المقالات

بيروتيما 

1771 2020-08-07

حمزة مصطفى||   في عام  1982 أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان كتب محمود درويش "ذاكرة للنسيان". قصيدة نثرية تشبه أن تكون مدونة للحرب الأهلية اللبنانية يتحدث فيها عن "هيروشيما". بعد نحو 38 سنة صدقت نبوءة الشاعر تماما. الغزو كان وقع في شهر آب عامذاك. لكن الإنفجار الذي يشبه هيروشيما وفقا لكل  المعايير والمعادلات والصور والدلالات وصف بأنه يشبه ماحصل لهيروشيما. وكالات الأنباء والمدونون والمحللون والخبراء الإستراتيجيون أطلقوا على ماحصل الثلاثاء الماضي في بيروت بأنه ثالث أقوى وأعنف إنفجار بعد هيروشيما في اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية عام1945 وقد إنتهت الحرب إثرها بإستسلام اليابان, وتفجير برج التجارة العالمي في نيويروك عام 2001 والذي تغير العالم بعده الى فسطاطين  بلغة وتعبير كل من بوش الإبن وأسامة بن لادن وقد حصل بعدهما ماحصل. إحتلال أميركي لكل من إفغانستان (2002) وللعراق (2003). درويش البارع في صنع الصور من الكلمات إستبدل المكان بالزمان عبر سردية قابلة للحفظ والإستعادة كلما عددنا النكبات العربية طوال أكثر من سبعة عقود من الزمن. العنوان لتلك الذاكرة التي أرادها  للنسيان هو "المكان آب, الزمان بيروت". بالفعل بيروت ليست مكانا بقدر ماهي زمان مستمر  فينا جميعا  لاتنطبق عليه معادلة الماضي والحاضر والمستقبل. أما آب الشهر فلقد توقف فيه الزمن  يوم ذاك, فأستحال مكانا تدون فيه الذكريات غير القابلة للنسيان. تبقى هيروشيما في ذاكرة الشاعر عنوانا  للدمار. لكن صور تلك الفاجعة لم تكن متاحة مثل اليوم ومن كل الزوايا وعبر كل الهواتف والكاميرات وليس من كاميرا رسمية واحدة توثق الحدث طبقا لماهو مطلوب. حين حصل تفجير برجي نيويورك كنا نشاهد إختراق الطائرات لجدران ناطحات السحاب في مشهد ليس بوسع السينما صناعته. الواقع دائما أكبر من الخيال. حين حصل إنفجار بيروت لم تقع مهمة التصوير على ستلايت الفضائيات. الموتى هم صوروا الواقعة التي وقعت. الهواتف كانت تهتز في أيديهم وهم يصورون توالي الإنفجارات حتى وصلت اليهم. رحل الشاهد وبقي الشهيد. المشهد كان قابلا للتوزيع والتداول في مواقع التواصل الإجتماعي والكوارثي والمصائبي حتى أدمن الجميع النظر الى ماجرى وماسيجري عبر التحليل من زوايا مختلفة. الفوتو كان حاضرا وبقوة لمشهد لا فوتو فيه ولا شوب. أعود لمحمود درويش و"مديح الظل العالي" هذه المرة ودائما بيروت. يقول درويش مؤرخ أقسى اللحظات الهاربة من تاريخنا القابل للتكرار دائما على مستوى الفجيعة . "بيروت ... ظهرا.. يستمر الفجر منذ الفجر.. تنكسر السماء على رغيف الخبز. ينكسر الهواء على روؤس الناس من عبء الدخان.. ولاجديد لدى العروبة. بعد شهر يلتقي كل المللوك بكل أنواع الملوك من العقيد الى الشهيد, ليبحثوا خطر اليهود على وجود الله. أما الآن فالأحوال هادئة تماما مثلما كانت. والموت يأتينا بكل سلاحه الجوي والبري والبحري. مليون إنفجار في المدينة. هيروشيما .. هيروشيما. وحين نصغي الى رعد الحجارة وحدنا نصغي لما في الروح من عبث ومن جدوى. وأمريكا على الأسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقوية. ياهيروشيما العاشق  العربي. أمريكا هي الطاعون, والطاعون أمريكا. نعسنا. أيقظتنا الطائرات وصوت امريكا واميركا لأمريكا".
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك