المقالات

المستبد الفاسد  

1358 2020-08-09

سرى العبيدي||

 

يقول أحد الكتاب الفرنسيين: «إن كل سلطة تفسد، والسلطة المطلقة تفسد إفسادًا مطلقًا».

والسلطة المطلقة هي الاستبداد، وقد يكون الاستبداد سياسيًّا أو دينيًّا أو ثقافيًّا.

فالمستبد السياسي: يتولى الحكم بلا برلمان، أو هو يمكر فيزيف الانتخابات البرلمانية؛ كي يجد الكثرة الخاضعة التي تعينه على الاستبداد، وقد رأينا في السنين الثلاثين الأخيرة أمثلة قاسية فاضحة لهذا المستبد الذي أخَّر تطورنا، وعكس نهضتنا، وعطَّل مشاريعنا الإصلاحية.

والمستبد الديني: يصرُّ على أن غيبياته يجب أن تكون المذهب الوحيد الذي يعمُّ الدنيا، وأن من يخالفه في العقائد الخاصة بها يجب أن يعاقب، مع أن عشر دقائق تقضيها معه في مناقشتها تدل على أنه لا يفهمها.

والمستبد الثقافي: يتجسس على ما نقرأه من كتب، وما نفكر فيه من آراء، فيحاول أن يمنعنا من القراءة والتفكير؛ لأنه مستبد ويجب أن نفكر مثله فقط.

وكل هؤلاء المستبدين يحدثون فسادًا في الأمة، ويمنعون تطورها، ويجبرونها على أن تجمد كما جمدوا، وهم طاعون الأمم وعلة انحطاطها، وهم الإغراء القوي الذي يجذب الاستعمار ويرسخ أقدامه ويؤيده.

ومن حق كل أمة أن تنهض بالثورة على هذا الاستبداد، أي: على السلطة المطلقة التي تحدث فسادًا مطلقًا.

ولكن يجب ألا ننسى أن المستبد هو نفسه ثمرة الفساد، فهو رجل فاسد من الأصل، قد نشأ على أنه لا يعرف المشورة أو المجاملة أو الرقة الاجتماعية، هو أناني يحب نفسه فقط ولا يبالي بغيره، وهو كالمجنون يعتقد أنه بؤرة الذكاء والفهم والحكمة، وأن الأمة جميعًا بملايينها يجب أن تسير خلفه، فلا تتحدث في الساسية إلا كما يرى هو، ولا تقرأ من من الكتب إلا ما يعنيه هو، ولا تؤمن بالغيبيات التي تخالف تلك التي تعلمها في طفولته.

هذا هو المستبد الفاسد الذي نشأ في بيئة الفساد حين دلَّلـه أبوه حتى كاد يستبد بهما، فلما كبر بقي طفلًا في عاداته الذهنية، فصار يستبد بالأمة التي يتولى الحكم فيها وزيرًا، أو مديرًا، أو مُؤلِّفًا، أو صحفيًّا. هو فساد يؤدي إلى فساد.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك