المقالات

البقرة العطشى  


محمد هاشم الحچامي ||

 

في التسعينات بدأ صدام عملية تجفيف الاهوار وهي من اكبر الجرائم عبر التأريخ وحصلت قصة أمامي لها علاقة بذلك العمل المشؤم وحصلت بالتحديد عام 2001 حيث نزل مستوى الماء في تلك السنة بشكل محزن ، حيث جفت الانهر ويبس كل شيء

كنت جالسا على سكة القطار وتحت ناظمها يمر نهر العتيبية في مدينة سوق الشيوخ ليكون خورة اشبه ببحيرة كانت من اجمل المناظر في الثمانينات ، انخفض ماءها حتى أن فرعنا المسمى الشاخة تحول الى طريق للسيارات وصارت رائحة الماء نتنة ولونه اصفر مقزز ،  كانت الابقار والبشر تاتي لترتوي ماءً من الخورة ، عصر يوم حار قائض جاءت بقرة لأحدهم تسير الهوينا متباطئة تمشي على استحياء قطعت مسافة كيلو متر تقريبا لتصل بقايا الماء الراكد في الخورة ،  ادخلت رأسها بالماء شمته ثم غيرت مكانها وحاولت ثانية ومشت داخل الخورة لمسافة غطت بطنها وهي تشم الماء ولا تستطيع شربه ، ثم انحنت مسلمة أمرها لله وشربت من ذلك الماء القذر الاصفر اللون ذي الرائحة المقززة ، كأنها تعمل بقوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد ٍ فلا إثم عليه ، إنها كانت مكرهة غير مخيرة فهي بين الحياة والموت واي موت الموت عطشا ، لاسبيل لها الا ذلك الماء القذر ،  كنت اراقبها وهي تغير مكانها ، رفعت رأسي للسماء إلهي هل لها كرامة عطّشها الظالمون .

مازالت اذكر لونها صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ، وهي بكر عليها تنطبق مواصفات بقرة بني إسرائيل

ذهبت حزينة مترنحة ، لم تشرب من عذب الفرات ولم ترتو ِ من ماءه الذي تغنى به الشعراء وطال بوصفه المستشرقون ، تلك الخورة التي كنا في الثمانينات نخاف النظر اليها او الوقوف فوق ناظمها ، فهي تيار مرعب ومنظر مفزع ، و هي بذات الوقت تفتح النفس وتمنحك تأملا ً في صورة من صور الطبيعة   لقد كان الماء بعد خروجه من الناظم يلتف حول نفسه بشكل ما غدونا نراه الا بالافلام الوثائقية ، وكان صوته يسمع من من مسافات بعيدة مازلت اتذكر صوت الخورة وانا نائم فوق السطح والمسافة تبعد أكثر من مئتي متر ، هدأ ذلك الزلزال وخفت صوت خريره ، وشاخ ، حتى صار كهلا ، يبكيه احبته ......

    هي قصة لحيوان من أيام الجوع والعطش في زمن ذُلّ َ فيه كل شيء حتى الحيوان ..... قصة نهر جف وخورة غارت وذكريات رحلت ، يومنا امسنا ، ما عادت الذكريات الا خيال ، غادرت الارض ورحلت بعيدا ، صارت اشلاء مزقتها حراب الظالمون ، واحرقتها نيران الحقد والبغضاء .....

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد هاشم الحجامي
2020-11-30
الحمد لله على كل حال
المهدي
2020-07-31
المقال جميل سلم يراعي أيها الفاضل حتى الحيوان يعلمنا الحكمة نأخذ منه العبرة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك