في ضوء القانون الدولي العام، عرفت المعاهدات الدولية ،بأنها اتفاق مكتوب بين شخصين او اكثر من الأشخاص الدولية من شأنه أن ينشئ حقوقأ والتزامات متبادلة في ظل القانون الدولي العام .
وتختلف الدوافع والاسباب التي تدفع الدول والمنظمات الدولية لعقد الاتفاقات والمعاهدات فيما بينها وفقأ لمصالحها .
تناظر الاتفاقيات الدولية العقد في كثير من جوانبة، سيما من حيث سيادة سلطان ارادة المتعاقد وخلو العقد من عيوب الرضا ، وحرية المتعاقد في تضمين الاتفاقية مايريد من حقوق والتزامات بما يتناسب والمصلحة المرجوة من عقد الاتفاق، شريطة أن لاتخالف تلك الشروط مبادئ القانون الدولي العام .
بصورة عامة وقبل ابرام اي من العقود، سواء دولية او مدنية، تحدد ابتداء اهمية ذلك العقد واسبابه والآثار المترتبة عليه، وينظر بتاريخ التزام طرفي التعاق أو احدهما، ومدى وفاءة بعهوده وعدم التنصل منها ، ومدى احترامة لارادة الطرف الاخر وتمسكه ببنود الاتفاق ، وكثيرأ ما يضع المتعاقدين بعض اطراف العقد سواء كانو اشخاص طبيعية او دولية في القائمة السوداء، نتيجة التجربة السابقة معهم التي تظهر تنصلهم وعدم التزامهم بالحقوق والواجبات المترتبة على العقد، وبذلك يحمي طرف العقد الذي لحقه ظرر من التعاقد السابق مصالحه من الهدر والضياع .
اليوم يلوح في الافق وخلف الكواليس، الحديث عن رغبة امريكية لعقد اتفاقية جديدة مع العراق، وقبل الخوض في ماهية هذا الاتفاق المزمع، لابد من استذكار تاريخ العلاقة بين الطرفين .
لقد بينت تجارب السنين الماضية لتاريخ تلك العلاقة فشلها الذريع في جميع الميادين ، وبات حجم الضرر والدمار الكبير الذي طال العراق بشريأ وماديأ ومعنويأ من جراء تلك العلاقة واضحأ كالشمس في رابعة النهار ، فلعقود خلت لم تنظر امريكا للعراق الا بعين اسرائيل، وكانت ولازالت تعتبر العراق ساحة لتصفية حساباتها الدولية مع من يشكل خطرأ على أمن اسرائيل، فهي تسعى لجعل العراق ميدان وحلبة لصراعاتها الدولية، اذ تدرك بلا شك ان موقع العراق الجغرافي وطاقتة البشرية وعقيدتة الحسينية وصموده يشكل عقبة تقف بوجة مشاريعها ، وهي تدرك ايضأ أن مسك العراق هو مسك لخيوط اللعبة في الشرق الأوسط بل في العالم، سيما وبعد أن عبر العراق عن رغبته الرسمية بالتحاقة بحلف الشرق الجديد عبر طريق الحرير، فكل المؤشرات الاقتصادية تشير الى أن القطب الجديد بات حيز التنفيذ وان القطار قد انطلق بدون رجعة، وان مستقبل العراق ومصلحته وانهاء ازماته سيكون بالتحاقة مع هذه القوة العضمى الصاعدة ، فهي الفرصة والسبيل الكفيل لإنهاء ازمات البلاد وانعاش اقتصاده الذي انهكته حروب امريكا المباشرة وغير المباشرة عليه .
وعودة للبحث بشئ من التفصيل في تاريخ تلك العلاقة ، لنستذكر الاحداث التي من خلالها نقف على المواقف الأمريكية في دعمها للنظام البائد، ودفعة لفتح جبهة شرقية مع ايران التي تربطنا معها اواصر دينية وثقافية وعقائدية مشتركة ، تؤطرها حدود تقارب 1500كم تشكل نافذة للتواصل الخصب ،لقد خاض العراق حربأ مفروضأ دامت ثمان سنوات،كرست فيها امريكا ودول الخليج دعمهم اللامحدود للنظام على حساب الشعب العراقي المظلوم،ثم اعيدت المأساة بحرب الخليج الثانية باستهداف امريكا للبنى التحتية العراقية بتدمير شبه كامل زاد من معاناة الشعب اضعاف ، ذلك الشعب الذي انتفض في شعبان اروع انتفاضة عرفها تاريخ العراق الحديث، فبات اسقاط الطاغوت قاب قوسين أو أدنى، عندها لعبت امريكا دورها القذرة في دعم نظام صدام واطلقت عنانة على المدن المنتفضة ،وغضت الطرف عن ابشع المجازر التي ارتكبها النظام ضد المدنيين، ولم تكتفي بهذا الحد بل فرضت بعد ذلك حصارا ظالما على الشعب ، حصد ارواح زهاء مليون رضيع واحال العباد كالعصف المأكول، وتستمر معاناة العراقيين حتى العام 2003، باجتياح الجيوش الأمريكية للبلاد بحجة الاطاحة بالنظام ، فعاثت في البلاد فساد وخرابا واجهزته على كل مقومات الدولة ، حتى أعترف الرئيس ترامب " أن احتلال العراق كان خطأ " ذلك الخطأ الذي دفع ثمنه الشعب العراقي المظلوم، واستمر التأمر الامريكي على هذه البلاد، وهذه المرة عندما تخلت امريكا عن اتفاقيتها بحماية العراق، وتركتة لقمة سائغة بيد الاجتياح الداعشي بلا عدة و عدد، بل كان الأمر اكثر من ذلك فداعش كان صناعة أمريكية بامتياز .
ولولا فتوى المرجعية واستجابة العراقيين ودعم الجارة ايران، لأصبح العراق اليوم في خبر كان .
اذن القائمة تطول، ولايسع فيها المجال لسرد تاريخ تلك العلاقة الضارة التي لانفع يرجو منها ،
بالتالي ننتهي الى حقيقة لا يراودها شك ، ان اي اتفاق تلوح به امريكا ويطبل له مرتزقتها سوف يكون مصيرة الفشل، ولايجني العراق منه سوى مزيدأ من الخسارة والشقاء
، وسيدخل البلاد بدوامة من التيه والضياع لامخرج منها .