الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
الانتخابات استحقاق شعبي وليس لأحد أن يزايد عليها؛ بل من واجب الجميع سيما المعنيين الاهتمام بالأمر وبالشكل الذي يتناسب مع طموح الشعب ورؤيته, ومما لا يخفى أن واحدة من أهم أولويات هذه الحكومة المكلفة بإدارة عدة ملفات هي العمل على تهيئة الاجواء واقامة الانتخابات التي ينتظرها الكادحون والعاملون علَّها تغير الوجوه التي أسرفت في الفساد حتى غلب الفساد فأصبح مادة التعامل اليومي وفي مختلف المجالات وكل بحسبه.
والذي أثار استغراب أكثر العراقيين هي دعوة الحكومة إلى اقامة انتخابات مبكرة لتجاوز المرحلة والانتقال إلى مرحلة اخرى, والأكثر غرابة الدعوة إلى انتخابات أبكر, فبين المبكر والأبكر ينبغي أن يعرف المسؤول أن الأمر لا يحتاج إلى أبطال الاعلانات والصحف والمواقع؛ بل يستلزم التهيئة الفعلية لإقامة الانتخابات التي نطمح أن تكون انتخابات حقيقية بعيد عن تسلط الارادات الخارجية والداخلية والتي من شأنها أن تعمد إلى إعادة الوجوه الكالحة إلى سدة الحكم والابقاء على المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة.
إن الدعوات التي انطلقت من أجل اقامة الانتخابات من دون العمل على تغير قانون الانتخابات أو معالجة وضع الاحزاب, ورعاية الدوائر الانتخابية المتعددة إنما يعني الانتحار الانتخابي, وهذا بحد ذاته تجاهل حقيقي لإرادة الشعب وتجاوز سافر على حقوقه؛ بل قد يعني معاني اخرى عند من يتأمل الواقع مرتين, فدعوة الانتخابات رافقت دعوة حلِّ البرلمان ولعل من أهم الاهداف لهذا المشروع هو تجاهل القرارات المهمة التي صدرت عن البرلمان ومن بينها الاتفاق على طرد القوات الاجنبية والامريكية على وجه الخصوص.
لا أعلم حقيقة دعوة المسؤولين واصرارهم على اقامة الانتخابات في هذا الوضع المتعثر والشائك, حيث الارادة الأمريكية تتحكم في الكثير من مفاصل الدولة, وتعمل على هدم المشاريع المهمة والكبيرة أو تعرقل انشاءها وبالتالي تعمل على هدر الفرص التي من شأنها النهوض بالواقع العراقي كالاتفاق الصيني والالماني وغير ذلك كثير أيضاً, ومن جانب آخر تتجاهر بضرب ابناء الوطن من القوات الامنية وخاصة من أبناء الحشد جهاراً في ظل صمت حكومي.
أن اقامة الانتخابات على الرغم من أهميتها وضرورتها؛ ولكنها تلد ميتاً في ظل الوجود الامريكي؛ لذلك نتصور أن الحكومة إذا كانت جادة في دعوتها التي تزينت بالمبكرة والأبكر إلى اقامة الانتخابات, عليها أولاً معالجة إخراج القوات الاجنبية والامريكية على وجه الخصوص, والعمل على معالجة الاخطاء التي رافقت الانتخابات السابقة من منع فرص التزوير بتغيير نظام الانتخابات, والعمل على ضمان نزاهتها وبالشكل الذي يتناسب مع الارادة الوطنية, والعمل على ترشيح الافراد بدل الاحزاب, وضمن دوائر انتخابية تحقق رغبة المجاهدين من أبناء هذا الوطن وبعيداً عن مصادرة الاستحقاقات التي لطالما ضاعت بين هيمنة الارادات الخارجية والحزبية.
https://telegram.me/buratha