عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
لا تبدو مهمة اللجنة العليا للصحة والسلامة الخاصة بمواجهة جائحة "كورونا"، سهلة على الاطلاق، بل لعلها الاصعب بين سائر اللجان والتشكيلات المعنية بقضايا وملفات اخرى مهمة ايضا..
ذلك لان عمل هذه اللجنة وما يتمخض عنها من قرارات، ترتبط ارتباطا مباشرا بحياة الناس، في ظل فوضى عارمة باتت تضرب مفاصل الحياة، نتيجة الانتشار المتواصل لفيروس كورونا، وتزايد عدد الإصابات، وكذلك الوفيات، مع نشوء ازمات هنا وهناك، من بينها مثلا، وجود شحّ لمادة الاوكسجين للمصابين، في العديد من المستشفيات لاسيما في المحافظات، وفي المقابل ايضا، عدم التزام الناس بمتطلبات الوقاية، الامر الذي فاقم المشكلة، يضاف إلى ذلك ، الوضع الاقتصادي المنكمش بسبب انتشار الوباء وتأثر شرائح واسعة في المجتمع بهذا الانكماش، الامر الذي ادى الى ارتفاع مناسيب الفقر الى ٣١٪، وسوى ذلك من التداعيات..
وفي ظل هذا المشهد المعقد، مطلوب من اللجنة الوطنية للصحة والسلامة، ان تكون قراراتها تتناسب ومتطلبات الحالة بكل تفاصيلها، وان توفر حلولا منطقية، مناسبة لكل جزئية وكل مفصل من المفاصل المعنية بها، ولكن ما يؤشر اليه ان اللجنة اتخذت عددا من القرارات بدا بعضها غريبا، وبعضها الاخر اثار امتعاض بعض الشرائح، وهنا اشير الى ثلاث قرارات اثارت جدلا كبيرا، الاول تمثل باعادة فتح المراكز التجارية(المولات)، بعد اخضاعها لمتطلبات وشروط الوقاية، والثاني اغلاق عيادات الاطباء لمدة محددة، والثالث تقليص الحظر الجزئي ليكون من التاسعة والنصف ليلا حتى السادسة صباحا، وثمة مقترح قرار رابع يتحدث عن إمكانية رفع الحظر كليا بعد عيد الاضحى المبارك..
ويبدو جليا ان اغلب هذه القرارات، أخذت بنظر الاعتبار الجانب الاقتصادي، باستثناء غلق العيادات، الذي كان تبريره، ان اغلب هذه العيادات لاتتوافر على شروط السلامة والوقاية، مع الإشارة إلى النسبة الأكبر من الأطباء لم يلتزموا بقرار الإغلاق هذا، ولكن لو قارنا بين اغلاق العيادات وفتح "المولات"، ربما نرجح أهمية فتح العيادات اكثر من "المولات"، ذلك لان الناس احوج إلى الطبيب من الذهاب إلى المول، ولكن كما قلنا ان القرارات جاءت مرتبطة بالجانب الاقتصادي، وتمثل محاولة لتحريك سوق الاعمال، لتخفيف الضغط عن الناس، لاسيما ان غلق العيادات جاء محددا بمدة زمنية معلومة، يعود بعدها الأطباء لمزاولة أعمالهم.
ولكن أيضا، من الإشكاليات التي تثار ازاء القرارات المذكورة، هو ان عملية فتح "المولات" والعمل على رفع الحظر كليا، ستكون لها تداعيات خطيرة على الجانب الصحي، بمعنى ان عملية الاختلاط بين الناس مع وجود انخفاض في مستوى الوعي لدى الكثيرين، قد يتسبب بحدوث كارثة، عندما ينتشر الوباء، بنحو غير متوقع، الا اننا نأمل ونراهن على ارتفاع نسبة الوعي، وإدراك الناس لخطورة الموقف فيلتزموا بالتعليمات الوقائية، لان بصراحة وبعد رفع الحظر، لن يكون بإمكاننا ان نطلب من المواطن البقاء في البيت، وعدم الخروج الا للضرورة القصوى!!
وهنا اود الإشارة، إلى جزئية أخرى ذات صلة بقرارات اللجنة، ويمكن الأخذ بها، لأثرها النفسي، في نفوس شرائح واسعة من المجتمع، فطالما ان الرأي يتجه نحو رفع الحظر كاملا، اعتقد ان من المناسب جدا ان يعاد فتح المساجد والجوامع، لفترات محدودة، ترتبط بأوقات الصلاة حصرا، اي يتم فتح الجامع قبل ٥ دقائق من موعد الصلاة، وإغلاقه مباشرة بعد انتهائها، واعتقد ان عملية السيطرة وتطبيق شروط الوقاية في الجامع أسهل من المول، ومن المؤكد ان اجراء مثل هذا سيكون تأثيره النفسي الإيجابي مهما على مريدي هذه الجوامع لاسيما كبار السن، الذي يجدون في الذهاب إلى الجامع، متعة كبيرة، وفي ذلك ربما يسهم مثل هذا الإجراء في تخفيف الضغط النفسي عن هذه الشريحة، التي ليس لها الا الجلوس في البيت.
كما يمكن العمل على اعادة فتح الحدائق العامة، مثل متنزه الزوراء وباقي المتنزهات، مع عدم السماح بتشغيل الألعاب، والاكتفاء فقط بالتنزه في المساحات الخضر المفتوحة، وبأعداد محددة من المتنزهين ، وبما يضمن عدم وجود تجمعات كبيرة
https://telegram.me/buratha