محمد علي السلطاني ||
لم تكن ولادة الحكومة التي اعقبت حكومة السيد عبد المهدي ولادة طبيعية كباقي الحكومات، رغم مارافق ولادة الحكومات السابقة من مخاضات عسيرة، لكنها كانت بالنتيجة تجاذبات طبيعية تسبق تشكل كل حكومة، نظرأ للتعددية الحزبية والاثنية واختلاف رؤى التيارات السياسية وتقاطعها فيما بينها، اضافة الى ازمة الثقة الحقيقية ذات الجذور التاريخية العميقة ، فضلأ عن حداثة التجربة الديمقراطية، وحرية التعبير التي اعقبت انكسار قيود الدكتاتورية، تلك الدكتاتورية التي اعدمت كل عمل سياسي خارج نطاق حزب البعث والولاء للزعيم الاوحد ، ناهيك عن التدخلات الخارجية في التشكيلات الحكومية .
كل تلك العوامل مجتمعة وغيرها، تحتدم فيما بينها ، لتنتج بالتالي الحكومة التي تتولى ادارة البلاد للفترة المحددة لها دستوريأ ،
هذا من الناحية الشكلية .
أما ماشاب فترات الحكم ،من فساد في التطبيق وتجاوز وخروقات وهفوات، اشتركت فيها جميع القوى السياسية بكل مكوناتها فله بحث مفرد اخر .
بالتالي وبتقادم التجربة الحديثة التي لها مالها وعليها ما علبها ، سارت العملية السياسية اجمالأ في العراق على طريق الديمقراطية والتداول السلمي الصحيح للسلطة، وبتداء العراق يغادر مرحلة الانقلابات العسكرية وارهاصاتها، ومارافقها من ويلات واهتزازات اجتماعية وسياسية تصيب الامن الاجتماعي والاستقرار السياسي بتبعات واضطرابات خطيرة ،
ألا أن هذا التداول ازعج الكثير من الدول الاقليمية لا سيما العربية، التي اعتادت على احتكار السلطة في بلدانها ،وحرصت على ان يكون الحكم في العراق بلون طائفي واحد ، كما أن هذا التغيير اظهر وبشكل جلي حقائق النسب والاوزان الطبيعة للمكونات العراقية، واتضحت نسبة الاكثرية الشيعية المضطهدة بوضوح، التي طالما عملت عوامل خارجية وداخلية على تغيبها عن السلطة لأسباب طائفية صرفة ..
أذن نحن أمام واقع سياسي عراقي ذو خصوصية وحساسية مفرطة ، مؤطر بتاريخ حافل من احتكار طائفي للسلطة منذ تأسيس الدولة العراقية ولغاية سقوط النظام السابق ، صودرت فيها حقوق المكون الشيعي الاكبر، وهمش واقصي وقمع ابناءه ، ومارست الدولة تجاههم ارهاب الدولة بكل ما تحمل الكلمة من معان .
بناء على ذلك شكل ذلك التاريخ وجزئياته الظالمة هاجسأ مخيفأ لدى كل المكونات المضطهدة ، وحرصت كل تلك المكونات على تحقيق توازنات سياسية تضمن تمثيلها ، وبالتالي ينعكس ذلك التمثيل تفاعلأ ايجابيأ بين المكونات والدولة، وتزول حالة الخصومة والعداء وانعدام الثقة بينهما .
لكن ماشاب العملية السياسية من فساد و تسلط للمفسدين والمنتفعين بكل أطيافهم ، وتخادم أولئك المفسدين فيما بينهم لنهب خيرات البلاد وشل جسد الدولة، اربك المشهد بشكل عام وزاده تعقيدأ ، بالتالي استوجب ضرورة الضغط الشعبي والمرجعي السلمي الهادف، لتصحيح المسار وتقويم الاعوجاج بما كفله الدستور ،إلا أن النوايا الحسنة لذلك الضغط الشعبي سرعان ما اختطفت وصودرت من قبل دوائر مخابراتية امريكية وعربية ، فسرعان ماتضحت الدوافع والمحركات ،فكانت احتجاجات تبدو بظاهرها مطاليب مشروعة ، ألا انها تستبطن خلاف ذلك ، وبدى ذلك جليأ من خلال السلوك الذي رافق تلك التظاهرات ، وتوقيت اندلاعها بعد أن عقدت الحكومة السابقة صفقات استراتيجية كفيلة بتغيير الواقع والإفلات من القبضة الأمريكية، لذا اتضح من تلك الاحتجاجات أن تحمل مشروع اسقاط الدولة ، وهز اركانها ، واسقاط هيبتها، وتعطيل مصالحها اضرارأ بمصالح الناس، وبدى مشروع اعادة المعادلة الظالمة يتضح شئ فشئ ، ولعب المال و الاجندة خارجية في شارع المحافظات الوسط والجنوب عبثأ وتخريبأ بكل وضوح ، وتحولت المطاليب الى مبررات لتصفية امريكا وحلفائها لحساباتهم مع القوى السياسية الوطنية الشيعية ، التي ترى امريكا في بقائها خطرأ على مصالحها وتهديدأ لأمن اسرائيل، وعادت هواجس ومخاوف مكونات الشعب العراقي حاضرة من جديد، سيما وأن سهام الاعداء صوبت باتجاة الحشد الشعبي عز العراق وهيبته ، وما رافق من تمدد الكرد مجددأ باتجاه كركوك ، وغير ذلك من احداث لايسع المجال لذكرها .
ونتيجة لذلك، انتزع تمثيل الاكثرية الشيعية في رئاسة الحكومة تحت الضغط اكراهأ ، وترك تمثيل باقي المكونات بفسادها واجندتها التأمرية كما هو عليه ، واختزلت الثقة مجددأ، وتراكمت سحب الفتن جراء تصرفات الحكومة الحالية الاستفزازية، وافتعالها لأزمات وجهت باتجاه الشيعة فقط ، تارة نحو الحشد الشعبي وتارة باتجاه طبقة سياسية من سجناء ومتضرري النظام المقبور من الشيعة فقط .
ختامأ .. نرى أن العراق لن يرى الاستقرار الساسي والازدهار والتقدم في ظل نوايا تسعى لتهميش اي من مكوناته، سيما المكون الشيعي الاكبر، الذي لابد من أن ينال استحقاقة بما يتناسب وحجمة الطبيعي، ولتعلم امريكا ومن خدع ببريق سراب وعودها أن الشيعة اليوم ليسو شيعة الامس
https://telegram.me/buratha