محمود الهاشمي ||
هناك قلق و(شده) عام لدى جميع الاوساط الوطنية في العراق ،وهذا القلق مرده الى ان هذا البلد ليس له من (مرجع ) أو (رمز) سياسي تؤول اليه الامور في اي حال تحتاجه المرحلة او ما سيلحقها .
خلو الساحة من (المرجع )يعود لاسباب عديدة في مقدمتها فقدان ثقة المواطن بالطبقة السياسية الحاكمة ،ووضعهم جميعا في (دائرة السوء) .
عندها نسال ؛-ماذا يعني فقدان المرجع السياسي في اي بلد ؟
هذا يعني ان الشعب ،يصعب عليه الانتماء الى الارض او المجتمع ويرى في كل المخلوقات التي حوله انها مجرد (هياكل )ميتة ،تدورُ وتتحرك اشبه بعالم المخلوقات التي في الغابة لاتأمن على قوة يومها او غدها .
الفئة المثقفة هي الاكثر (قلقا) على مصير البلد لانها تتحسس (الزلزال) قبل وقوعه ،وتدرك مسؤوليتها اتجاه المجتمع ،وهذه (الفئة ) تملك الحلول ولكنها لاتملك ادوات الحل ،وحين تستجمع قواها ،فليس لها سوى ان تطلق صوتها في الاثير عبر منصات اعلامية هنا وهناك منزوعة التوجه ودون ادنى مشروع لانقاذ البلد .
انا اتابع الشأن العربي اكثر من اي منطقة اخرى ،وارى بلداننا مثل قطع الدومينو تتساقط الواحدة تلو الاخرى ،وتهرب من ساتر الى آخر ولم يبق لديها سوى ان تلقي نفسها اما بالبحر او ان تنتظر طائرات (حفتر) تسقط عليها المنازل وتموت !!
مانمر به الان يشبه كثيرا مامرت به امتنا في مراحل التاريخ السابقة حيث سقطت بغداد على يد المغول عام (1258) ميلادي وبقيت يتداولها الاستعمار على مدى 720 عاما ،وخلال ذلك غطت في ظلام دامس بحيث ان الانكليز عندما احصوا سكان العراق بعد احتلالهم له ،وجدوه مليون وسبعمائة وخمسين الف لاغير !! ولم يرثوا بناية او صرح عمراني سوى (القشلة )!! اما البقية فمجرد خرائب !!
لايمكن ل(الفئة المثقفة الوطنية ) ان تبقى رهينة الصراخ بين الخرائب ،فليس هنالك من يسمع ،بل العكس في احيان كثيرة ،تكون هذه النخبة سببا للمزيد من الالم والقلق لمجتمعها ،حيث من السهل ان تجلس وتلطم وجهك لمرات حتى تدميه ندما على موقف او اعتراض على امر ،فهذا يسعد خصمك لانه يشعر آنك اولا غير قادر ان تفعل شيأ بالضد وثانيا آنك افرغت همومك وبطل في داخلك الثأر !!
عندما انتهى الامر الى اختيار مصطفى الكاظمي لمنصب رئاسة مجلس الوزراء لم يكن احد وقد تفاءل بقدومه ،بل العكس اتفق الجميع على انه الجدار الاضعف في كل العملية السياسية الى درجة ان بعض السياسيين تجافى جنبه عن المضجع لايام وايام على الظرف الذي انتهى به الامر لاختيار شخصية مثل الكاظمي لانه على علم بطبيعة شخصيته !!
لايحق لاحد من السياسيين الاعتراض ،ولانقبل خياراتهم ،فالسيد الكاظمي هو خيارهم وليس خيار الشعب ،وهم اعلم بتفاصيله لذا فكل مايصدر عنه ،لايحق لاحد التعجب منه ،لافي اختيار الحاشية الذين من حوله ،فهم اصدقاؤه من زمن بعيد ،ولا في قراراته اتجاه رواتب المتقاعدين او رفحاء او السجناء السياسيين واسر الشهداء ،فهي قرارات منسجمة مع طبيعة توجهاته ،وكذلك لايحق العجب عندما تسقط محافظات الجنوب والوسط بيد( الصبيان )
فهو مشروعه لمعاقبة من رفعوا ايديهم انتصارا لقرار مجلس النواب باخراج القوات الاجنبية من البلد !
حتى حين تجري الانتخابات المبكرة في عهده ،فانها ليس فيها من سنجده يمثلنا فقد خرّجت السفارة الاميركية عدة دورات وقالت لهم بالنص (انتم قادة العراق بالمستقبل ) !!
فجميع مكاتب فصائل المقاومة والحشد والاحزاب الاخرى أغلقت ابوابها وهاجرت ،ولم يبق لها سوى محافظة بغداد مسكنا ومؤىً!!
كما ان المرجعية الرشيدة (بح صوتها) وبات الخطر يهدد المحيط الذي حولها ودماء الضباط الكبار وهم ينزفون دما جراء الحجر الذي اصاب رؤوسهم وهشمها قبل ايام خير دليل !
ولا شك انه بعد سقوط محافظات الوسط والجنوب بيد السفارة الاميركية ،سيكون الشعار الجديد (قادمون يا بغداد ) فالى اين المفر ؟
ستعقب ذلك حملة اعلامية واسعة لاخراج الحشد الشعبي من المناطق الغربية ،والحجج جاهزة وقد لاحت قرون بعض من هذا المخطط !!
مايمس مناطق الوسط والجنوب تنتظره المناطق الغربية والاقليم ايضا،وعودة رافع العيساوي واحدة من علاماته والاخرون سيتواترون تباعا.!
السيد الكاظمي ماض في مشروعه ومعه السيد رئيس الجمهورية ،ومجلس الوزراء ،وحتى حين يتخذ قرارا ثم يتراجع فانما يود ان يقول (لاأمان في اي قرار ،وليس هنالك من يأمن منكم على مستقبله ،فقد تنهض صباحا وانت دون ادنى سبب للعيش )
كما لانتوقع (من المفاوض العراقي )في الحوار مع الولايات المتحدة خيرا ،فاوراق التفاوض كتبت (في اللوح ) قبل ان تكون المفاوضات والمفاوضون!!
كل الفئات المثقفة من الذين التحقوا بالتظاهرات في تشرين من احزاب سياسية ومستقلين وكتاب ورسامين وفنانين وغيرهم انسحبوا بعد ان لم يجدوا من (يشبههم )في سوح التظاهر ،وهم (الان) في حال من الاحباط لم يشهدوه في كل تاريخهم السياسي !!
المجيء بالكاظمي (ضربة استاذ) فهو (مقلق) ان (قام او قعد ) وليس لاأحد ان يثق بغده قط ،اللهم الا اولئك الشخصيات التي كانت قد عافتهم (القافلة) منذ قرون ممن اصيبوا في معارك الحياة ب(العوق) بكل عناوينه!!
واذا اسلمنا اننا جميعا في حال واحد ،ولاخلاص،وان من يفكر ان يلقي بكاهله على امريكا ،فهذه الدولة مشروعها واحد وهو (الخنق) ومن كان يأمل بايران فانها استمعت الى اصواتنا ونحن نهتف ضدها (بره بره )ومن كان يعول على السعودية فرسائلها وصلتنا بكل امان (خمسة الاف انتحاري )!!ومن يعول على الصين فطريق الحرير يحتاج الى من يؤمنه!!
تركيا قادمة لتسد فراغ امريكا في المنطقة وترعى مصالحها ،ونعتقد ان طلائع قواتها وصلت الى سوريا والعراق وليبيا الخ
الًوسط الثقافي عليه ان يفهم هذه المعادلة ،ثم يهتم بالحلول ،وهي (معادلة) ليست سهلة لاننا ورثنا اخطاء وهفوات قرون وليس اعوام وايام ،ولابد وقبل ان نبدأ ثورتنا نحصي ذخيرتنا وان نعض عَلَى نواجذنا ونعير اَللَّهَ جُمْاجمنا وان نرمي بِبَصَرِنا أَقْصَى اَلْقَوْمِ ونغض البصر وَنعلم أَنَّ اَلنَّصْرَ مِنْ عند الله سبحانه وتعالى )
عدا ذلك فليس منا من سيكون في منأى عن الخطر ،،فالصبيان قادمون !!
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha