قاسم الغراوي ||
لحل كل معضلة او مشكلة او تقييم فشل علينا ان نشخص سبب الفشل، وبالتالي نتعامل مع الاسباب ونجد الحلول ونبتعد عن تسليط الضوء على الأعراض .
مشكلة التجربة الديمقراطية في العراق ليس النظام البرلماني ، انا شخصيآ أراه الأمثل والأحسن، ولا السبب وجود احزاب ، باعتبار الاحزاب احد اهم مرتكزاتٍ ومقومات الديمقراطية للعملية السياسية.
المشكلة الحقيقية ان غالبية الاحزاب التي نشات في العراق ليست احزاب بالمعنى الحزبي وفشلت فشلاً تاماً في بناء بنية حزبية واعية وسليمة لديها اتجاه أيديولوجي او بوصلة فكرية وتخطيط ورؤية مستقبلية لقيادة العراق والنهوض به من تحت الركام.
بامكانك وانت تتابع مختلف النشاطات الحزبية ستجزم بأنها بعيدة عن اسقاطات الواقع العراقي وهي قريبة للرؤية التنظيرية لهذا الواقع حيث تولد الازمات وتغيب الحلول.
وأعتقد لانجد فرقا بين حزبا واخر عدى العنوان فالشعارات واحده والبرامج متشابهة والنظام الداخلي مستنسخا وتغيب الحلول والاستراتيجيات في بناء دولة عصرية مع نظام ديمقراطي حقيقي بعيدا عن التقسيم الطائفي وتقاسم المغانم والحصص تحت عنوان المشاركة في ادارة السلطة واللحمة الوطنية والاستحقاق المكوناتي وبالنتيجة فاسدون حد النخاع متغولون بفسادهم المتجذر في مؤسسات الدولة.
تعاقبت الاحزاب في استلام السلطة وتشاركت فيها لكننا لانجد فرقآ في توجه سياسة الدولة و اتجاهها في المستقبل حتى لو أستلم هذا او ذاك السلطة ، فماذا سيتغير في سياسة الدولة الاقتصادية، الخارجية، العدل والقانون، مكافحة الفقر، العدالة الاجتماعية، توفير السكن المدعوم، مكافحة البطالة، الاستثمار، الخدمات، المواصلات، الخدمات الصحية، الحريات العامة، الأعمار و سياسة البيئة، السياسة الامنية وحقوق الانسان..... الخ.
السبب ان اغلب من انخرط في العمل الحزبي ليس لديه فكرة في كيفية إدارة الدولة او طموح او رؤية سوى استلام المنصب والامتيازات والدليل تعاقب اشكاليات تشكيل الحكومات حول توزيع الحقائب والدرجات الخاصة.
وبعد تجربة الديمقراطية اصبحت المحاصصة و الطائفة و القومية و الدين و المذهب هو القاسم المشترك الأدنى ولا حاجة لبوصلة لرسم الطريق نحو مستقبل عراقي ناهض وموحد وقوي ، فالتصويت محسوم لابن عشيرتي او طائفتي و مذهبي.
بعد دخول النواب الى قبة البرلمان تبدأ المفاوضات وبيع وشراء المناصب و ياتي وقت السماسرة السياسيين و تتغير الكتل ومسمياتها وأحجامها حسب المعطيات و المصالح وتنشطر إلى كتل أصغر وأصغر لمجرد ان أتقنت فن اللعبة وخفاياها وتتقدم المصالح الحزبية على المصالح الوطنية لذا نحن دائما في أزمات واهتزازات سياسية.
البرلمان كله يتفق على حكومة ممكن نسميها حكومة ائتلاف جامعه ومنوعة وفي هذه الحالة غير متجانسة لغياب الحزب او الكتلة الفائزة التي تشكل الحكومة بدون ضغوطات او شروط.
البرلمان عمليًا دون معارضة و في نفس الوقت كله معارضة باتجاه الحكومة من خسر المناصب يلوح بالمعارضة ومن تمكن من الحكومة يعد مواليا لها ويدافع عنها.
الديمقراطيات الحديثة و التي نجحت حكمت من قبل سياسيين و احزاب ذو اتجاه سياسي معروف و محدد و لهم رؤية مستقبلية.
أما حكومة التكنوقراط هم من يحكمون في ظل أزمة او مشاكل طارئة ودورهم يقتصر على تصريف امور الدولة الى حين الرجوع الى الوضع الطبيعي، كما حدث مثلا في إيطاليا وتونس لتجاوز الأزمات الاقتصادية وقيادة البلد الى بر الامان وهي فترة زمنية انتقالية لتهدئة الامور الى حين القيام بانتخابات جديدة او مبكرة.
على الاحزاب السياسية في العراق استغلال الفرصة لإعادة تقييم أدائهم منذ ٢٠٠٣ واعادة كتابة برنامجهم السياسي و تصحيح البوصلة و افكارهم واهدافهم و طموحاتهم لبداية جديدة وصحيحة بالتعافي من اخطاءهم.
كما نتمنى مستقبلا أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة من استطاع ان يجد ائتلافآ داخل البرلمان عدد نوابه النصف + ١ هذه هي الكتلة الأقوى او الأكبر و ليس ما يحدده رئيس محكمة دستورية وتختلف عليها الاحزاب.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha