يترقب المواطن العراقي لقاءً مقترحاً بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمن زيارته الى واشنطن في العشرين من آب الجاري، ولم يتبيّن لحد الآن مضمون برنامج هذه الزيارة ،خارج الرواية الحكومية التي ظهرت إلينا ببيان مقتضب في وسائل الإعلام لمكتب الكاظمي،يتحدث عن قيام رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، الأسبوع المقبل، بزيارة رسمية الى الولايات المتحدة الأمريكية، على رأس وفد حكومي بناءً على دعوة رسمية،وإن الكاظمي سيلتقي نظيره الأمريكي وسيبحثان ملفات العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، والتعاون المشترك في مجالات الأمن والطاقة والصحة والإقتصاد والإستثمار، وسبل تعزيزها، بالإضافة الى ملف التصدي لجائحة كورونا، والتعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، دون الإشارة الى ملف تواجد القوات العسكرية الأمريكية في العراق على رأس قوات التحالف الدولي التي تتمتع وحداته العسكرية بالدور الخجول المقتصر على مفردات تدريبية ولوجستية وإستخبارية محدودة..لكن القوات الأمريكة التي تترأس هذا التحالف الشكلي، تسيطر على هيئة ركنه ومصادر تمويله ومشاركاته الجوية،والأنكى من ذلك امتلاك القوات الأمريكية لمجموعة قواعد عسكرية عملاقة في مناطق متفرقة من البلاد دون أن يكون لها دور في مساعدة العراق على القضاء على الإرهاب،بل تعدى واجبها هذا الحدَّ المتفق عليه مع السلطات العراقية وقيادة العمليات المشتركة ، وذهب الأمر الى أبعد من ذلك وأنكى،حين تورطت القوات الأمريكية بقصف معسكرات ذهب فيها ضحايا من الشهداء والجرحى من الشرطة الإتحادية والح.ش.د الشعبي ووحدات من الجيش العراقي ، مرة بقصد القصف والتدمير..ومرة بحجة نيران صديقة، أما جريمة إستهداف القائد العراقي المهندس وضيفه الإيراني في مطار بغداد ، فقد كانت أبشع إعتداء على أهل العراق وسيادته ونظامه السياسي،ما يشكل موطئ قدم للتكهنات بأن الحكومة الحالية إما ضالعة وإما متهادنة مع المجرمين القتلة في البيت الأبيض في اقتراف هذا العمل العدواني الفظيع. وبعيداً عن لغة الإتهامات،علينا أن نركّزَ على لغة المطالب والمستحقات التي يفترض أن تبرمج زيارة السيد الكاظمي تلك،لاضير مطلقاً من إقامة علاقات دولية مع أطراف متعددة مبنية على المصالح المشتركة،وليست على مصلحة الطرف الأقوى،ويجب على السيد رئيس الوزراء أن يعي أهمية هذا المفصل في بناء العلاقات الدولية،وهو أمر لا يعود له وحده،عليه أن يبادر لرسم خططه بصفته التنفيذية، وانتظار مصادقة البرلمان على ذلك كله.إن أي اتفاق جديد مع الولايات المتحدة يجب أن يمر من خلال الدستور العراقي ويراعي الموقف الواضح للبرلمان العراقي الممثل الشرعي للشعب العراقي،كي يضمن مصادقة النواب على مخرجاته ،والذي عززته التظاهرة المليونية لجماهير البلاد لرفض الوجود العسكري الأجنبي في البلاد. من الضروري على السيد رئيس الحكومة،إستمزاج رأي البرلمان وكتله الكبيرة لمعرفة مضمون الزيارة، وما الذي يمكن أن يترتب عليها لاحقا من إلتزامات قد تكون جائرة، سيما وأن ذريعة التعاون الستراتيجي الأمني والتجاري والإستثماري وغيره مع هذه الدولة ذات الماضي والحاضر الإستكباري والإبتزازي،ومن خلال تأريخها الدموي ضد الشعوب الضعيفة الرافضة لهيمنتها،لايمكن بحال من الأحوال أن يكون بديلاً لإنفتاح العراق على محيطه الإقليمي، وكذلك شراكاته متعددة الأغراض مع أهم دول العالم المعاصر مثل الصين وروسيا والإتحاد الأوروبي . إن علاقات العراق الإقليمية يحددها العراق نفسه،وثمة تحذيرات شعبية ونيابية من أن تخضع هذه الجزئية لصفقة مساومة مع الجانب الأمريكي.فمن المحتمل أن يضغط الأمريكان على الكاظمي لتحجيم التعاون متعدد الطرائق والبرامج مع الجارة المسلمة إيران التي تربطها مع بلادنا علاقات تأريخية متجذرة في وجدان شعبي البلدين، لاتنفصم عراها بالصفقات المشبوهة،وإن خطر التهديدات الإيرانية ،التي تتوجس منها واشنطن خيفةً ورعباً، لاتعنينا بشيء،وعفريت التدخل الإيراني في العراق،أمر سيادي داخلي لايمكن للمفاوض العراقي أن يجعله إلعوبة مساومات مع الجانب الأمريكي لتمرير اتفاقات جديدة لصالح الطرف الأجنبي خلافاً لمصالح العراق. ثمة قوى سياسية فاعلة في العراق تترقب وتنتظر لتقوِّمَ نتائج هذه الزيارة المرتقبة، وسيكون لها موقف ،ليس أقل من عرقلة المصادقة على الإتفاقيات الجديدة المزمع عقدها وراء المحيط، إذا لم تكن تتطابق مع الحاجة العراقية، الى بلد خالٍ من القوات الأجنبية،وغير مرتبط بأحلاف أحادية الأقطاب الدولية.. وَرُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل. ناصريةُ ـ دورتموند / ألمانيا
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha