د . جواد الهنداوي*||
اكثر من معلومة ، مصدرها صحيفة نيويورك تايمز ، و شخصية استخباراتية شرق اوسطية ، وتلميحات اسرائيلية ، تشير الى ان اسرائيل هي المدبّر والمسؤول عن الانفجار الذي وقع في مبنى اهم منشأة نووية ، بتاريخ ٢٠٢٠/٧/٢ ، والذي ترك اضراراً مادية بليغة ، وفق ما صرّحَ به مسؤول الطاقة النووية الإيرانية .
تدخل روسيا و مناشدة نائب وزير خارجية روسيا القيادة الإيرانية بالتريث والتأكّد من حيثيات الحادث و أسبابة ، قبل اتخاذ قرار ، امرٌ ،هو الآخر ، دالٌ على الاستنتاجات الإيرانية باتهام اسرائيل .
مراقبة و متابعة اسرائيل للنشاطات النووية الإيرانية تعزّزَا دورهما و أثرهما لسببيّن : السبب الأول هو تحرر ايران من القيود و المراقبة الدولية التي التزمت بها بموجب الاتفاق النووي الأممي، الموقعّ مع الدول الكبرى ، والسبب الثاني يعود الى شخصيّة رئيس المخابرات الاسرائيلية بوسي كوهين ، والمقّرب من نتنياهو ، و كذلك إدارة ترامب ، والذي جعلَ أولويات عمله هو متابعة و مراقبة التحرك النووي الإيراني ، وكذلك تحرّك ايران سياسياً و ميدانياً في المنطقة ، وخاصة في سوريا .
النشاطات و بعض النجاحات التي حققها بوسي كوهن على صعيد عمله الاستخباراتي مصدرها و ساحتها هو الملف الإيراني و الدور الإيراني ، و آخر انجازاته هو تشغيل قمراً ( اوفيك ١٦ ) لمراقبة النشاط النووي الإيراني ، و كذلك التفجير الذي حدثَ قبل أيام في موقع نطنز النووي ، تمديد خدماته لمدة ستة اشهر اخرى إشارة على ما يبدو لإتمام مافي أجنداته من عمليات و نشاطات تخريبية في المنطقة.
توعّدَ الناطق الرسمي باسم الحكومة الإيرانية ،السيد علي ربيعي ، برّدْ مناسب ، وقال ان الحادثة تتوافق مع الطبيعة الإرهابية لاسرائيل .
ستردُ ايران و بذات الطريقة و الغموض اللذان شهدهما الانفجار في الموقع الإيراني . ايران لن تسمح بمرور الحادث دون رّدْ بالمثل ، و أعتقدُ بانَّ تأكيد صحيفة نيويورك تايمز على مسؤولية اسرائيل في الانفجار هو أحراج ايران و دفعها للرّد و للتصعيد ، ولعل المبتغى هو جّر ايران الى أتون حرب قبيل الانتخابات الامريكية ، وهذا ما يريده نتنياهو من اجل دعم صديقه الرئيس ترامب في الانتخابات القادمة .
لا تجد ايران من مصلحتها اندلاع حربٌ في المنطقة ، لاسيما و أنَّ المنطقة تأًّنُ ، ومنذ سنوات ، من حرب اليمن و تداعياتها . لن يتحمّل و يتقبّل الجميع ،في المنطقة و خارجها ، من وقوع حربيّن ،و في آن واحد في المنطقة ، و اقصد حرب اليمن و حرب اخرى .
ترّسختْ في المنطقة قواعد النزال بين امريكا و اسرائيل و حلفائهم من جهة وإيران وسوريا وحركات المقاومة من جهة اخرى : القاعدة الأولى هي حرب اقتصادية و نقدية تشّنها امريكا على المنطقة ، و ترّدُ ايران وحلفائها بقوة المقاومة والاعتماد على الذات و التوجّه شرقاً . والقاعدة الثانية ، تبادل هجمات عسكرية وسيبيرية محسوبة و موزونة بين الطرفيّن ،لا تؤول الى حرب شاملة و تحقق نتائج سياسية اكثر من نتائج عسكرية .
رّدْ ايران المتوقَعْ تجاه الاعتداء الاسرائيلي سيكون ضمن هذه القواعد ، و لن يتأخر . عدم الرّدْ او تأخيره سيشجّع اسرائيل في المضي باعتداءاتها . و عدم الرّدْ او تأخيره ستكون له كذلك تداعيات سياسيّة وتمسُ هيبة و مكانة ايران .
* سفير سابق ، رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .
في ٢٠٢٠/٧/٨.
https://telegram.me/buratha