تهيئي حقيبة ابنك ليذهب مع رفاقه لفنزويلا! قلت له : إن قمت فسأفعل لكن دكتور من أنت؟  قال هو يعرفني.

وعلى السرعة تذكر ابراهام توسله بالحاج قاسم سليماني ،أخرج صورة الحاج التي يحتفظ بها في محفظته وسألها: هل هو هذا ؟ قالت اي والله هو !واذا به يستسلم لنوبة بكاء وعويل وحزن ممزوج بفرح وشكر ويصرخ الله الله الله اكبر ما أكرم الشهداء الأطباء ..

 

( البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه تسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك