المقالات

انتصر الحشد الشعبي عسكرياً فهل سينتصر سياسياً ؟!  


محمود الهاشمي ـ  كاتب ومحلل سياسي ||

 

 عرفت الامم منذ ان وجدت ,تقديرها واحترامها للمقاتلين والفرسان الذين دافعوا عن وجود الامة وتاريخها , وحافظوا على الارض والاهل والمال والعرض , وغالبا ما تتحول انتصاراتهم الى اغان واناشيد وقصائد تتردد على الالسنة على مر الاجيال, يقول الشاعر الجاهلي عمر ابن كلثوم (بأنّا نورد الرايات بيضا – ونصدرهنّ حمرا قد روينا ) (بشبان يرون القتل مجدا – وشيب في الحروب مجربينا )..كما يمكن ان تتحول الى نصب وتماثيل تزين الساحات العامة للبلد , وتعد مفخرة لابناء المجتمع يقفون امامها بكل فخر واعتزاز , ويعلمون الابناء مفاخر الاباء والاجداد كجزء من الوفاء لهؤلاء الابطال وتضحياتهم الجسيمة .

ان التحول الكبير في الملف الامني بعد مشاركة جموع الحشد الشعبي شكل موقفاً مهماً لدى جميع الاوساط المحلية والعالمية بعد ان اعتقد كثيرون ان الارهاب قد تجذّر في العراق واصبحت له (دولة)و(عملة)و(ضرائب)و(حواضن)  وقضم ثلث اراضي العراق وسوريا واصبح حقيقة على الارض  ...وبالقدر الذي هتفت الملايين لنصرة القوات الامنية ومعهم الحشد الشعبي فأن هناك من راهن على (الخسران) واعتقد ان تعدد الجهات المشاركة في القتال ربما ستخلق اجواءً من التنافس والمشاكل .!!

ما يسجل لصالح قواتنا المسلحة بكل جهاتها وصنوفها انها استطاعت ان تعمل تنسيقاً رائعاً بين الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والعشائر المشاركة ..هذا التنسيق انجز لنا انتصاراً في عدة جبهات (في جرف النصر,وديالى,وصلاح الدين,وكركوك,والانبار واخرها في نينوى ) ومثلما انجز الانتصار انتج لنا اسماءً ورموزاً وشخصيات فرضت نفسها في ساحة القتال وقادت  الجيوش المشاركة بكل صنوفها واشكالها فكانت عنواناً للبطولة والروح الوطنية العالية,كماواختلفت توجهات الشخصيات السياسية والكتل فمنهم من تعاطف مع سوح القتال سواء بلسانه او بيده ومنهم بقلبه وذلك اضعف الايمان .

وقد اتسعت الساحة الاعلامية لتشتمل على صور المعارك وتبرز القادة والمقاتلين حتى كان الانتصار الكبير الذي اذهل العالم .

نحن كمتابعين للشأن السياسي والامني بتنا نقرأ المشهد السياسي بشكل اخر,فقد افرزت سوح الجهاد خارطة جديدة للعملية السياسية حيث غابت اسماء وأضاءت اسماء,وهنا نسأل:-

هل ستغيب اسماء ابطال المعارك الذين قاتلوا ليس عن العراق لوحده انما نيابة عن العالم عن المستقبل السياسي للعراق .؟ وسؤال اخر :-

هل هناك نية للسراق والمحترفين في فن الاعيب السياسة ان يغيبوا حق المقاتلين ويجعلوهم كما يقول المثل (يلطمون مع الكبار ويأكلون مع الصغار).؟

جميع هذه الاحتمالات قائمة,فنحن نعلم حتى الان,ان (المقاتلين ) اعدوا  انفسهم للمرحلة السياسية الجديدة,وانهم بالقدر الذي احترفوا فيه القتال وسجلوا هذه الانتصارات الباهرة سيحترفون السياسة ويعدون لكتلهم برنامجا سياسيا يحمل ذات المواصفات الوطنية والقيمية.؟

.ماا نريد ان اقوله , أن الكتل (المقاتلة) التي تحقق على يديها الانتصار وتحرير البلد تحتاج الى مكافأة على هذا الجهد والتضحيات,وأن لا ينتظروا (اخرين) ان يمنحوهم (غراماً) واحداً من رغيف العملية السياسية وكما يقول الشاعر (وما نيل المطالب بالتمني – ولكن تؤخذ الدنيا غلابا) ... ان حجم التضحيات الكبيرة والانتصارات الباهرة على الارهاب تعني الكثير بالنسبة للشعب العراقي والعالم اجمع,وهذا (المعنى) اذا لم يدرس بشكل دقيق سيذهب سدىً وربما تستفيد منه كتل كانت اما في آخر الصف من المعركة أو إنها كانت مناهضة لمشروع التحرير جملةً وتفصيلاً .

نقول ان هؤلاء (المقاتلين) قبل ان يتجهوا الى سوح المعارك لم يكن في ذهنهم ان يستعدوا (سياسياً)بل كان في ذهنهم تحرير الارض والانسان, لكن العراقيين يدركون انهم بحاجة الى شخصيات وقفت معها في لحظة الحرج ودفعت عنهم الضرر وجعلتهم يسيرون شامخين في شوارع مدنهم,وهذا الامرلاشكموضع اهتمام وتقدير,ولا بد ان يتحول الى موقف يتم التعبيرعنه آلياً عبر صناديق الاقتراع ,لان الذي جرب في التضحية بدمه وكما يقول الشاعر (الجود بالنفس أقصى غاية الجود) ,من الواجب ان يتصدى للمشروع السياسي كونه الأكثر اماناً وحماساً لخدمة الشعب.

نحن ندرك جيداً ان مخططاً يحاك ضد (ابطال الحشد) وسوف تبدأ رحلة(التشكيك) و(الاتهام)لهؤلاء الابطال بدعوى التجاوز على المدنيين و(القتل العمد)وو..من الشؤون المكتوبة قبل بدأ المعارك أصلاً, تساعدهم بذلك جهات اقليمية ودولية ولأسباب (طائفية) أو (سياسية), وبدلاً من أن يكافؤوا على جهدهم وتضحياتهم سيكونون في موضع الدفاع عن نفسهم ,ثم ينتهي الامر بأن يتحول جهادهم الى مجرد ذاكرة لاغير.

هناك رغبة لدى جميع الاوساط الشعبية في العراق في اجراء تغيير واسع بالاسماء والرموز المتصدية للعملية السياسية , فقد انتهى الجميع الى ان هؤلاء ماعادوا يصلحون لإدارة البلد وقد فشلوا على كافة المستويات (السياسية,والاقتصادية,والامنية..الخ)ومن الواجب, اجراء مثل هذا التغيير وفي هذا, لابد (لأبطال الحشد) أن يستفيدوا من هذه الرغبة وان يطرحوا اسماءً جديدة ذات كفاءة وخبرة,تغطي نشاطاتها واعمالها وتحافظ عليها (كمقاومة)عملت في الميدان الحربي وآن لها ان تعمل في مؤسسات الدولة لنبدأ رحلة جديدة,نمتلك فيها خبرتين الاولى خبرة الكفاءة والادارة والثانية الحفاظ عليها,..وهنا  نوصي (ابطال الحشد) بكل عناوينهم واسمائهم  ان يهيؤوا أنفسهم الى انتخابات مجالس المحافظات والى انتخابات مجلس النواب وان يستعدوا الى التحضيرات الكفيلة باخذ دورهم الريادي في قيادة البلد ووفق ما هو ات .

1—اعداد برنامج انتخابي يتضمن مشروعا وطنيا متكاملا وعلى كافة الاصعدة , بعد دراسة اهم التحديات التي تواجه البلد وكيفية معالجتها.

2-الاستفادة من الانتصارات التي تحققت على الارض في مواجهة الارهاب , في ان تتحول الى انتصارات في الساحة السياسية .

3- الاستفادة من المشاعر العميقة في نفوس المواطنين للحشد الشعبي وتحويلها الى رقم انتخابي .

4- لما كانت المجتمعات بعد المعارك والحروب لاتميل الى الشخصيات العسكرية , باعتبار انها _وضمن علم النفس _تمثل ذاكرة للحرب , فمن الضروري اختيار شخصيات مدنية تحمل روح وتوجهات الحشد وتاريخه الفاعل في الانتصارات في سوح الحرب وان تكون هذه الشخصيات محط تقدير واحترام لدى المجتمع وقد عرفت بحسن السيرة والصدق والتفاني بالاضافة الى الكفاءة .

5-ان يستفيد الحشد من روح  المقاومة العسكرية التي اجهز فيها على عدوه (الارهاب ) وتحويلها من مشروع عسكري الى مشروع مدني , في اعمار البلد

 والقضاء على الفساد الاداري والمالي و ما تتطلبه المرحلة الجديدة من تضحيات

وتعب وعناء لغاية اسمى اسمها العراق .

6-ان يستفيد من الطاقات الشبابية التي تفاعلت مع منجزه العسكري وضمها الى مشروعه السياسي (المدني ).

7- ان ينفتح على الجامعات من اكاديميين واساتذة واقامت الندوات والحوارات التي تؤكد مشروعه في البناء والاعمار .

8- ان يتهيء لمواجهة هجمة شرسة من اعداء الوطن , وان لايبقى في دور المدافع , بل القوي المدافع عن انتصاراته وتاريخه .

 9- ان يقرأ الشارع السياسي قراءة مستفيضة , وان يحسن اتقان اللعبة السياسية بكل فنونها وطقوسها  وتحالفاتها ليكون رقما مهما في المعادلة السياسية , وان اخطاءا صغيرة قد تؤدي الى خسارة كبيرة .

10-ان يستفيد من رجال القانون ويكثر من الاستشارة , لان هناك من سبقه في هذا الميدان وعرف احابيل السياسة وقوانينها .

11- ان خسارة الحشد في مشروعه المدني –لاسمح الله- يعني خسارة لمشروع وطن وتبذير بارواح الشهداء والتضحيات الكبيرة في هذا الميدان .

12- اعداد كوادر مؤهلة لقيادة البلد من الان , حتى لانبحث في لحظة عن هذه الشخصية او تلك .

ان ينظروا للعراق واحدا موحدا دون النظر الى طائفة او عرق , لان الانتصارات خلطت الدماء ورسمت خارطة واحدة للعراق .

ـــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك