في ٢٠٢٠/٧/٢٣ . لم تغفلْ امريكا عن ضبط إيقاع العلاقات بين العراق ودول الخليج و توظيفها ، لا في زمن النظام الدكتاتوري السابق ، و لا في زمن النظام الديمقراطي الحالي . في إطار العلاقة العراقية - الخليجية ، وَظّفتْ امريكا أمريّن أساسيّن و استراتيجيّن وهما : الأمن و الطاقة ، والكهرباء ،بطبيعة الحال من مُفردات الطاقة . أصبحت التسميات السائدة على الحروب التي توّرط فيها العراق ، أبان حقبة النظام الدكتاتوري السابق ، مرتبطة بأسم و بجغرافية الخليج .ابتدأت بالحرب العراقية الإيرانية ،و بأسم حرب الخليج الأولى ، وحرب الخليج الثانية ، إشارة الى احتلال الكويت ، وحرب الخليج الثالثة ،إشارة الى تحرير الكويت . و كانت امريكا حاضرة ،سياسيا و عسكرياً ،في إضرام و أطالة و أختتام جميع تلك الحروب . لم يتمتع العراق بالأمن ،في ظل النظام الديمقراطي الحالي ، ومنذ عام ٢٠٠٣، و ذلك بسبب الإرهاب الممنهج و المدروس والمنظّم ، و امريكا و بعض دول الخليج ساهموا في صناعته و إدامته و توظيفه ، و وفقاً لتصريحات رؤساء و سياسيين امريكيين وخليجيين ، و دراسات وتقارير لمفكرين وسياسيين وصحفيين دوليين . أفتقرَ العراق ، و لايزال ، الى الامن و الاستقرار و ايضاً الى خدمات الطاقة الكهربائية ، وتشير تصريحات رسمية عراقية و اجنبية( ألمانية و امريكية ) ، الى دور امريكي في ديمومة أزمة الكهرباء و تسيسها و توظيفها ،كحال ظاهرة الإرهاب و الفصائل المسلحّة ، والدور الامريكي في ديمومة أزمة الكهرباء لا يُلغي ابداً دور الفساد والفاسدين في استغلال الأزمة و أثراء غير مشروع لاحزاب و سياسيين و منتفعين . توسّط و دفاع امريكا الآن و بقوة عن مشروع الربط الكهربائي بين دول الخليج و العراق ، و مشاركتها في الاجتماعات بين مجلس التعاون الخليجي و الطرف العراقي في ٢٠٢٠/٧/١٨ يتزامن مع ظاهرتيّن : الأولى هي ظاهرة التطبيع بين اسرائيل وبعض الدول الخليجية ، و الثانية هي ظاهرة بدء التخطيط لمشاريع مشتركة في مجال الطاقة بين اسرائيل وبعض الدول الخليجية ، وشروع اسرائيل و بقوة في مشاريع نقل الطاقة من الشرق الى اوربا . تريد و تسعى اسرائيل الى ان تكون معبراً اساسياً لنقل و تسويق الطاقة وخاصة الغاز من الدول العربية الى اوربا . سعى العراق ، منذ اكثر من ثمان سنوات ، الى مشاركة الدول الخليجية و المجاورة في حل أزمة الكهرباء ، ولكن وللأسف ، أمتنعت بعض الدول الخليجية عن تقديم ايّة مساعدة ولاعتبارات سياسية ، وحالت مشاكل فنيّة دون قدرة الدول المجاورة الاخرى كالكويت مثلاً من تقديم المساعدة . ارتباط العراق خليجياً في توريد الطاقة الكهربائية أمرٌ ايجابي و خطوة في الاتجاه الصحيح ،حتى و إنْ جاءت متأخرة ، ولكن ما هو اهم هو أنْ يبادر العراق ويسعى الى انتاج ما يحتاجه من الطاقة الكهرائية ، و أنَّ تُعين امريكا العراق في قدرته على بناء منظومته في انتاج الطاقة الكهربائية . ولكن لن تُقدِمْ امريكا على اعانة العراق او السماح له بإنتاج ما يحتاجه من الطاقة الكهربائية . لماذا ؟ أصبحت الطاقة الكهربائية ،كالنفط ، منتوجاً سياسياً ، وعنواناً آخر لاستقلال القرار السياسي للدولة ، ليس فقط في العراق ،وانّما في لبنان وفي سوريا وفي اليمن و في ايران ، واصبحت مووسسات الطاقة الكهربائية الفنية والإدارية لها الأولوية في تعرضّها للقصف والتدمير عند اندلاع حرب ، و عُرضة للاستهداف والتخريب، من قبل الجماعات الإرهابية ، او بواسطة هجمات سيبرانية او بواسطة الفساد المالي والإداري . المصلحة الصهيونية والمتمثلّة بالسياسة الامريكية و الاسرائيلية تسعى لتجريد الدول العصيّة على إطاعة امريكا والرافضة للتطبيع مع اسرائيل من حق الاستقلال السياسي والاقتصادي . الاستغلال الأمثل لموارد العراق الطبيعية والاكتفاء الذاتي الطاقة الكهربائية هي مفاتيح الاستقلال و الاستقرار والتمنية ، و لا أظنُّ بأنَّ في مصلحة أعداء العراق استقلاله و استقراره و تنميتهِ . بقاء الدولة في المنطقة منغمسة في مواجهة الإرهاب والفتن والفساد ، و عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية للمواطن والمجتمع هو هدف اسرائيل و امريكا ، و هما يحرصان و يسعيان على استخدام الامن والكهرباء والطاقة والدولار وحتى الخبز وسائل لهيمنتهما، ولتركيع الدول والمجتمعات حسبَ ارادتهما .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha