المقالات

الدولة الفاضلة والفاشلة


  عباس قاسم المرياني||

     كل منا يعرف دولة سنغافورة، ومن لم يعرفها سمع عنها، كانت في منتصف القرن العشرين عبارة عن جزيرة متنوعة الاعراق تحدها اندونيسيا وماليزيا، احتلت من قبل الانكليز ثم تركوها بعد الحرب العالمية الثانية لمصيرها المجهول، في ستينات القرن الماضي ضُمت سنغافورة لاندونيسيا ثم انفصلت عنها بسبب الصراعات العرقية لكون مجتمعها مقسم الى عدة قوميات عرقية هي الصينية، والملاوية، والهندية.    لم يكن في سنغافورة اية موارد طبيعية او صناعية تساعد سنغافورة للنهوض كي تصبح دولة مستقلة، حتى انهم كانوا يجلبون مواد البناء لبيوتهم البسيطة من ماليزيا عبر القوارب، وكان شعبها يعيش الجهل المطبق والعنصرية. الا ان الشخصية السنغافورية العبقرية (لي كوان يو) بعد ترشحه لانتخابات بلاده وفوزه بها، عمل بكل قوة لبناء دولة من مصاف دول العالم الاول وليس الثالث، واول عمل قام به التركيز على بناء الفرد السنغافوري، فأكد على الاهتمام بالتعليم، وتشجيعه، وارسال الطلبة السنغافوريين للدراسة في اوربا، وجعل المعلم الرجل الاول في الدولة، وفي المجال السياسي عمل على ترك مبدأ الديمقراطية الفاشلة، فحكم البلاد بقوة وسن القوانين المهمة، وركز على النظام الاقتصادي بشكل كبير حتى اكثر من السياسة، من ذلك كله قفز بسنغافورة الى قمة التطور في شتى المجالات خصوصاً الاقتصادية منها، وبذلك اصبح اقتصادها ثالث اقوى اقتصاد في العالم، وارتفع معدل دخل الفرد بعد ان كان ١٠٠٠ دولار شهرياً الى ٣٠ الف دولار، وانشأ المؤسسات التعليمية والصحية والصناعية على طراز عالي.    لذلك اصبحت سنغافورة بعد معاناة وجوع وفوضى وجهل وحصار من جارتيها اندونيسيا وماليزيا اقوى اقتصاد في الشرق تنافس دول اوربا وغيرها.    هكذا تبنى الدول يا سادة عندما تكون هناك ارادة حقيقية واخلاص، ونظام حكم مبني على مبدأ خدمة الفرد، وبناءه بشكل صحيح ليخدم نفسه ومجتمعه.    يا ترى هل قرأ ساسة العراق، او اطلعوا على التجربة السنغافورية وحاولوا جهدهم تطوير العراق مثلها والوصول به لمصاف هذه الدول، وان مورد واحد من موارد العراق الطبيعية والحضارية وحتى الصناعية كفيل بجعلهِ ارقى من سنغافورة، فضلاً عن ذلك ان دولة سنغافورة وليدة القرن العشرين الميلادي، فما بالك ببلد وليد بدايات القرون قبل الميلاد. وله من الارث الحضاري ما يفوق كل الحضارات    فلو اردنا بناء بلد كالعراق والوصول به لمستويات مثل سنغافورة التي اصبحنا ننظر لها كمدينة افلاطون الفاضلة، علينا اولاً تغيير نظام الحكم القائم من الجذر، واعتماد نظام رئاسي قوي وليس متسلط، وهذا يتطلب ايضاً اعادة صياغة الدستور الهش الركيك، وثانياً التأكيد على المبدأ الاقتصادي للدولة، والعراق يملك ما يسمح بذلك، وبشكل اسرع من سنغافورة نفسها، واخيراً التركيز على الفرد العراقي وبناءه بناء صحيح، واستثمار طاقاته بما يخدم نفسه وبلده ومجتمعه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك