المقالات

العراق عام 2030  


محمود الهاشمي ||

 

المشروع الامريكي يقضي في عام "2030"،  بأن ليس هنالك من حزب اسلامي واحد يحكم في العالم، وان تدخل منطقة الشرق الاوسط حيث (موطن الرسالة) بفوضى صراع الاحزاب , وان تكون فيها الاحزاب الاسلامية وكل ما يمت للاسلام من علاقة سواء مساجد وجامعات ومؤسسات وغيرها في دائرة "التهمة"، وقد تم "التخطيط" لهذا المشروع بدقة وبشيء من التفصيل، بعد ان استفادوا في  "الربيع العربي" من التاريخ الجهادي للاحزاب الاسلامية في مواجهة الانظمة الديكتاتورية الحاكمة، وحين تورطوا في استلام السلطة وجدوا مخططا اعلاميا "جاهزا" لمواجهتهم، وبدلا من ان ينفذوا مشروع "الحكومة الاسلامية"، انتهوا اما في "السجون" و"المعتقلات" كما في مصر او محاصرين بالتظاهرات والاحتجاجات كما في تونس والعراق وغيرها.. اما دول الخليج فقد استخدمت ريع ثرواتهم وجغرافيا دولهم لتنفيذ هذا المخطط فلا تجد نشاطا سياسيا الا وللسعودية والامارات اصبعاً فيه.

اما التحولات في الممالك والامارات في دول الخليج ، فان التغيير يجري فيها بشكل "سلس" ودون معارضة كبير،  بسبب تعاون الحكومات مع المشروع والاستسلام -التام- لما تم التخطيط له، واذا كانت دول الخليج الاخرى -عدا السعودية- صغيرة المساحة والعدد فان الثقل الاكبر يقع على "السعودية" لسعة ارضها وعدد سكانها وغنى ثرواتها بالاضافة الى مكانتها السياسية والدينية.

و ما يجري في السعودية من تحولات ربما لم يطرأ على بال كاتب يوما فقد وصل الامر ان تاتي لجنة من الكونغرس الامريكي لتغيير المناهج الدراسية ورفع كل ما له علاقة بالجهاد في سبيل الله، ومواجهة الظالمين واعادة تفسير الايات والاحاديث النبوية بما يناسب مشروع "العلمانية" و"التطبيع" مع اسرائيل، وضمن المخطط هو التحولات السريعة التي شملت جميع مناحي الحياة الاجتماعية والفنية والسياسية بحيث باتت قنوات "ام بي سي" هي عنوان المملكة وليس قنوات القران والسنة والتاريخ الاسلامي والشعائر الاسلامية الاخرى، الى درجة ان ايقاع الغناء والرقص بات على مقربة من الحرمين الشريفين في مكة والمدينة فيما محيت الاثار الاسلامية شيء فشيئا، فلا شواهد  ظاهرة ولا مراقد قائمة وهذا الامر تولت مهمته الحركة الوهابية.

ارض الحجاز خزين الامة وموطن تراثها الاصيل ومنبع الرسالة و كل شيء فيها يشير الى حادثة تاريخية او نشاط انساني وفكري وادبي، وان محو هذه الذاكرة فيه مضيعة كبيرة لهذا الارث الكبير، و عندما زرت المملكة وقررت ان اتشرف بزيارة "غار حراء" حيث كان يتعبد رسولنا الكريم وجدته من البؤس والاهمال المتعمد،  ما يوجع القلب وقلت يومها لو كان هذا المكان في دولة اخرى، لتحول الى مورد مالي كبير يدر على شعبها !!، سالت احد الشيوخ يومها من هؤلاء "المرشدين" وهو يجلس في (كشك) عن سبب الاهمال فالقى عليّ كراسا طالعته في الفندق فقرأت ان محمد بن عبد الوهاب  يقول "لايجوزقصد الغار" في الزيارة!!

المشروع الامريكي بتمويل خليجي وبتعاون بريطاني اسرائيلي يتم وفق حرب "الجيل الرابع" اي عام 2030 ، هنالك دول اسمها ( العراق سوريا لبنان ليبيا) ولكنها مجرد اسماء وعناوين وتسمى "بالدول الميتة" حيث توجد قيادات ومؤسسات وجيوش و قضاء وشرطة ولكن دون اي فاعلية، ولا تقوى على محاسبة احد الا ذلك الذي يقف بالضد من المشروع.

