عبد الكاظم حسن الجابري ||
يقال أن النصيحة لا تعطى إلا لمن يتقبلها, وأن الكلام لا يوضع إلا في محله, ولأني أعرفك جيدا وانت محل تقبل النصح, أو على الأقل إني أعرف أنك قارئ جيد فإنك ستقرأ مقالي هذا, والذي أتوقعه سيصلك بطريقة ما.
لا شك أنك يا سيد عمار ورثت إرثا عائليا كبيرا لمرجعية لهذا ثقلها, وقادت دفة العالم الشيعي لعقود, وأن عائلتك محط ثقة واحترام جميع من عرفها, فأعمامك كانوا علماء عباد زهاد شهداء, كما إنك ورثت إرثا سياسيا كبيرا من عمك الشهيد محمد باقر وأبيك السيد عبد العزيز قدس الله سريهما.
هذا الإرث يلقي عليك مسؤولية شرعية في الحفاظ على سمعة آل الحكيم العقائدية, ومسؤولية أخلاقية في الحفاظ على سمعة آل الحكيم الجهادية السياسية.
بعد تسنمك لرئاسة المجلس الأعلى الإسلامي اختطيت لنفسك منهجا مغايرا, نستطيع أن نسميه منهج تنويري حداثوي, وبدأت بتسيس مشروع فرسان الأمل والذي تحول إلى تجمع الأمل, وتحول هذا المفصل في المجلس الأعلى الى مفصلٍ ليس إسلاميا تماما, إذ انخرط في التجمع علمانيون وملحدون وغيرهم من الفئات التي لم تتصف بالسلامية –هنا لا ندعي إن الحزبيين الاسلاميين هم ملائكة-.
ثم بعد ذلك قررت أن تأخذ نهجا بعيدا عن خط المجلس الاعلى الاسلامي, وهذا طموح مشروع لكل سياسي, فأسست تيار الحكمة الوطني, والذي رفعت صفة الاسلامية عنه ووسمته بالوطنية, وحدث انشقاق بين الجمهور والذي في غالبيته جمهور مرجعي, وهنا أيضا فتحت الباب لأن يظن الناس أن الفكرة الاسلامية بعيدة عن الوطنية وأن الإسلام يحارب هذه القيمة, كما وتُفسر على إن الإسلام صفة إستعلائية تؤمن بمبادئ بعيدة عن بناء الاوطان وعن وحدتها وهذه مشكلة كبرى, ورغم أن الوساطات لثنيك عن إعلانك عن تيارك الجديد ولقبل لحظات من إعلانك إلا إنك أصريت على هذه الفكرة, وبذا حولت تيارك الى تيار لا يتصف بالإسلامية أو التدين, بل أصبح تيارا أشبه بالتيارات الليبرالية, وأما وجود معمم على رئاسته فلا تعني شيء, لعدم ارتباط الصفة الاسلامية بالعمامة بشكل عام, فالواقع يشهد على معممين لكنهم ليبراليون بل ملحدون ولم تعنِ العمامة لهم دينا اكثر مما هي زي.
ثم بعد تشكيل تيارك سلكت سلوكا سياسيا خاصا, له ماله وما عليه, لكن الغريب إنك وتيار ما إن تسنم السيد عادل عبد المهدي الحكومة إلا وثارت ثائرتكم, فبدأتم بتحريك الشارع والانطلاق بالتظاهرات, وذهب ممثلوك ومقربوك إلى البصرة ليعلنوا عن تظاهراتهم والتي لم تأتِ بنتيجة.
بعد ذلك وما أن حطت رحلة تشرين رحالها في العراق, إلا وبدأت أنت وتيارك بدعمها, وكات قناة الفرات أول من وصفها بثورة الجياع, وانخرط تيار الحكمة بقوة في التظاهرات رغم ان هناك إشارات على أن هناك أيادي خفية وراء التظاهرات إلا إنك وتيارك اقتحمت هذه الشبهة دون تردد, ودعمتم كثيرا من رواد الساحات والناشطين, وهو ما صرح به الناطق باسم تيارك نوفل ابو رغيف بانك كنت تدعم التظاهرات وتلتقي سرا بالناشطين وقادة التظاهر, ثم بعد ذلك يطل علينا نبأ أنك أول من طرح إسم الكاظمي لرئاسة الوزراء وهو الامر العجيب الذي لم افهمه الى الان.
الآن وبعد أن رحل عبد المهدي, وبعد ان شهد العراق الفوضى ويعيشها حاليا, فيا سيد عمار ما هو موقفك؟
بالمناسبة أنا لا أدعي أنك مشترك عن علم –وحاشاك- بالمؤامرة التي احيكت ضد العراق أبدا, ولكن أن يقحم أمرئ بمكانتك وتدينك نفسه في الشبهات ويكون عاملا مساعدا -من حيث لا يشعر- لأعداء عقيدته فهذ هي المشكلة الكبرى.
كلام كثير لا أريد أن أطيل به, لكنه نفثة مكلوم ونصيحة محب أحب أن أدلوا بها والله الهادي وهو المسدد للصواب.
https://telegram.me/buratha