الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
من نعم اله تعالى على الناس أجمعين أن يعرض عليهم أمثلة من واقعهم فيتعلمون منها أمور دينهم ودنياهم, ومن ذلك الغراب الذي ارسله سبحانه وتعالى ليتعلم منه أبناء آدم عليه السلام كيفية موارات الاموات, ولم يكن هذا المثال على سبيل الحصر؛ بل كلما في الكون آية من آيات الله تعالى, إذ قال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم...) إذن فالآيات تحيط بنا وفي داخل كل انسان آيات كثيرة, نتعلم منها ونستهدي بها من دون أن نعترض عليها مهما كانت صغيرة أو ضعيفة أو غير ذلك ففي الضعيف عبرة لضعفة والصغير حكمة لصغره وفي الكبير عظة لعظمته.
ومن بين الآيات والدروس الديك والدجاج, فالديك مثلا على الرغم من أناقته ورونقه وذكورته الظاهرة إلا أن الكثير من الناس لا يرغبون به ولا يحبونه, بل يعترضون عليه بمجرد سماع صياحه خاصة في أول الصباح, لا لشيء سوى أن الديك يوقظهم من سباتهم ويقطع أحلامهم, فالمعلوم ان الديك من الحيوانات التي لها حضور مهم عند ساعة الفجر, فلا يستطيع إلا أن يكون حاضراً عند بزوغ الفجر الصادق, ويقوم بدعوة الناس أيضاً والكثير فسَّر دعوة الديك بالدعوة إلى صلاة الفجر, وكان أحد الاصدقاء يقول أنا لسنوات كثيرة كنت أقوم لصلاة الصبح على صوت الديك الثائر أول الصباح, وهناك قطعاً دلالات كثيرة تتزامن مع صوت الديك ووقت صياحه, فالوقت أول الصبح فمن قام وبدأ يومه بالصلاة والدعاء بمعنى النجاح والفوز وهكذا يكون ناجحا بقية يومه, ومن تخلف عن صوته ونام فقد خسر الصلاة في وقتها وبدأ يومه بالفشل, وشيء جميل أن يكون النجاح حليفك في أول خطواتك, فمن كان من أهل الصلاة والدعاء أحب الديك وهم قلة, بينما الأكثرية من الناس لا يرغبون صوتها فهي مزعجة بالنسبة لهم, ولن تجد هذه الصفة في الدجاجة أبداً فهي لا يُسمع صوتها إلا عندما تضع بيضها لتعلن عنها فتخسرها في الغالب.
نعم هكذا الناس فان كنت ممن يوقظ الناس من سباتهم وغفلتهم ويحرر أفكارهم بعد ان غمست في تيه الضلال وغفلة السبات, فأنت غير مرغوب بك؛ لأن الناس لا تحب من يوقظها من سباتها العميق لتسمع صوت الأذان يصدح في عالم الصباح ويدع إلى الكفاح.
نعم هكذا تعامل الناس مع المصلحين الذين طرقوا أبواب القلوب لمعرفة الحق وتميزه عن الباطل, واليوم نشهد انهزاماً في نفوس أكثر الناس فليس لهم الاستعداد للتعامل الموضوعي مع دعوة الاصلاح التي كانت ولا تزال دعوة المرجعية الرشيدة؛ بل زاد الناس على ذلك فأصموا آذانهم واستغشوا ثيابهم فكأنهم لا يسمعون, وأصبح الكثير مصداقاً لقوله تعالى: (ختم الله على قلوبهم...).
أن دعوة الاصلاح لا تقل أهمية عن الصوت الصادح اول الصباح من اجل النهوض وتغيير الواقع المرير, وعلى الجميع ان يتحمل جزء من المسؤولية؛ فالكل شركاء في كشف الفاسدين ومحاربتهم, وعلى الجماهير أن تنتفض لنصرة الحق والوقوف إلى جانبه, فالوصول إلى النجاح يستلزم القيام أول الصباح وإلا فسوف تشرق أشعة الشمس لتعلن أنك من الفاشلين الذين فاتهم اصلاح أنفسهم فليس لهم اصلاح الآخرين.
https://telegram.me/buratha