ما يسري بالعراق – نموذجا- حيث عناصر الشرطة مجرد تماثيل تقف لاتدفع الشر عن مؤسسات الدولة، ولا عن الموظفين، يطوف الصبيان بالشوارع يعدمون ويقتلون ويسرقون ويحرقون ويهددون، والقائد العام للقوات المسلحة مجرد عنوان ربما لايقوى حتى بالدفاع عن نفسه؟، والشرطي يخشى من قناة "الشرقية ودجلة" اكثر من خشيته من وزير الداخلية اذن هي "دولة ميتة"...هذا الامر يتمدد ليصل الى اخر بلد عربي اسلامي لينتهي عام" ٢٠٣٠."

لاشك ان المخطط احتاج ويحتاج الى ادوات كبيرة وكثيرة، منهجه يعتمد الى اماتت عصب الحياة في اي دولة من خلال الداخل بتوجيه خارجي...وواحد من ادواته استخدام "السخط" و"التذمر" فبالعراق مثلا تمت السيطرة على الاموال العراقية من قبل الامريكان وفقا للبند السادس بشخصيات محترفة للسرقة ومن لا يعرف يعلمونه الحرفة، و طريقة انتشار المصارف في غسيل الاموال و لابد ان تنتهي الى مصارفهم للانتفاع منها.

والشرط الاخر والمهم ان تكون اسر القيادات الامنية الكبيرة رهينة لدى الولايات المتحدة او احدى دول الغرب...

الهدف من مواجهة "المشروع الاسلامي" هو لافراغ الامة من محتواها  فما الذي ابقينا لها من مصادر القوة؟، ان العرب قبل ان تاتي الرسالة الاسلامية كانوا مجرد قبائل منتشرة في الجزيرة العربية وما حولها تحكمهم امبراطوريتان "الروم والفرس"، و من قبل عملائهم المناذرة والغساسنة فجاء الاسلام وحولهم الى امبراطورية كبيرة واختصرها هارون الرشيد بقوله لسحابة مرت "اينما مطرت فثمة ملكي"، لذا فان الانسان العربي بالذات يرى كل تاريخه وعقيدته وافكاره ومبادئه وقيمه هي مزيج من قيم الماضي والحاضر الاسلامي وما دون ذلك فهو مجرد اثار مازلنا نتهجى حقائقها وقد يسال سائل اذا كانت "الاحزاب الاسلامية" فاسدة فما جدوى تمسكنا بها؟...

نقول التاريخ الاسلامي مليء بالشخصيات الايجابية والسلبية مثلنا مثل اي امة اخرى لكن الامة التي تريد ان تنهض تستخدم جميع ثوابتها وقيمها الصغيرة والكبيرة، والدليل ان اليابان استخدمت ديانة اسمها "شنتو" التي يجمع العلماء ان لا احد يعرف لها مؤسس ولا معتقد انما هي مجرد مظاهر للحياة اليومية للشعب الياباني واعتنقها  الشعب الياباني، وربما امتزجت مع تعاقب السنين مع "البوذية" وكونت شكلاً اخر اكثر حيوية وفهما ,هذه الديانة كانت احد اسباب نهضة اليابان لانها تبعث الحيوية والتفاني والتضحية والصبر عند المواطن الياباني الذي استطاع من خلالها ان يحرق المراحل ويرتقي الى مصاف الدول الصناعية السبع .

لان الشعب الياباني اشتق من ديانته كل المفاهيم الثقافية والحضارية والسياسية والاقتصادية والتربوية، وبذا تمترسوا في بيئة يابانية خالصة وعاشوا وابدعوا، ولم يتلقوا فهم تاريخهم عبر الرؤية الغربية، كما نحن عليه الان، اذن فالقصور لدى الانسان العربي ,انه لم يستطع ان يشتق ثقافته من عقيدته، التي آلفها منذ قرون سحيقة، قبل جعلها موضع التهمة كونها سببا في تخلفه.

ان الغاء الاسلام من شخصية اي انسان مسلم يعني جعله يتكئ على فراغ، ومن الاستحالة ان تكون لك تجربة ناجحة في ظل الرضوخ لقيم الاخرين، وهجرك لقيمك الاصيلة.

قد لايذهب اليابانيون الى المعابد ولا يقبلون ايادي  الكهنة لكنهم يرون في دينهم هذا "الشنتو" مصدر ابداع وقوة ونصرة على اعدائهم.

سنضرب مثلا بالاسلام، ان "العرب المسلمين" انتصروا على "العرب المشركين" رغم قلة عددهم وبساطة اسلحتهم لماذا؟.. انتصر العراقيون على الجيش البريطاني في ثورة العشرين بسبب "فتوى دينية" رغم انهم قاتلوا بريطانيا العظمى.. لماذا؟ انتصر الحشد الشعبي على الارهاب بكل ما يملك من قوة ودعم خارجي او داخلي بسبب "الفتوى الدينية" فيما عجز "الجيش النظامي" عن هذه  المهمة ..لماذا؟ ..ونسأل ماذا لو تحولت هذه الفتوى الدينية من ميادين الحرب الى البناء والاعمار؟.كما حدث في فيتنام حيث هرع ابطال ميادين الحرب الى ميادين البناء والاعمار !

ليس هناك من حضارة استطاعت ان تصمد امام التحديات التي تعصف بها ، فاي حضارة تحمل سر قوتها وسر ضعفها معاً ، وكما كانت اكثر حيوية استطاعات ان تطيل من مدد بقائها .. الحضارة الغربية بدات تصاب بالشيخوخة وبدات اسباب ضعفها تأكل من جرف اسباب ديمومتها ، لذا بدا الانهاك يظهر عليها لذا فان المخطط المعد للامة عام (٢٠٣٠) ان تصبح البلدان العربية مجرد (دول ميتة ) قد يبقى مجرد مشروع و (مخطط) على الورقة اذا ما تم التصدي له ، رغم صعوبة المهمة .. ان واحدة من مصادر القوة في مواجهة (المخطط ) ان تصنع من (الان) دولة (موازية ) في :- (الاعلام ، رعاية الشباب ، احتضان الكفاءات ، استثمارات ومشاريع اقتصادية ، فصائل المقاومة ، ورش تدريس تدريب وتاهيل ، منصات لايجاد فرص عمل ، انشاء جامعات ومؤسسات علمية ومراكز دراسات ، مشاريع صناعية وزراعية وغيرها ) شرط ان تكون هذه (الدولة الموازية ) تضم جميع مكونات المجتمع والكفاءات السياسية بتنوعها ، والذي تجمعها روابط واحدة (حب الوطن ) ان فقدان (بوصلة ) التوجيهات السياسية (المختلفة )رغم روحها الوطنية العالية ، عدم وجود مشروع جماهيري مشترك ، فترى (الطاقات الوطنية ) اما انها ، اختارت (العزلة ) بعد ان يئست ،او تتخبط هنا وهناك بحثاُ عن اي منصة اعلامية او تجمع او دعوة الى (التظاهرة) فيما يتقدم بها العمر ، وتتلاشى .. هذا المشروع (الدولة الموازية ) موجود في جميع دول العالم المتقدمة ، فهي تعمل في اداء واجبات (الحكومية) في ذات الوقت تمتلك (دولة موازية) لرعاية الحكومات ومراقبة ادائها وتطوير ادائها والاشتمال على التحديات والمخاطر ورعاية الكفاءات والطاقات على لا تفقد الامة بوصلة توجهها او باختصار (لايتم التامر عليها )!!

في العراق (الان ) ليس لدينا دولة انما (شبح دولة )وذلك هو (الخطر الاكبر ) ، حيث لا سياسي يعرف مهمته ، ولا الموظف ولا رجل الامن ، ولا صاحب راس المال ، ولا الشباب ولا ستاذ الجامعي والمثقف .. لذا لايمكن العيش في ظل (شبح الدولة ) ، وهنا يبدا مشروع (الدولة الموازية ) والذي تحتاج الى ( تفصيل اكبر ) . واذا ما كانت الفكرة قد وصلت ، ولا اريد ان افصح عن كيفية العمل بها ، حتى لا اخنق الافكار التي يمكن أن تدعم (المشروع ).

ــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك