حامد البياتي||
لم يكتنف خطوة ترامب اي ضبابية او ارتجال، حينما اعطى كتفيه وكابينيته، الى منظمة الصحة الدولية وهي احدى مؤسسات الامم المتحدة التي تم تشكيلها في عام ١٩٤٨ بعد ان انتصرت امريكا في الحرب العالمية الثانية، وكذلك حين حبس عنها تمويله المقدر بنصف مليار دولار، لان رئيسها الاثيوبي تيدروس ادهانوم غيبريسوس والذي بلغ هذا المنصب بشفاعة الصينيين في عام ٢٠١٧م، لم يتماهى مع البيت الابيض في ادانة بيجين او بكين بكونها اخفت حقيقة فيروس كروونا عن العالم ، ولابد من عقابها، وتحميل ذمتها كل الخسائر البشرية والاقتصادية والفوبيائية التي اجتاحته برمته، وعلى حد تعبير القذافي، بيت بيت، ودار دار، وزنقة زنقة٠
والواقع، انه كان يرمي اكثر من هذا باخلاء هذه المنظمة من اساطين الباحثين والاطباء والعلماء، وضمهم اليه، بعد ان تتراقص من حولهم اشباح العوز والحاجة ونقص الاموال٠
ولكن ورغم الخدمات الهائلة التي قدمتها هذه المنظمة الى الشركات العملاقة لصناعة الادوية والتي في مجملها امريكية، ومنها على سبيل الاشارة فقط، حليب النستله الذي صدرته هذه الشركات الى افريقيا والتي سبقتها عاصفة من الدعاية الملتوية التي اغرت الامهات الافريقيات، بالعزوف عن رضاعة اولادهن، وسقيهم هذا الحليب، ولسنيين، حتى ظهرت الامراض والاوبئة التي فتكت بالاطفال نتيجة فساده وتسممه وعدم صلاحيته، وقد حصدت هذه الشركات وفرة مالية كبيرة، ومع هذا لن يرحمها ترامب، واطلق عليها رصاصات النقد والتجريح٠
ربما يستغرب البعض، بان ارباح شركات صنع الادوية، تفوق صناعة الاسلحة والنفط وحتى تجارة المخدرات وتبيض الاموال الحرام والسحت، فقد ذكرت شركة بروكلينكال الامريكية، انها ستحوز على ترليون ونصف دولار في نهاية العام الجاري، ويكفي ان نعلم ان ماتنفقه هذه الشركات على اعلانات منتجاتها والتشهير بها تفوق الخمس والعشرين مليار دولار٠
لقد ابتدا مشوارها قبل ٢٠٠ سنة، وتراكمت خبراتها، وتوصلت بشيطنتها، ان تصنع ادوية متنوعة، فان جرت في الاسواق، فنعم ماهي، وان تلكات وارتج امرها، عملت على صنع ادواء وايهام الناس من خلال مؤسسات الطب ومعاهده الذي يتم شراء بعضها والكذب على لحى الاخر منها، بضرورة استخدامها وتعميمها، ومن هذه الامراض التي تم تصنيعها، الاكتئاب ورائحة الفم الكريهة والاضطراب الجنسي النسائي وهشاشة العظام والصلع ومتلازمة القولون العصبي وضعف الانتصاب لزيادة مبيعات الفياجرا وابر التجميل وغيرها، حيث جعلت من مجرد عوارض بسيطة لاضرر فيها الى امراض خطيرة، لاينبغي السكوت عنها والوقوف مكتوفي اليدين امامها، لانها ستؤدي للاستفحال وقتل من استوطنت به٠
ولكن هذه الشركات التي تجبيد بيع الوهم، تعض بنواجذها الشريرة على الادوية التي تقهر ما يسمى بالامراض المستعصية، كالسرطان ( عافى الله قارئنا الكريم ) والايدز ( نقص المناعة المكتسبة ) وغيرها، وتمنعها عن المرضى استحلابا لعصارة اموالهم الذي يدفعهم هووسهم لشراء الادوية التي تماطل مرضهم وتسوف شفائهم ٠
وقد راينا جشع هذه الشركات وهي تبيع الجرعة الواحدة للطفل الافريقي المسرطن بثلاثمئة دولار وللبالغ بمئتين وخمسين دولار، علما ان كل منهما يحتاج الى عدد من الجرعات٠
ونظن ان الداء العالمي كروونا المستجد يخضع ايضا لهذه القاعدة الخبيثة، فقد قالها ترامب مباشرة، ان لقاح كوبيد ١٩ لايتم طرحه في الاسواق، حتى يقتل مليونيين من البشر ويصيب مليار منهم٠
ان تسليع الصحة والطب والدواء ظاهرة مجرمة ولاياتيها الا كل عتل مناع للخير معتد اثيم٠
قال تعالى في كتابه المجيد ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا )٠
صدق الله العلي العظيم٠
٢٨/٧/٢٠٢٠