سامي التميمي ||
أبو ناجي كان معلما ذكيا أنيقا مثقفا تدرج في عمله بعد أن أثبت جدارته وأصبح مشرفا تربويا في مديرية تربية بغداد / الرصافة .
تخرج الكثير من الأجيال من تحت يده وكلهم يصفوه بصفات النبل والكفاءة والثقافة والأحترام .
هو رجل من الطائفة المسيحية الكريمة . يحب دينه وأتجاهاته. هو شغف للقراءة . عندما يعجب بكتاب يعتكف في بيته وبجلس ليقرأ ولايفارق ذالك الكتاب إلا وقت الطعام أو النوم .
ومن ضمن أهتماماته الغناء والموسيقى وهو معجب كثيرا بالمطرب الكبير محمد عبدالوهاب . وكان يدخر من راتبه قسطا لكي يسافر ويحضر حفلاته في عيد شم النسيم بمصر وبعض الحفلات كانت في سوريا ولبنان وتونس والمغرب وغيرها .
ولكن فجأة . تغير هذا الحب الى كره . ترى ماهو السبب !؟
وطبعا لكل منا أسبابه وتبريراته وخصائصه وميوله .
وسأروي لكم تلك القصة عن لسانه .
قال : في أحد حفلاته في عيد شم النسيم في مصر .
كنت قد رتبت أموري مع بعض الأصدقاء وقطعتا تذاكر للسفر والحفلة وحزمنا حقائبنا وكنا فرحين ومتشوقين لهذه الحفلة كثيرا وقررنا أن نلتقط هذه المرة صوراً مع المطرب محمد عبد الوهاب .
حتى وصلنا لمصر وذهبنا للفندق ووضعنا حقائبنا وقد بدأ علينا التعب والنعاس . فكان سلطان النوم قد أجبرنا ونمنا طويلا . حتى فقنا في ساعة متأخرة من الليل . وتناقشنا كثيرا ورسى بنا الأمر أن ننزل للشارع حيث المطاعم الشعبية الجميلة والحياة الصاخبة وليل القاهرة الذي لايعرف النوم حتى الصباح . تناولنا العشاء وشربنا الشاي وتمشينا بشوارع القاهرة الجميلة وشعبها الطيب . حتى بدأ علينا التعب فقررنا العودة للفندق .
وكان موعدنا غدا مع أحدث حفلات الموسيقار الفنان محمد عبدالوهاب . كان كل شئ يجري وفق ماخططنا له . بدأ الحفل وتفاعل الجمهور معه وأسعدنا وطربنا بوصلاته الغنائية وكان المسرح كبيرا وقد غص بمحبيه ومتذوقي فنه . ما أن أنتهى حتى ر كضنا مسرعين وأعطينا ( بخشيش) للحرس والموظفين . لكي نكون أول الناس نحظى بمقابلته والسلام عليه وألتقاط صورة تذكارية معه.
ولكن هنا حدثت الكارثة !؟
هممت فرحا وشوقا بمد يدي له بالسلام عليه لكي أهنئه وأعبر عن شكري له وبفنه .
فاجئني وأصعقني !؟
بعدم مد يده لي .
وقال لي من أين انت قلت له ياسيدي أنا من العراق .
قال لي : أنا أسف لا أصافح أحدا !؟
فقلت له ولماذا !؟
قال لي : خوفا من الأمراض .
فار الدم في عروقي وصرت بركان من الغضب وتشوهت تلك الصورة الجميلة في قلبي وأعماقي ومخيلتي وأحاسيسي ووجداني .
حتى غرقت عيناي بالدموع من الخجل والأهانة .
فقلت له ؛ باسيدي هل تعرف كم كنت احبك . هل تعرف كم كنت أعشقك . هل تعرف كم كنت أحلم أن أكلمك . هل تعرف كم كنت أرسم وأصيغ الكلمات لكي أعبر لك بها عن أحاسيسي . أننا جئنا من العراق . من شعب . تناخى وقدم الكثير من التضحيات من المال والرجال . لنصرة شعب مصر . وكل الدول العربية . ياسيدي كل الفلاسفة والملوك والأنبياء والقسيسين والرؤساء يبادروا لمد يد السلام والتحية للناس الفقراء والمحبين وحتى للأعداء .
من تكون انت : حتى لاتمد يدك للسلام والتحية .
ياسيدي : سوف أعاقب نفسي وسوف أكسر كل أشرطتك وأمزق كل صورك التي صرفت مالا ووقتا من أجلها .
وعلى أثر تلك المحادثة . أنصرف جميع المعجبين من الدول العربية الذين كانوا في نيتهم أن يسلموا عليه ويلتقطوا معه صورا تذكارية . وكانوا جلهم من تونس والمغرب ولبنان وسوريا والجزائر .
لاتصنعوا رموزا وتعضموها في قلوبكم وعقولكم وضمائركم . قبل أن تعرفوا الحقيقة .
ولا تستهزئوا ولاتستكبروا . فما أنت فيه من شهرة من تربعك على عرش السلطة والثقافة والفن والرياضة . فهذا جاء كله بحب الناس وتشجيع الناس ودعمهم لك ودعائهم لك .
فقد تهتز الصورة الجميلة . ومابنيته في سنين سوف ينهار ويسقط بلحظة .
البعض يتقبل كلمات الأعجاب والتصفيق . ولكن لن يتقبل أن تقول له صباح الخير . أو السلام عليكم أو جمعة مباركة . وبعضهم يغلق تلفونه أو يتجاهل فقط لمن يحب .
من يرى نفسه كبيرا . كمن صعد الجبل يرى الناس صغارا . ويرونه صغير .
https://telegram.me/buratha