جمعة العطواني ||
سيدي العظيم ، لم اشعر بمظلوميةِ عالمٍ او مرجعٍ في العراق بعد مظلومية اهل البيت بقدر مظلوميتك، حيّا كنت او بعد ان أصبحت شهيدا، مضمخا بدم الشهادةِ والكبرياء، وبعد العروج الى( روح وريحان ).
سيدي ؛ انت الذي تعلمتَ من اجدادك ( ما رأيت شيئا الا ورايت الله قبله وبعده ومعه وفيه ).
انت الكبيرُ الذي لم يدانيك في جهادك وعلومك وموسوعيتك الفكرية ونبوغ عقلك احد.
انت الذي ذبت في امام الامة وعظيمها الذي حقق حلم الانبياء ، روح الله الامام الخميني ( قدس)، كما ذاب هو في الاسلام، لانك رأيت الامام الخميني بعين الاولياء وبصيرتهم، فوجدته مجددَ الدينِ، وموسى زمانهِ في عصر الفراعنة والطواغيت، في زمن خفتت الأصوات، وصمتت الالسن الا ما رحم ربي.
انت الذي زرعتَ الشجاعةَ وروحَ التضحيةِ في قلوب المؤمنين، فاثمرتْ رجالا بقلوبٍ كزُبر الحديد ، لبسوا قلوبهم على دروعهم للدفاع عن الحق واهله، والدين وأحكامه، والإسلام الذي كنت تريده يقود الحياة، فكانت ارضُ العراق حمراء بحمرة دماء اهل ألطف عليهم السلام .
فتحركت فطرةُ الحريةِ ورفضُ العبوديةِ في وجدان الامة، في الوقت الذي كان طواغيتُ البعثِ يريدون منا ( ان نكون عبيدا ونحسن العبودية ).
خرجتَ من دهاليز النجف وأزقتها الضيقة، ومن بين قبور الموتى التي اتخذتها بيتا ، لتنفض غبار السنين ، وذل الدهور ، فانت كذلك موسى زمانك في العراق، في قبال فرعون البعث.
فقلت( لو كان إصبعي بعثيا لقطعته)، وكانت صرختك صرختَ عمتك زينب( عليها السلام ) بوجه طاغية زمانها ( فكد كيدك وناصب جهدك فوا الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ).
فعلمتنا معنى الحرية في رفض الظلمِ ، وعلمتنا معنى العبودية لله وحده عندما لا يكون في القلب خوف ولا وجود لغيره تعالى.
وتعلمنا منك معنى قول أميرِ المؤمنين ( لاتكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرا).
فتكالبتْ عليك فراعنةُ العراق، وذيولُ الاستكبارِ، وتحاوشوك لقتلك، كما تحاوش مشركوا قريش رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) لقتله، لكن سهمهم الذي اخطا جدك رسول الله واصاب جدك الحسين عليه السلام اصابك ايضا.
لكنك بقيتَ حيّا شامخا ، تُدَّرسُ علومُك في الحوزات، وتُناقَشُ سيرتك في الجامعات ، فكانت علومُك ونظرياتُك طريةً كطراوة جسدك الطاهر.
واليوم استكثر عليك اعداءُ الدين ومرتزقة السياسة، و( شحت ) نفوس الحاقدين والحاسدين، فحاولوا النيل منك ، وقالوا عنك ما قالوا بالامس عن قائد الامة ونائب الامام المهدي (عج) الامام الخامنئي ؛بانه يملك مليارات من الدولارات في البنوك الإيرانية، وانت كذلك اخذ يتهمك أعداؤك من نفايات البعث وأبناء الشوارع، من ضباط امن الطاغية صدام والأبواق الماجورة، بأنك تملك خمسين مليون دولار في ( قاصة) وزنها اثقل من وزن بيتك الذي تسكن فيه، والذي كان( آيلا) للسقوط، كونه كان مقبرة قديمة حولتها لسكن عائلتك الكريمة .
ان القوم َ ابناءُ القوم، ومن حقهم ان يتوارثوا الحقد والكراهية من اباء ( اولاد الحرام ) الى اولاد( ابناء رفيقات)، لان قائدهم (الضرورة) أخرجوه متعفنا، نتنا، جبانا من حفرة تعفُّ ان تسكنها الكلاب السائبة، وانت خرجتَ من ضريحك بعد عقود من شهادتك ، بدنا طريا ، طاهرا ، بطهر تاريخك وجهادك ، وسلالة آبائك .
هذه النفايات من حاويات البعث، ومرتزقة صدام يصدق عليهم قول الشاعر :
أسفوا على ان لايكونوا شاركو في قتلك.. فتتبعوك رميما
لكن ياسيدي : الغصة كل الغصة ممن ورث دماءك ، وتباهى باسمك وثُنيت له وسادة العراق ، من (بعض) الاحزاب الشيعية، وبعض القيادات السياسيةِ، تسمع وترى، وتطوي عن ذلك كشحا ، لانهم تفرقوا الى زعامات، ولكلِّ زعيم جمهور يدافع عنه، وجيوش الكترونية تقف معه لو تعرض الى خدش او انتقاد، وصدر العراق وشهيده الاكبر كحمزة بن عبد المطلب لا بواكي له، ولا جيوش تدافع عنه من كلاب البعثيين في عمان .
في الوقت الذي كنت استاذ الفقهاء ، وابو الشهداءِ ، ومرجعيتك هي المرجعية الحركية التي خرَّجتْ فقهاء ومراجع، بعضهم شهداء على طريقك ، وبعضهم علماء على نهجك ، لكنك اليوم المظلوم في الامة التي أحييتها بعد سُبات .
لكن ما يخفف الالم، ويطمئن القلوب ان الله تعالى يقول ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ).
ولك بجدك أميرِ المؤمنين هذه الايام اسوةٌ حسنة، بعد ان رفعت القناةُ الفضائية الحكومية الرسمية اذان الصلاة من على شاشتها بغضا ب( اشهد ان عليا ولي الله).