المقالات

ماذا ينتفع العراق من الزيارات الخارجية؟  

1798 2020-07-25

واثق الجابري||

 

يظن كثيرون من الداخل العراقي، شعباً وساسيين، أن الزيارات الخارجية مجرد إسقاط فرض، قياساً الى الزيارات السابقة ونتائجها وآليات تطبيقها ومدى إلزام الحكومة ذاتها أو الحكومات اللاحقة بما يُبرم من إتفاقات ومذكرات تفاهم.

ما أن تنتهي الزيارة، حتى توضع أوراقها على الرفوف، كبقية القرارات والقوانين الحكومية، التي تتلاشى بمرور الوقت، أو يأتي مزاج موظف يتصرف بالشخصية أو الحزبية أو المصلحة الذاتية المرتبطة بالفساد، حتى يمكنه أن يعطل قانوناً ربما أخذ من الجدل أشهراً، ومن التجاذبات السياسية والمزايدات بمقياس أدهر، حتى يتحول القانون إلى حبر على ورق أو ورق بلا حبر وقد مَحَت أحرفه ما تعلو عليه من تأثيرات مخالفة لما يبتغيه القانون والمصلحة العامة.

هكذا يتم  التعامل مع قوانين تشرع في الداخل ،منها ما يتعلق بالحياة اليومية للشعب، فكيف هو التعامل مع نتائج زيارات يُراد منها بُعُدُ إستراتيجية ومصلحة دولة مبنية على حُسن علاقاتها الدولية ومصالحها المتشابهة ،تبادل منفعي مع العالم، ويُعطل كل ما مؤمّل من الزيارات، والنتيجة يثير إمتعاض الأطراف الدولية من العراق وتفقد الدولة مصداقية انها دولة ذات مؤسسات رصينة متكاملة يكمل بعضها الآخر، وتستمر مسيرته مهما تغيرت الحكومات، ولكن التجاذبات السياسية والتأثيرات الخارجية بإنعكاساتها الداخلية، ستكون مع قلة كل ما يمكن إستثماره من علاقات العراق الدولية والزيارات الرسمية.

تبدأ الزيارات لدول إيران والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ولا يعني تقديم دولة على أخرى معنى الأهمية والأكثر قرباً او تأثيراً على السياسة العراقية، ثم ترتب دول أقليمية و دولية، حسب حاجة العراق ،أو تلك الدولة إلى هذه الزيارة وما يترتب عليها من إتفاق، وقد تكون الزيارات لترطيب أجواء سياسية؛ إلاّ أن التجاذبات السياسية الداخلية المتأثرة بالخارجية، تجعل من العراق في منتصف طريق وهو يفكر بسلوك طريق جديد عند كل حكومة أو في حكومة بعينها أثإن أخضعت للضغوطات السياسية.

تشكل إيران والسعودية وأمريكا أطر المشهد السياسي العراقي، ولكل منها خيوط تمتد إلى الداخل العراقي، لكنها لا تنتهي أو لا تندمج في حبل يصل إلى لُب قرار المصلحة الوطنية، فتتقطع الخيوط معلقةً معها جزءاً من الأمنيات غير الوطنية، ويشوش أو تشوه الصورة التي يُريدها العراق بعلاقاته الدولية والأقليمية، وبدل أن يبحث العراق عن مصلحته الذاتية، وكيف يمكن ان يوائم بين حاجاته وتوجهات تلك الدولة وإمكانياتها، وما يحدث أن كثيراً من القوى السياسية والشعبية تبدأ بالتفسيرات والعمل على تعطيل ما تم الإتفاق عليه بأمزجة خاضعة لإرادات غير منطقية أو وطنية.

يأتي ارتباك المشهد السياسي، من ظن بعضهم أن الذهاب إلى الى السعودية تبعية، وإلى أمريكا خضوع وخنوع تقدم فيها مصلحة رئيس الحكومة على المصلحة الوطنية، وإلى الصين وروسيا والمانيا وغيرها، تقاطع مع المصلحة الأمريكية، وبالتالي وأثإن تحققت زيارة فلن تحقق نتائجها الفعلية.

كتب أحد النواب عن عشرات الاعتقالات والإعدامات في منطقة الطارمية، بعد تنامي خلايا الإرهاب وإستشهاد أمر اللواء هناك، كإتهام للحكومة، وتصاعد لوصف العمليات الأمنية بأنها استهدافات طائفية، وهذا النائب نفسه صرح انهم لن يلتقوا بالكاظمي بعد زيارته إلى إيران، وهكذا ستكون مواقف مقاطعة لرئيس الوزراء بعد زيارة الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية، وستسعى كتل أخرى إلى تعطيل الصفقة الصينية، وربما حتى الاتفاقات مع روسيا والمانيا والاردن ومصر، وبذلك تنتهي جدوى زيارات رئيس الحكومة المكوكية، ونتاج الأفكار انطباع يجمع في مشتركه على أن الحكومة لا تمتلك الأهلية، وهذا المشهد يتكرر مع كل رئيس حكومة، وأن لم تسقط الحكومة فعلياً، فإن كل تحركاته الداخلية والخارجية لا تلامس التطبيقات الفعلية.

نتائج الزيارات لن تكون بمستوى الحاجة الفعلية، مالم تساند القوى السياسية تحركات الحكومة، وأن تفهم بأن للعراق مصالح مع إيران، مثلما لها مصالح مع أمريكا والسعودية، وحاجة سياسية وإقتصادية وغيرها مع الصين وروسيا واليابان وألمانيا والدول العربية، والزيارات ليس فقط إسقاط فرض ينتهي بنهاية الزيارة أو مغادرة الحكومة الحالية، بل هي جزء من إستراتيجية دولة يكمل بعضها بعضاً، ولا تتوقف نتائجها بالمزاجية، وزيارة الكاظمي لطهران ناجحة بكل المقاييس، وننتظر نتائج زيارات الرياض وواشنطن، بشرط أن تتقدم في كل الزيارات المصلحة الوطنية، ولا تقاطعهما القوى السياسية بأدوات غير عراقية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك