فهد الجبوري ||
دخل ما يسمى "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا" هذا اليوم ١٧ يونيو /حزيران حيز التنفيذ بعد أن صادق عليه الإرهابي دونالد ترامب.
وباختصار ، فإن هذا "القانون" الجائر والظالم يتضمن فرض عقوبات اقتصادية ومالية ومصرفية على سوريا ، ويستهدف أيضا الصناعات السورية ومشاريع البنى التحتية وإنتاج الطاقة والجوانب العسكرية .
ويعطي للإرهابي ترامب الحق بفرض العقوبات على الأجانب اذا قاموا بتوفير الدعم المالي والتقني لسوريا ، او التعاقد مع الحكومة السورية او المؤسسات الرسمية في سوريا ، كما يطال كل شخص يبيع او يوفر سلعا او خدمات او تقنيات او يسهل صيانة او توسيع الإنتاج المحلي للحكومة السورية في الغاز الطبيعي او النفط او المنتجات النفطية .
إن هذا "القانون" الظالم يمثل مرحلة جديدة في الحرب العسكرية والاقتصادية والنفسية التي تقوم بها الولايات المتحدة على سوريا وعلى المنطقة عموما ، وهو يهدف الى تجويع الشعب السوري وتركيعه بعد ان فشلت أمريكا وحلفائها في المنطقة من أسقاط النظام في سوريا واستبداله بالجماعات الإرهابية .
لقد انفقت امريكا وباعتراف الإرهابي ترامب ٩٠ مليار دولار على حربها ضد الشعب السوري ، كما ان عملائها من حكومات البترول في الخليج أنفقوا ١٥٠ مليار دولار من أجل تدمير سوريا وجعلها ترضخ وتستسلم وتدخل في مشروع القضاء على المقاومة الإسلامية وخدمة المشروع الصهيو-أمريكي الرامي الى فرض الهيمنة على المنطقة والتحكم بثرواتها ومقدراتها.
إن ذلك كله يذكرنا بما صنعته أمريكا بالشعب العراقي عندما فرضت عليه الحصار والعقوبات في عقد التسعينات من القرن الماضي والتي أدت الى وفاة مئات الآلاف من ابناء الشعب ، وكانت إبادة جماعية وجريمة بحق الإنسانية ، وقد ذهبت كغيرها من الجرائم بدون حساب ومعاقبة ، وهذا هو الذي يشجع الإدارات الأمريكية على ممارسة سياسة البلطجة وفرض العقوبات على كل من يقف بوجه مشاريعها ومخططاتها الخبيثة في المنطقة وعلى مستوى العالم ، وهذا نجده واضحا في العقوبات الجائرة المفروضة على الجمهورية الإسلامية وعلى محور المقاومة .
وإذا كانت أمريكا حريصة على الشعب السوري كما تزعم في " قانونها" الذي حمل مفارقة عجيبة وهي "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا "، فلماذا تريد محاصرة شعبها المقاوم وفرض الحصار عليه وتجويعه وتدمير بناه التحتية وإلحاق كل أشكال الأذى به.
ان سوريا التي قاومت المخطط الأمريكي -الاسرائيلي المدعوم من الأنظمة الخليجية وتمكنت وبدعم حلفائها من القضاء على الجماعات الإرهابية وتحرير اكثر من ٨٠٪ من الأراضي السورية ومازالت تخوض المعارك لتطهير ما تبقى من مناطق وطرد الإرهابيين منها لهي قادرة على إفشال هذا المخطط الخبيث.
ان الولايات المتحدة قدمت الدعم المادي والعسكري للجماعات الإرهابية في سوريا وتكون قد تلطخت أيديها بقتل المدنيين السوريين وتدمير المنشآت المدنية للدولة وللقطاع الخاص .
إن الشعب السوري سيقاوم هذه العقوبات كما قاوم الإرهاب طيلة تسع سنوات ، وقد مورست كل الضغوط على الحكومة السورية ، وجاءتها عروض بمليارات الدولارات من دول الخليج للتخلي عن علاقتها مع الجمهورية الإسلامية ومع حزب الله والمنظمات الفلسطينية ، لكنها رفضت كل ذلك ، واليوم وبعد أن يئست امريكا وحلفائها من إسقاط سوريا ونظامها بالحرب العسكرية او بالاغراءات المادية ، لجأوا الى الحصار والعقوبات والتجويع وهو نفس الأسلوب الذي مارسوه على الشعب العراقي . وما نخشاه أن ذلك مقدمة لغزو سوريا كما جرى ذلك مع العراق عام ٢٠٠٣.
لكن ما يجعلنا نستبعد ذلك هو ان الظروف التي تمر بها المنطقة والعالم تختلف عن الظروف التي كانت سائدة آنذاك .
موازين القوى قد تغيرت ، واليوم سوريا ليست معزولة كما كان العراق ، بل ان محور المقاومة والشعوب العربية تقف الى جانب الشعب السوري ، كما ان حلفاء سوريا الدوليين وفي مقدمتهم الجمهورية الإسلامية و روسيا لن يتخلوا عن حليفتهم .
السيد حسن نصرالله أكد في حديث تلفزيوني مساء امس الثلاثاء ان حلفاء سوريا الذين وقفوا معها سياسيا وعسكريا لن يتخلوا عنها في مواجهة الحرب الاقتصادية ولن يسمحوا لها ان تسقط مؤكدا ان المستهدف من "قانون" قيصر هو الشعب السوري وعودة الحرب الأهلية .
إن جرائم أمريكا بحق الشعوب لا ينبغي السكوت عنها ولابد من فضح ممارساتها العدوانية وانتهاكاتها الخطيرة لحقوق الإنسان وهناك ملفات كثيرة في هذا المجال ومنها ملف جرائمها في العراق الذي يجب طرحه من جديد على المستويات السياسية والحقوقية والإعلامية تزامنا مع "قانون" قيصر وما أشبه اليوم بالبارحة .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha