المقالات

الهجرة الى ايران


ظاهر العقيلي

لم يكن زمن المحنة الذي عاشه العراقيون ايام تسلط زمرة البعث المجرم بالزمن العادي بل كان استثنائيا بكل المقاييس من جور وظلم وقتل وتهجير وقمع ومصادرة للحريات الفردية وخوف وارهاب حتى وصل الامر بعموم الناس بان لا يتكلمون حتى مع انفسهم خوفا من ازلام واجهزة النظام الدموي وانتشرت حينها توصيه خاصة مفادها ( اسكت ترة الحيطان ألهه اذان ) .

 

لي صديق مقرب كان يروي لي سيرته المحفوفة بالمخاطر بعدما شارك في الانتفاضة الشعبانية المباركة عام ١٩٩١ م ضد النظام الصدامي في محافظة ميسان جنوب العراق فيقول :

بعدما انتفضت اغلب محافظات العراق ومنها محافظة ميسان ضد حكم البعث وزمرته العفنه وسقطت المدن الواحدة تلو الاخرى بيد الثوار المنتفضين الابطال رحنا نبحث عن البعثيه في كل مكان وزاوية لنقتص منهم شر قصاص وكنا في اوقات اخرى نتجمع ونلتقي على شكل مجاميع مسلحة وبتنظيم ذاتي لنوكل الواجبات بيننا وفي وقت اخر نخرج بمسيرات تعلوها هتافات حماسية ضد نظام البعث الكافر ونتوعد ازلامه بالويل والثبور كانت ايام تحفها المخاطر رغم السعادة النسبية لان الوضع الدولي العام كانت تذوبه الضبابيه لاسيما ان الاخبار مقطوعة عن المحافظات وخاصة العاصمة بغداد وهي رأس الهرم ولا توجد هنالك وسائل اتصال لانها مقطوعة .

 

ويضيف رغم اننا كنا نتأمل خيرا بزوال طاغية بغداد لكننا في ذات الوقت كنا على يقين بان امريكا وحلفائها العرب حكام الخليج لا يمكن ان يتركوا طفلهم المدلل صدام بهذه السهولة والسرعة وهم يسمعون هتافات الثوار تتعالى( لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية ) وهذا ما جعلهم يتمسكون بطاغية العراق ويحاولوا جاهدين من ان لا يسقط حكمه وتصير الامور الى المجاهدين لان بلدانهم في خطر امام مد شيعي قادم حسب تحليلهم فهيئوا كل الوسائل المتاحة وباسرع وقت لدعم صدام وما تبقى من قواته العسكرية من اجل سحق الثورة والثوار ومهما تكن النتائج حيث كان للحكومتين الاميركية والسعودية دورا كبيرا في اسقاط الانتفاضة الشعبانية عام 1991 بعد ان سيطر المشاركون فيها على 14 محافظة عراقية، لكن ثورتنا قمعت فيما بعد على يد النظام الصدامي وبغطاء مباشر من اميركا والسعودية .

 

شنت قوات النظام البعثي هجوما كاسحا على كل المحافظات هجوما دمويا حاقدا لا يعرف اي معنى للانسانية من ابادة وقمع وقتل بكافة انواع الاسلحة وعلى المحورين الشمالي والجنوبي للعراق وبعدما فقدنا الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرتنا وبدأ الجيش بالتقدم نحونا رويداً رويدا وبعدما استشهد من استشهد وجرح من جرح كان القرار ان نهاجر مجبرين وان نترك بلدنا وفكرنا بدول الجوار لتكون وجهتنا لكننا تفاجئنا بان قامت دول الخليج السعودية والكويت بغلق الحدود لكي نقمع ونقتل وبهذه الحالة لم تفتح ذراعيها لنا الا الجمهورية الاسلامية في ايران ولتقول لنا هذا بلدكم الثاني ونحن بخدمتكم ياله من موقف عظيم مع ظروف صعبة وخطرة وياله من استقبال وحفاوة قل نضيرها فرغم ان العراق خاض معهم حرب مدفوعة الثمن طوال ثمان سنين راح ضحيتها العديد من الابرياء من الشعب الايراني لكن حميتهم وانسانيتهم ودينهم واخلاقهم كانت هي السباقة عندما ذهبنا اليهم عبر طرقات وعرة وطويلة .

 

ان موقف الجمهورية الاسلامية في ايران موقف ايماني وانساني عكس ما قام به حكام الخليج وقد سجلت بذلك اروع صفحة من التأخي والوحدة والشجاعة لانها لم تحسب اي حساب لاي ردود افعال لامريكا ونظام صدام فاستقبلت الاف من العوائل التي نزحت وهاجرت اليهم طلبا للامان والمساعدة من جور النظام البعثي .

 

لم تكن هجرتنا الى الجارة ايران بالهجرة السهلة ولم يكن موقفها موقف جديد بل كانت ولا زالت هي السباقة في تقديم شتى انواع المساعدات للشعب العراقي وقد بينت الظروف والملمات ذلك فلم تكتفي بايواءنا ومشاركتنا لهم في لقمة العيش بل راحت الجمهورية الاسلامية في ايران تدعم العراق وتقف بجانبه بالسلاح في حربه على الارهاب وسجلت صفحة اخرى من صفحات النخوة والشهامة التي تنقص حكام وشعوب الخليج المتأمرين دوما على الشعب العراقي .

 

سابقى اعتز بصفحة من تاريخ حياتي وهي عندما هاجرت الى ايران لانها بلد تعلمك معنى الاخوة والنصرة والانسانية والدين الحق والانتصار للمظلوم والوقوف بجانبه ضد الظالم فهي حقا دولة لا يظلم عندها احدا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك