المقالات

شمال العراق تحت مطرقة الاتراك ..  


عامر جاسم العيداني ||

 

تركيا تشن حملة عسكرية واسعة ضد حزب العمال الكوردستاني PKK في شمال العراق ابتدأتها بقصف عنيف على 151 موقعا يعتقد انها تعود لهذا الحزب وشمل مناطق كثيرة من محافظة دهوك . وتأتي هذه العملية والتي سميت (مخلب النسر ) بعد ان ضاقت الحكومة التركية من العمليات التي يقوم بها افراد حزب العمال في مناطق جنوب تركيا المحاذية للحدود العراقية والتي يتمركز فيها افراده في الجبال الوعرة في جبال اقليم كردستان مثل جبل قنديل .

وقراءتنا لهذه لهذه الاحداث ومسبباتها هو ان اكراد تركيا المتمثل بحزب العمال الكردستاني يقاتل من اجل الحصول على الاستقلال والذي ترفض كل الحكومات التركية المتعاقبة على منحهم ذلك والذي ادى الى اعتقال قائدهم (عبدالله أوجلان) عام 1999 على يد المخابرات التركية في نيروبي عاصمة كينيا ويعتبر المؤسس لحزب العمال الكردستاني عام 1978 وادرج لاحقا تحت قائمة المنظمات الارهابية لدى الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة ، وبعد اعتقال اوجلان انتقل افراد الحزب من المقاتلين الى جبال العراق ليتخذوها منطلقا لهم في عملياتهم ضد الجيش التركي ومؤسساته ، ويذكر ان اوجلان دعا من داخل سجنه الى وقف الاعمال العسكرية واللجوء الى الحوار من اجل السلام ولكن لم تنجح خطوته مما ادى الى التصعيد العسكري لجماعته .

وقد ناشدت الحكومة التركية العراق عدة مرات الحكومة العراقية بضرورة منع ال PKK من شن الهجمات عليها وضرورة تجريده من السلاح ولكن لم تجد استجابة منها بسبب عدم بسط السلطة العراقية على مناطق اقليم كردستان لكونها منطقة حكم ذاتي تمردت ادارته على حكومة المركز ، ولكن ضغط الاتراك على حكومة الاقليم أدى الى غلق مكاتب حزب العمال ووقف الدعم الذي كان علنيا ، ولكن استمر بشكل سري وعجزت الحكومة التركية من ايقاف نشاطاته فقررت القيام بعملية عسكرية واسعة ضده في داخل الاراضي العراقية تحت اسم مخلب النسر مبدئتا بالقصف الجوي على مواقعه .

وكانت هناك احداث حصلت قبل قيام الاتراك بالعملية العسكرية ومنها قيام رئيس المخابرات التركي (هاكان) بزيارة الى العراق والتي تعتبر مؤشرا جديدا لرسم قوة علاقة تركيا بالحكومة الاتحادية الجديدة ضد الاقليم الذي طالما تمرد عليها وكانت من نتائج هذه الزيارة استهلت تركيا عملياتها بالضربة الصاروخية لبعض مناطق يسكنها حزب العمال في سنجار وغيرها ، والمصادر توكد ان مسعود برزاني شعر بالإهانة الجارحة له كون هذه الضربات تعتبر ردا على دعمه السري لحزب العمال وايضا يشعر الخط البرزاني بان تركيا نسقت علاقاتها مع المركز وهمشت الاقليم .

وتوالت الاخبار عن توغل قوات خاصة تركية في شمالي العراق ضمن عملية عسكرية جديدة تستهدف معاقل حزب العمال الكردستاني، وقد تم التمهيد لها بقصف مدفعي وصاروخي مكثف بالتوازي مع غارات جوية وسميت عملية ( مخلب النمر ).

وعلى أثر هذه العملية العسكرية قامت الحكومة العراقية بدعوة السفير التركي في بغداد وقدمت له مذكرة إدانة من الحكومة العراقية لانتهاكات حرمة وسيادة الأراضي والأجواء العراقية، واعتبرت أنه مخالف للمواثيق الدولية، وقواعد القانون الدولي ذات الصلة، وعلاقات الصداقة، ومبادئ حسن الجوار، والاحترام المُتبادل ودعت فيها الحكومة التركية بوقف العمليات العسكرية الاحادية واللجوء الى التفاوض .

ولكن مما يؤسف لها انها كانت دعوة خجولة وليس فيها اي خطوة او اجراء ممكن ان يتخذها العراق في حال عدم توقفها ، ويتضح من هذه المذكرة ان العراق قدمها لذر الرماد في عيون الاكراد ودليل على ان الخطوات التصعيدية التركية جاءت بالاتفاق مع الجانب العراقي لغرض تقليم اظافر البرزاني الذي طالما تمادى بالتمرد على حكومة المركز وكذلك دعم حزب العمال الكردستاني بالسر .

والجدير باالذكر انه طالما طالبت الحكومة المركزية من الاقليم بضرورة تسليم ايرادات النفط المتفق عليها بحدود 250 الف برميل يوميا ولكنها ما طلت بالدفع تحت حجج واهية ، وكذلك رفضت طلب ادارة المنافذ الحدودية ومنعت دخول اية قوة عسكرية اتحادية الى الاقليم ، وهنا يعتقد ان الحكومة العراقية قررت العمل مع تركيا من اجل اغلاق جميع المنافذ الحدودية مع الاقليم وفتح منفذ حدودي مباشر بين أنقرة وبغداد من دون المرور عبر الاقليم وكذلك وقف تصدير النفط عبرها واغلاق الانبوب المار باراضيها وهذا يضرر الخط التجاري غير الرسمي لتجارة مسعود ويضعف دوره السياسي.

ومن نتائج هذه العملية العسكرية التي سوف تلقي بظلالها على المفاوض الكوردي مع بغداد الان حيث أن موقفهم سيكون ضعيف جدا بسبب وجود اشارة بان وفدا تركيا سيزور بغداد ليناقش موضوع غلق كل منافذ الاقليم الى تركيا غير الرسمية ويستبدلها بمنافذ رسمية وايضا ستكون تجارة النفط عبر تركيا ، ومن هنا يبدو أن تركيا قررت تضييق الخناق على مسعود البرزاني جدا كونه يقوم بتحركات تهدد الأمن القومي التركي .

ومن المحتمل ان الساسة الكؤرد سوف يعملون على ايجاد مخرج من الورطة التي وقعوا فيها بسبب تمردهم على حكومة المركز ودعمهم للعمال الكوردستاني وذلك من خلال تقديمهم لتنازلات كبيرة لها وقبول كل الاملاءات التي تفرضها عليهم الحكومة ، وهنا يتطلب من الحكومة الاتحادية ان تفرض كل شروطها على الكورد وعدم التنازل عن اي من الحقوق الوطنية المقررة في الدستور واخضاعهم الى سلطتها وتوقيعهم على هذه الشروط وفق اتفاق غير قابل للنقض ومنها دخول القوات العراقية الاتحادية للاقليم ومسك الحدود وكذلك كافة المنافذ الحدودية وفتح مقرات للشرطة الاتحادية وممارسة نشاطها في ملاحقة المجرمين الفارين من العدالة والذين يحتضنهم الاقليم .

ـــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك