المقالات

فلسفة الشرور..!  


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

          عادت الاوهام لتبني لنفسها عشاً في أذهان الساذجين بعد أن فاح مروق الملحدين وتجاهروا باستغلال البسطاء ليجعلوا من تفشي الأوبئة والاذى ذريعة للتشكيك في عدالة السماء أو انكار وجود الله تعالى فسُلبوا التوفيق وابتعدوا عن سلطان الايمان فوقعوا في مصيدة الشيطان صاغرين خائبين.

          نعم اليوم أكثر من أي وقت آخر يتجاهر البعض بإلحادهم ويشككون بوجود الواجب لذاته تحت ذريعة تفشي الوباء وعدم تدخل السماء في انقاذ الناس ورفع البلاء والوباء, ويوهمون الناس بأن وجود الله يستلزم الأمن والأمان والسلامة باعتباره مسلط على كل شيء مع وجوده, ولما تعددت المصاعب والبلايا والكوارث وعمدت إلى تعكر صفوة حياة الناس وسلبتهم لذة الحياة وزادتهم مخاوف واضطرابات, استغل الملحدون فساد الحال فزرعوا فكرة السؤال المحال في عقول الناس, أين دور الالهي؟ ولماذا هذه الشرور في حياة الناس؟ بل لماذا لم يجعل الله الدنيا دار سعادة وهناء؟

          هذه الاسئلة وغيرها كثير يتوارد في عقول العامة ويستغلها المنحرفون بأفكارهم المريضة, والذي ينبغي أن نعلمه جميعاً أن فلسفة الحياة والانتقال من دار إلى دار يقتضي وجود الفتنة والبلاء ليتميز الصالح عن الطالح, مع الأخذ بنظر الاعتبار بأن البلاء للظالم أدب وللمؤمن ابتلاء وللأولياء درجة, وقد سبق القول على لسان النبيِّ صلى الله عليه وآله إذ قال: ما أوذي نبيٌّ بمثل ما أوذيت, مع العلم أنه خير خلق الله تعالى من الاولين والآخرين.

          أما الفلسفة المادية والتي أخذت تنشط هذه الأيام فيعتبرون وجود البلاء دليل النقص أو الجهل في الخالق؛ لأنه بحسب فهمهم لو كان موجوداً للزم انتشار الخير والبركة والراحة دون العناء أو البلاء, وهذا هو الجهل المركب؛ وذلك لأن الخالق تعالى يخلق الاشياء خدمة لوجود الموجود ولا يخلق شيئا لا فائدة منه؛ إلا أن الناس قد يستبدلون الخير بغيره, فمثلا فاكهة العنب والتمر أيضاً من الخير الكثير وقد يستبدلهما الناس إلى أن يجعل منهما الخمر فينقلب خيره شراً, كذلك معظم ما يدور في فلكنا فالله لا يخلق إلا الخير وهذا يتناسب مع لطف الله تعالى وعدالته, وقد جعل الله سبل الوصول إلى الغايات ميسرة وسالكة, فالطالب قد يسهر ليله ويبلغ مجهوده وتُتعبه القراءة والكتابة ولكن ينتظره النجاح والتفوق, والتاجر يبذل المال ويجتهد في نقل البضاعة والسهر عليها ولكن الربح ينسيه همُّ التعب والنصب, كذلك الانسان يعيش في دنياه بين التعب والنصب والبلاء ليكون الفوز والنجاة لمن يصبر عليها ويحظى برضى الله تعالى ويبتعد عن سخطه.

          أن وجود الله تعالى لا يحتاج إلى دليل فنحن من علامات وجوده, وعدالته لا تحتاج إلى برهان ففي كل جانبٍ من جوانب حياة المخلوقات نجده سبحانه وتعالى قد خلق التوازن, فلم يكلف المخلوقين أكثر مما يطيقون, ولم يحملهم زيادة على قدرتهم, وهو الخالق الذي يدرك قدرة مخلوقاته؛ لذلك وجده المؤمنون به في كل شيء وغاب وحيه عن غيرهم من الذين لم يكونوا مؤهلين لهذا التشريف وليكون حظهم الانكار والالحاد والنفور ويخسروا الاختبار كما خسر ابليس وفرعون, فطاش سهمهم فلم ينفعهم الرجوع وغدوا على حرد قادرين.     

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك