ضياء المحسن ||
يقول المثل ((رُب ضارة نافعة)) وهو مثل يُضرب عندما يتعرض الإنسان لموقف يعتقد أنه تسبب له بضرر في الوقت الحاضر، لكن مع مرور الوقت يتبين له أن هذا الموقف كان فيه نفع كبير له،لكنه لم يكن ينظر إليه في حينه، ومثل هذا الأمر يحصل ليس فقط في حياة الإنسان العادية، بل أن الأمر يتعدى ذلك حتى في العلاقات الدولية.
نعلم جيداً أن مسألة إختراق الحدود وضرب المناطق الحدودية من الجارتين تركيا وإيران فيه ضرر كبير على العراق، لكن ماذا يمكن أن يعود على العراق من نفع من خلال تلك الضربات الموجهة أساسا الى حركات إنفصالية تركية وإيرانية تتخذ من العمق العراقي منطلقا لعملياتها؟
قد يتهمنا البعض بأننا نبالغ في الأمر، لكن واقعا هذه هي الحقيقة، فالضربات التركية تحديدا الى الإنفصاليين الأكراد من الجنسية التركية فيه نفع كبير للعراق، وهذا ما حصل عندما جاء رئيس المخابرات التركية في زيارة للعراق، والتقى فيها بالمسؤولين العراقيين.
معلوم للجميع أن عمليات تهريب تقوم بها هذه المنظمات لتمويل عملياتها في تركيا وحتى في إيران، ولذلك حاول المسؤول التركي إقناع الجانب العراقي بضرورة فتح معبر أخر بعيد عن سيطرة الأكراد في شمال العراق، وهو الأمر الذي أدى الى إنزعاج أكراد العراق، كونه سيحرمهم من إيرادات كانوا يمتنعون عن تسليمها لحكومة المركز.
بالإضافة الى ذلك فإن الحكومة التركية لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستمتنع عن السماح لنفط الشمال بالمرور إلا عبر شركة سومو، وهو ما سيضع المسؤولين هناك في ورطة مالية حقيقية، بعدما كانوا يتحكمون في تلك الأموال بعيدا عن المركز، بالتالي ستكتشف الحكومة المركزية قيمة الأموال المسروقة من قبل الأكراد طيلة السنوات الماضية، بما يضعهم أمام حرج أمام المواطنين هناك.
من هنا فإن العملية العسكرية الجارية في شمال العراق، مع أن هناك ضرر للقرى التي تتعرض للقصف، لكن مع ذلك فإن الجانب الإيجابي فيها هو عودة شمال العراق راضخا لما تمليه حكومة بغداد، خاصة فيما يتعلق بتقديم جرد كامل لأعداد قوات البيشمركة موظفي الدوائر هناك، بالإضافة الى بسط سلطة المركز على المطارات والمنافذ الحدودية.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha