✍ سعود الساعدي ||
تعرض العراق في الربع الأخير من عام ٢٠١٩ إلى قصف هائل للنفوس والعقول والاذهان يعادل في خرابه المادي عدة قنابل نووية ولكن العقل العراقي السياسي والاجتماعي لم يشعر بأهواله ولم تهزه انفجاراته ولا يبدو أنه أدرك عمق تأثيراته كاملة على المديين المعاش والمنظور!. وما زاد الأمر سوءا ان هذا العقل ما زال يعيش حالة الصدمة والانكماش العام وعدم القدرة على المبادرة بعد أن تمت محاصرته سياسيا واجتماعيا على المستويات الداخلية والإقليمية والخارجية وبات يعول على أمرين لا ثالث لهما إما حدث مفاجئ كهدية من السماء أو إنجاز او مناورة إقليمية ناجحة من الحلفاء!.
الربع الأخير من العام ٢٠١٩ هو مرحلة مفصلية من تاريخ العراق المعاصر ونقطة تحول هامة في مسار الواقعين السياسي والاجتماعي ستكون لها انعكاسات جوهرية على مستقبل البلد والمنطقة.
يمتاز العقل السياسي والاجتماعي العراقي العام الراهن بأنه عقل حسي وظواهري سطحي وليس استقرائي استنتاجي عميق ومن جانب آخر هو عقل مصاب بالعمى الاجتماعي وما باتت الحقائق البارزة والدامغة واضحة أمامه حتى لو كانت كالشمس في رابعة النهار.
التعويل في الإنقاذ على "المخلصين المرجعية والشعب" أمر صعب وكلها عناوين عامة بلا مشاريع ناجزة أو رؤية شاملة أو إرادة مغيرة، أو برامج مفصلة وكلها أيضا مفردات لعناوين كانت منفعلة بمسارات الواقع أكثر من كونها فاعلة.
يبدو أن التأسيس لمشروع النخبة المخلصة التي تستند على الناس وعلى المرجعية امر لا مفر منه ولكن قبل ذلك تحتاج هذه النخبة إلى أسس مغايرة للسائد من أفكار و مشاعر ورؤى وقواعد انطلاق والى زاوية نظر من خارج الصندوق وقبل ذلك إلى مصالحه مع الذات تدفعها لحمل هموم الناس والاصلاح ووضعها كأولوية قبل همومها الشخصية والذاتية التي طالما تصدرت قائمة الاهتمام والجهد والعمل والدراسة فتم بناء الحياة الخاصة وضمانها في قبال تضييع الوطن والحياة العامة فباتت عوائلنا وحياتنا الخاصة المضمونة" مهددة لأنها بلا بيئة اجتماعية حاضنة وبلا مناخات سلوكية سوية أو مستقرة وبلا مناخ سياسي ثابت وناجز لتستمر هذه الدوامة المحبوكة بدقة وخبث ودهاء مميز وهي حصيلة جهود استعمارية ومخابراتية عريقة وهائلة ولتنتج السحق المتواصل و التشوه والعطب الدائم والصواعق المفجرة للمجتمع وصولا إلى الانهيار او المعجزة.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha