محمود الهاشمي ||
منذ بداية الدورة التشريعية الحالية "الرابعة" والتهم تترى ضد رئيس الجمهورية السيد برهم صالح، فيما هو لايكترث لاي منها، وذاهب الى حيث هو ذاهب لتطبيق المخطط الامريكي ربما اسرع مما يتوقعه الامريكان انفسهم.
مجيء السيد برهم صالح لرئاسة الجمهورية جاء بعد عملية شد وجذب باعتبار ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني يومها طالب بان منصب رئيس الجمهورية هو "حق كوردي" وغير محصور في جهة سياسية بعينها "الاتحاد الوطني الكردستاني".
لما كانت تداعيات "الاستفتاء" التي تبناها مسعود مازالت –يومها- قائمة وحاضرة في الساحة، والتي من مخاطرها "تقسيم البلد" لذا لم تتفاعل "الاحزاب الشيعية" مع مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وعلى الرغم من ان برهم صالح –يومها- كان خارج المعادلات السياسية وليس له من موطن قدم في الاقليم، بعد ان خرج من الاتحاد وصنع لنفسه حزباً وفشل، الا ان الخيار بترشيحه الى منصب رئاسة الجمهورية كان "الاحوط" لما عرف عن برهم من المرونة وعدم التفاعل مع "التعصب" في اربيل وله علاقات طيبة مع جميع الاطراف السياسية، كما انه كان نائباً للمرحوم جلال طالباني ولما لشخصية الاخير من تقدير لدى العراقيين عموماً.
المفاجاة الاولى التي اذهلت الجميع، ان السيد برهم صالح استولى على صلاحيات رئيس الوزراء "عادل عبد المهدي"، فبينما كان عادل عبد المهدي مهتماً بشؤون "صغيرة"مثل تغيير موقع مكتبه الى "المجلس الوطني القديم" رغم حجم الدمار الذي لحق به نتيجة تعرضه للقصف الامريكي ايام الاحتلال الاولى برفع الدعامات الكونكريتية عن الدوائر والشوارع وزيارة علوة الرشيد، والترشيح للوزارات عن طريق الانترنت، كان برهم صالح في جولات دولية زار فيها دول الاتحاد الاوربي وحضر المؤتمرات ، كما زار دول الخليج ايضاً.
مع تقادم الايام استولى برهم صالح على ادارة الدولة وشكل لنفسه دائرة فاعلة بالتعاون مع السفارة الامريكية وسط تهاون "مقصود" من السيد رئيس الوزراء، ووسط "جلبة اعلامية"، تشكلت بادارة السيد برهم صالح داخلية وخارجية ورث بعضاً منها من السيد حيدر العبادي، مستفيداً من نقمته على "البيت الشيعي "الذي "حرمه" من اعادة تشريحه لدورة ثانية، لمنصب رئاسة الوزراء، وانخراطه مع المشروع الامريكي ، ومستفيداً من علاقته برئيس جهاز المخابرات السيد مصطفى الكاظمي حيث كان الاخير رئيساً لتحرير مجلة "الاسبوعية" المدعومة من قبل السيد برهم نفسه.
ان سكوت "الاكراد" عن تمدد برهم صالح وسلطته وسطوته، داخل بغداد جاءت بسبب تهاون عادل عبد المهدي الذي منحهم المزيد من الامتيازات في شؤون النفط واموال المنافذ الحدودية، كما اضعف لهم القرار في بغداد.
استطاع برهم صالح في هذه الفترة ان يرسخ وجوده اكثر في بغداد، ويشكل لنفسه كياناً خاصاً دون الحاجة للاقليم متمثلاً برئيس مجلس النواب الحلبوسي الذي "تأمرك "خلال تعاقب زياراته الى واشنطن، وبثلاث كتل شيعية انفصلت عن "البيت الشيعي" وتماهت مع المخطط الامريكي، وكذلك بالدعم الامريكي.
انطلاق – احتجاجات تشرين- كان مخططاً لها سيناريو كاملاً بدأ في احتجاجات "البصرة" والبحث عن "الماء الصافي "الى ان ختم من" 1 "تشرين وحتى الانفجار 25 تشرين.
الكتل الشيعية كانت على علم تام بالمخطط، وان السفارة الامريكية انجزت مهمتها بمهارة تامة بعد ان حصرت جغرافيا "التظاهر" في حدود "الوسط والجنوب" وكان عمل السفارة على اربعة خطوط الاول متمثلاً بالحكومة التي تدار من قبل برهم صالح وعادل عبد المهدي، وبالكتل الشيعية "المنفصلة" وبانتاج القيادات التي تدير التظاهرات من خلال الدورات التي اقامتها السفارة الامريكية "منظمات المجتمع المدني" ومن "قاع المجتمع" الذي عملت على تفعيله ليتولى عمليات الحرق والتدمير والتجاوز على الاملاك العامة والخاصة.
