المقالات

ثورة العشرين العراقية حيةٌ في الوجدان العراقي  


عبد الكاظم حسن الجابري ||

 

رغم ان ثورة العشرين الخالدة لم تكن الأولى في التاريخ العراقي المقاوم للاحتلال البريطاني, فقد سبقتها ثورتا النجف عامي 1916 و1918, الا انها –ثورة العشرين- كانت صاحبة الاثر الاكبر في الفكر العراقي عموما والشيعي خصوصا.

كما قلنا ان ثورتي النجف كانتا قد انطلقتا لمقاومة المحتل الانكليزي, وما رافقها من حصار لمدينة النجف الاشرف وتجويع وترويع اهلها فكانت ارهاصات ثورة 1918 تلقي الحسرة والأم في قلوب النجفيين, فبدأت تتولد لديهم فكرة الانطلاق بثورة شعبية عامة يتم فيها دعوة العشائر للانخراط فيها.

وبالفعل سعى الحزب الوطني الاسلامي النجفي -وقبله جمعية النهضة الاسلامية- الذي تأسس في النجف الاشرف على يد بعض ابناء البيوتات النجفية كبيت ال كمال الديني وال الشبيبي وال الجزائري وال الجواهري, الى العمل على ثورة عراقية كبرى, وبالفعل عملوا على التواصل مع ابناء العشائر, فتواصل هؤلاء المؤسسون مع الزعماء, وكان أول من اتصلوا به هو السيد علوان الياسري من سادة وشيوخ المشخاب, والذي تعهد بان يتحرك على زعماء شيوخ الفرات الأوسط, وتم بالفعل الاتصال مع عشائر الديوانية والسماوة والناصرية.

الحقيقة ان اسباب نشوب الثورة كثيرة, واهمها تنامي الشعور الوطني لدى العراقيين –الشيعة منهم خاصة- ورفضهم العيش في ظل حاكم اجنبي, وكذلك سوء المعاملة التي يمارسها الجنود البريطانيون, وتعيين الهنود والارمن والاكراد في الوظائف الحكومية, وايضا اهانة رموز المجتمع وقادته من قبل الضباط الانكليز, ودور فتاوى علماء الشيعة في محاربة المحتل.

حمل الشيعة وقادتهم من المراجع ثقل الثورة وانفردوا به, واطلق الشيخ محمد تقي الشيرازي والسيد هبة الدين الشهرستاني –من علماء كربلاء- فتواهم للاذن بالثورة, وبخلاف البصرة والعمارة والكوت, فان كل محافظات الوسط والجنوب قد انخرطت في الثورة, وشاركتها الكاظمية في بغداد وكان الخالص والحيدري في طليعة علماء الدين الثوريين في بغداد, وكذلك قبائل عزة والكرخية وبني تميم والكبيشات في ديالي ولم تدم ثورة ديالى الا ايام قلائل حيث تم اخمادها.

 اما حادثة الشيخ ضاري رئيس زوبع, ومقتل الضابط لجمن فهي لها اسبابها الخاصة, ومتأخرة عن ثورة العشرين بشهر ونصف تقريبا (12اب 1920), ولما اراد الشيخ ضاري استنهاض عشائر الفلوجة والتي كان رئيس عشائرها الشيخ علي سليمان شيخ الدليم, رفض الشيخ علي السليمان عرض الشيخ ضاري ونهاه عن محاربة الانكليز, وقال ان لم تخرج من الفلوجة فستكون انت حصتي وعندها انسحب الشيخ ضاري وفشلت حركته. 

هنا لا نريد ان نناقش حيثيات الثورة وما الى ذلك من ارهاصات رافقتها, ورغم ان الثورة -ونظرا لما يمتلكه الانكليز من قوة سلاح ومجندين- قد فشلت في طرد المحتل نهائيا, الا انها صارت مبعثا للروح الوطنية والثورية لدى الطامحين بالحرية والتخلص من الاستعمار.

بقيت ثورة العشرين تلامس الوجدان الشعبي العراقي, وتبعث في نفوس العراقيين الهمم, وتجعلهم ذائبين في المشروع التحرري الرافض لكل انواع الاحتلال, وغدت ثورة العشرين معينا صافيا لقصائد الشعراء واصحاب الاهازيج الذين يطلقونها في اشعارهم افتخارا واستلاهما للنهضة وللانبعاث الوطني.

سيظل يوم 30 حزيران -وهو انطلاق الثورة- يوما خالدا, ملهما للمتنورين الباحثين عن الحرية, وللعاملين على رفض كل اشكال الاحتلال, وملهما لجند المرجعية الذين اثبتوا في كل الخطوب انهم رهن اشارتها كلما داهم العراق خطرا.

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك