منهل عبد الأمير المرشدي ||
رحم الله جدتي بما كانت تمثله في ذاكرتي من عفة وحياء وطيبة وفطرة ونقاء فلا زالت حكاياها تستوطن الذاكرة وتتربع عرش القلب .
في حكايا جدتي فأن الحيوانات تتحدث وتأخذ دور البطولة وعندما نستغرب ذلك ونسألها وهل الأسد او ابو الويو او الكلب يحكي ..
تجيب على الفور وبكامل القناعة والإقتناع واليقين ( إي يا حبوبة الحيوانات كلها جانت تحجي كبل ) . نصدقها ونستمع لها بإصغاء ونحن نلتف حولها بدشاديشنا البازة المقلمة وفي الوسط صوبة علاء الدين .
اليوم احكي لكم حكايتي وعلى طريقة جدتي فأن كلبا انزعج من عيشته في العراق بعد إن ساءت الأحوال ما بعد التغيير والديمقراطية فقد كان سابقا يخاف من رصاص فرق الشرطة الجوالة المخصصة لقتل الكلاب اما اليوم ورغم انهم تمتعوا بحرية الحركة حيثما يشاؤا والتزاوج وقت ما يشائوا والنبيح في أي وقت يشائوا لكنهم يعانون من الجوع فلا قصاب يرمي لهم عظما ولا بيت يرمي فضلات تؤكل والأطفال عادوا متخلفين يركضون خلف الكلاب بالطابوق والحجر فيبحثون عن مكان للأختباء لم يجدوا فلا ظل يأويهم من شمس الصيف الحارقة ولا مكان يحميهم من مطر وبرد الشتاء فقرر الكلب ان يهاجر وفعلا توجه نحو الموانيء وتسرب بين البضائع الى الباخرة التي اوصلته الى احدى دول أوربا . هناك نزل في الميناء فشاهده رجال الشرطة مرهقا قذرا فأخذوه الى دار رعاية خاصة بالكلاب حيث الغسل والتنظيف والرعاية الطبية والطعام الخاص من الدرجة الاولى وتحولت حياته وكأنه بدرجة مسؤول عراقي بفندق خمس نجوم .
بعد أشهر أرتفع الحنين عنده الى الوطن خصوصا عندما سمع أغنية حسام الرسام (عندي وطن) وحاتم العراقي ( أشوفك وين يا مهاجر) ودمعت عيناه وقرر أن يرجع الى ارض الوطن وفعلا استطاع ان يصعد على احدى البواخر وعاد الى العراق وهو يتمشى في الميناء التقى بكلب اخر وهو متوجه للهجرة فسأله اين انت ذاهب فقال له الآن اقتنعت بإنه لا فائدة من العراق في ظل هؤلاء الحرامية وهذا التخلف وقررت ان اهاجر الى اوربا . قال له أنصحك بأن ترجع ولا تهاجر لأنك سوف تفشل مثلي سأله وكيف ؟ قال له ( ما راح تدبّرها لان ما تحس بنفسك چلب غير بس بالعراق .. )
https://telegram.me/buratha