واثق الجابري||
منذ أن أعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي موعداً للإنتخابات المبكرة، حتى انهالت موجة التفسيرات والتحليلات والتوقعات والتأييد والتشكيك، وتقاطع منها ما تقاطع وما أتفق والأهم ما تحدث بشيء ومرماه شيءٌ آخر.
الإنتخابات المبكرة مطلب شعبي وضرورة سياسية، ولن تكون أفضل من سابقاتها، مالم تتهيَّأ الظروف المناسبة لإجرائها، والاستعداد الشعبي للتفاعل معها.
استنتاجات قد لا تبشر بخير يراها كثير من الجمهور، الذي لم يشارك بالإقتراع، ونسبتهم تصل إلى 80٪، وهي ناجمة من تجربة الواقع العراقي، الذي كان تواقاً للممارسة الديموقراطية والمشاركة في الإنتخابات، إلى أن وصل إلى العزوف، لشكوكه بمصداقيتها ونتائجها، ودور المال السياسي والقوة والضغط المباشر في تغيير النتائج وإرادة الناخب، فعبَّر بشكل سلبي برفضه للطبقة السياسية ثم عدم المشاركة، َهذا ما أتاح للقوى المنافسة أن تعمق سطوتها على الشارع، وتغير أدواتها حسب معطيات القانون الإنتخابي، ومتطلبات المرحلة، التي يعبر عنها السياسيون بوعود لا تتحقق بعد الإنتخابات.
ليس المهم أن تكون الإنتخابات مبكرة أو متأخرة، إن لم تكن معبرة عن حاجة الواقع السياسي، وتصحيح هفوات رافقت العملية السياسية، والفرص ما تزال قائمة للقوى السياسية أن تصحح مساراتها، والشعب أن يُحسن خياراته، وللقوى الجديدة والنخب أن تجد مساحتها ومواقعها، والفرص قائمة أمام القوى السياسية لحين حل البرلمان، أي قبل شهرين من إجراء الإنتخابات، لتعطي إنطباعاً إيجابياً وحسن نوايا، ولكن الفرصة للشعب إلى حين بلوغ صندوق الإقتراع، وبذلك فرصة القوى السياسية ثمانية أشهر والشعب عشرة أشهر، وبذلك الفرصة للشعب أكبر، وهو قادر أن أحسن الإختيار إلى تغيير الخارطة السياسية.
إن المشاركة الضعيفة في الإنتخابات السابقة، هي فرصة أيضآ للشعب في رسم خارطة العملية السياسية القادمة، وبما أن المشاركة كانت 20٪، فإن 80٪لم يشاركوا وهؤلاء أغلبية صامتة ساحقة، ولو إفترضنا زيادة المشاركة إلى نصف من يحق لهم التصويت، أي 30٪ من 80٪الممتنعة، فإن نسبة الأصوات الجديدة ستكون هي الأغلب ولها خيارات مختلفة عن السابق، مع وجود مَنْ تغيرت قناعاته في خياراته من المشاركين، في حين جاءت قوىً جديدة ببرامج مقنعة.
بدأ العد التنازلي للإنتخابات، منذ أن أعلن رئيس مجلس الوزراء موعدها، ولا مجال للتذرع بعد هذا التاريخ، والتشكيك بمصداقيتها؛ تنكيل بالعملية السياسية برمتها، ودعوات للفوضى لا نهاية لها.
من الآن فصاعداً ثمة وقت كافٍ لأن تنظم النخب أنفاسها، وتدرس جيداً قانون الإنتخابات، وتطرح البرامج المناسبة بشكل واقعي، ومؤكد أن هناك قوى سواء كانت سياسية أو غيرها، لا تجيد سوى لغة التسقيط والتشكيك والنيل الطائفي، وتمارس أدوارها بكل أدواتها المعهودة لتضليل الشارع، ومنها من تستخدم ساحات التظاهر للتقسيط وخلق نوع من الفوضى، وأظن أن مطالب التظاهر ات والضغط الشعبي قد تحقق، والآن دور العودة للتنظيم وطرح البرامج المنافسة، وحث الناخب على المشاركة، لأنها هي الأداة الأنجح لتحقيق التغيير، وإلاّ فإن خيمة التظاهر لن تكسب مقعداً مالم تكن حزباً، وعلى كل الأطراف أن تؤمن أن لا سبيل للإصلاح الا بالديمقراطية، وأنها لا تملك الا سبيلا هو صندوق الإقتراع، وأنه ميثاق بين منافسين لا مصارعين، وعليهم القبول بالنتائج، فهما اختلف عنك طرف في طرحه، فهو رأي وله جمهور.
https://telegram.me/buratha