عملية قتل "المتظاهرين" في يومها الاول كانت ضمن المخطط حيث ان اغلب الذين قتلوهم من خارج ساحة التحرير ومن المارة واصحاب المحال ا المتبضعين ، واكثر من اشارة كانت توجه الى "اللواء الرئاسي" .
السيد برهم صالح لم يتاثر بكشف "المخطط" الذي اعلن عنه الشيخ قيس الخزعلي وهو يشير الى موعد التظاهر واهدافها والشخصيات المشاركة بها "احد الرئاسات الثلاث" فيما اتفق الجميع انه "برهم صالح" هو المقصود".
لم يتاثر برهم بالامر ولم يقدم "شكوى" ضد الخزعلي باعتبار انه على راس السلطة، ولايجوز "المساس" به وتوجيه التهم، والامر محصور بين الثلاثة "رئيس مجلس النواب والجمهورية ورئاسة الوزراء"!!.
جرى كل شيء وفق المخطط وتم الثأر من الشيخ قيس الخزعلي بقتل الاخوين العلياويين امام الجميع، وبقيت جغرافيا التظاهرات في حدودها "الوسط والجنوب وأومات المرجعية الدينية لاستقالة رئيس الوزراء و "استقال".
وخلا الجو لبرهم كما يقول طرفة بن العبد " خلا لك الجو فبيضي واصفري..ونقري ما شئت ان تنقري"..
ويبدو ان المخطط كان الوصول الى "الكاظمي" وان جميع الاسماء التي طرحت من "علاوي الى الزرفي" مجرد للمناورة!! كان وراء ذلك كله برهم صالح مستعيناً بالكتلة الشيعية التي فلتت من مدار "البيت" اعني (النصر والحكمة وسائرون)والتي شكلت ضغطاً كبيراً في انهيار "المعادلة السياسية "بعد ان تم ضمان "الكتلة الكوردية" المنعمة بامتيازاتها وبالضغط عليها من قبل امريكا، كذلك تم ضمان "الكتل السنية" فيما ما زال الاعلام المضاد والمناصر للفوضى وغياب سيادة الدولة، وماكان من تاثير لقتل الشهيدين المهندس وسيلماني، على يد الامريكان من تاثير نفسي على جميع الاطراف.
لعب برهم دوراً معقداً حتى استتب الامر ان يقع "اليانصيب" على الكاظمي، بعد ان لاكت الكتل الشيعية المناهضة للتواجد الامريكي "اللقمة مرة" وبعد ان فقدت قوة تاثيرها بالشارع، وان الخيارات هي "الاصعب " عليها.
عمل "الكاظمي" وفق الخطة المعدة له، فعلى مدى شهرين استقدم جميع المشاركين في المشروع الامريكي معه من "الاعلاميين" وعينهم كمستشارين رغم "جدلية" اسمائهم، واشعل الساحة الشعبية بقطع رواتب المتقاعدين والتراجع عنها ثم قطع رواتب "رفحاء" و"السجناء السياسيين" ومعظم ضحايا النظام البائد، واجرى تعديلات ادارية وكانت عملية "التطهير الطائفي واضحة" فيها، ل(الشيعة)واعاد رافع العيساوي وبرأه، ثم هاجم مقر الحشد الشعبي، وجميع ذلك بادارة برهم صالح واشرافه..
اخيراً، ورغم التحامل الكبير لدى الاوساط الشيعية على شخصية السيد رئيس الجمهورية فان الامر لا تاثير له، ودون ان يكترث له قيد انملة، باعتبار ان الاجراءات والاوامر يصدرها رئيس الوزراء والقضاء والسؤال: وماذا تنتظرون وقد دخلت النيران مساكنكم؟..
العراق ليس" عملية سياسية" وليس "طبقة سياسية" فتلك عناوين تتغير باستمرار انما الاهم هو "الوطن" ولايجوز ان يتنازل الشعب عن حقوقه، خاصة وان الجميع قد تضرر، فليس من مصلحة االشعب ان تجري معارك بين الحشد ومكافحة الارهاب، وليس من مصلحة الجنوب والوسط ان يتسيده الفاسدون ولا صبيان امريكا، ولا من مصلحة المناطق الغربية ان تقوده شخصيات تلقي به في المخطط الامريكي والتقسيم وقبول صفقة القرن، وعودة العيساوي و"حماس العراق" وليس من مصلحة الاقليم ان يرزح تحت نير اسرة آل برزان، ولايمكن لدولة بحجم العراق ان يديرها شخص دون خبرة اسمه "مصطفى الكاظمي" ورئيس جمهورية خادم للمشروع الامريكي ورئيس برلمان بلا شخصية
https://telegram.me/buratha