محمد هاشم الحچامي ||
لعل ّٓ ما لا يختلف ُ عليه اثنان أنّٓ الدولة ٓ تقوم ُ على مجموعةٍ من المؤسسات والوزارات والاذرع ِ وغيرها وهذه ليستْ اشباحا ً بل يحركها العاملون فيها من مدنيين وعسكريين ؛ وهذا هو حال العراق في ضل حُكم ِ الطاغية ِ المقبور ِ ؛ أجهزة أمن ومخابرات وميلشيا حزب البعث وغيرها كلها سُخّرت ْ لإسكات هذا الشعب وبكل وسيلة ٍ حتى أنها ابتدعت ما لا يخطر على بال الشيطان .
ولكن ْ المستغرب ُ في الأمر ِ ما نراه في الفترة ِ الأخيرةِ من إعلاميين ومدونيين وكُتّاب ٍ ؛ وهي محاولة تبرئة كل تلك الشخصيات العاملة في مختلف مؤسسات صدام الأمنية والعسكرية والإعلامية والثقافة وتوجيه بوصلة ما حصل في العراق لشخص صدام حسين وأبناءه ، وأن هذه الاذرع لا حول لها ولا قوة بل اظهارها بمظهر المظلومية وأنها ضحية من ضحايا هذا الطاغية الجبار !!!
وهذه اللعبة قد تنطلي على السذج والبسطاء وقد تمرر لبعض الوقت ، ولكنها لن تدوم وهي بحد ذاتها خطرة حد الانتحار ، فهذا الطرح يخبئ في طياته محاولة إعادة تدوير تلك الوجوه من جديد وتسليطها ثانية على رقاب العراقيين ، وما تجربة عام ١٩٦٣ الا خير دليل وبرهان فبعد بحار الدم التي غاص بها البعث وهتك العرض واحرقت الحرث والنسل ، عاد ثانية إلى السلطة عام ١٩٦٨ تحت عباءة جديدة ؛ لم يعلن عن نفسه اول الأمر خوفا من ردة الفعل ، ولما استتب له الأمر انقلب على رفاق الانقلاب وصفاهم واحدا تلو الآخر ، ليعيد هذه المرة السيناريوا ولكن بشكل ابشع مما فعله عام ١٩٦٣ . حتى وصل الحال أن ترحم الناس على تلك الحقبة المظلمة !! فما عاناه العراقيون بعد ذلك الانقلاب المشؤوم -١٩٦٨- انساهم كل جرائمه السابقة ، حتى غدت بحار الدم محيطات وتحولت ارض العراق الى جبال ٍ من الجماجم وصارت ْ أرضُه ُ مقبرة ً كبيرة ؛ لا تكاد تسمع فيها إلا انين ام ٍ بكتْ ابنها المساق إلى الجندية وهو بعمر الورد وزوجة تعيل ايتاما وأبا ً يتحسر على ابنه الذي ادخره لمشيبه وشعبا خائفا من اقرب مقربيه حتى غدا كل شيء مريب وموضع شك .
فاصبح العراق في حكم البعث كأنه جنازة يقف الجلادون على رأسه يمنعون حتى الريح أن تمر عليه .
وهنا يأتي السؤال عن تلك المأساة الكبرى :
هل فعل ٓ هذا صدام لوحده ام هناك مُخْبر ٌ ، وسجانٌ وجلاد ٌ ، ومن قضى لياليه ، وأيامه ِ يفكر ُ ، ويبتدع ُ الخطط ُ ، والأساليب لقتل هذا الشعب المسكين .
نعم هناك مئات الآلاف من مختلف ِ التشكيلات ِ الأمنية والحزبية والإعلامية والثقافية التي سخرها صدام ضد شعب ٍ اسير في مقبض ِ هؤلاء الجلادين وكلا ً من موقعه ِ وحسب قدرته فهذا يلمع ُ وهذا يتجسس ُ والثالث يعذب ُ والرابع يغتال ُ والخامس يُخّوِن ُ وهكذا تستمر ُ مسرحية ُ الألم ِ والقهر ِ .......
كل هؤلاء السفاحون يراد إخراجهم ضحايا لصدام بل الاسوء من هذا تحميل الضحية المسؤولية ؛ وكأن لسان حالهم لماذا ثرت ٓ ولم تخنع وتستسلم ...
هذا ما يحصل اليوم من إعلاميين شغلوا ليلهم مع نهارهم لتلميع صورة البعث وتشويه صورة الضحايا ، إنها محاولة ُ تزوير التأريخ ِ رغم أن ّٓ الشهود ٓ احياء ٌ والجراح ٓ لم تندمل ْ بعد ...
https://telegram.me/buratha