المقالات

الولاء والانتماء في الخطاب السياسي العراقي


  د. حيدر البرزنجي||   "خناجر كبيرة واصدقاء كبار" حمزاتوف " يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".   الآية القرآنية تدلّ ان الاسلام ينظر الى الولاء بحسب التقوى والأيمان الروحي ،ومما ينسب للرسول  الأكرم صل الله عليه وآله وسلم " من كنت مولاه ،فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وانصر من نصره " الموالاة هنا بمعنى التأييد والنصرة  والتنصيب وكل ما يكون للرسول الاعظم فهو كذلك للأمام ،وليس التبعية  العبودية ،فالنبي قد خاطب كبار صحابته وأهل بيته ،للإشارة الى من رآه صاحب الحق قي توجيههم نحو الصلاح . بعد ذلك ، استخدم العرب كلمة (الموالي) على أهل العراق الأصليين / ممن آمنوا بالرسالة الجديدة ،وكانت تعني الأيمان والتقوى والإقرار بالاسلام  ديناً ، أو السلام والأمن  . في العراق اليوم ،نبشت هذه المفردة لتستخدم في السياسة ،كنوع من الطعن بالخصوم والتنكيل بهم وابعادهم عن الانتماء الوطني واظهارهم بمظهر الخيانة والعمالة ، لكن مستخدميها ،وقعوا في اشكالية عدم القدرة في التمييز بين الولاء كجانب ديني /روحي /عقائدي لا يتعارض مع الهوية الوطنية ، وبين الإنتماء كهوية لبلد بعينه. في العالم ، الملايين من الكاثوليك  في بلدان كثيرة ، يدينون بالولاء لبابا الفاتيكان ، ويعتبرونه مرشدهم وموجههم بالمعنى الروحي / الديني وصولاً ، الى تبجيله كنوع من الواجب ، دون ان يتعارض ذلك مع انتمائهم الوطني . والهند بما تحمل من تنوع كبير والبوذية تشترك بين الهند والصين واليابان وجنوب شرق اسيا فهم كذلك يقدسون ولديهم نفس الشعور المشترك   كذلك ملايين المسلمين يشعرون بالولاء لمذاهبهم ، فالحنفي المصري ولائه للفقه الحنفي كما هو الحنفي في العراق وغيره ، ولا يتعارض ذلك مع مصريته أو عراقيته . أما الماركسيون في مختلف انحاء العالم ،فيشعرون بالولاء للمؤسسين من الناحية الآيديلوجية ، وكانت تضمهم قيادة عالمية (كومنترن)  ،  كذلك في الفكر القومي " العروبي" الذي جعل عبد الناصر يوفد رئيس مخابرته صلاح نصر، للاشراف على الاطاحة بعبد الكريم قاسم ، وهم من أوائل من شرع التدخل في شؤون بلادهم  . الشيعي العراقي أو الباكستاني أو الهندي أو الايراني ، يشعر بالولاء لأهل البيت ، دون أن يجد في ذلك مساساً بوطنيته .  أما الانتماء ، فهو جانب حقوقي سياسي دستوري ، يتعلق بالهوية الوطنية ، له حقوق وعليه واجبات كمواطن ، يعني انه يحمل هوية وطن بعينه ،ينتمي اليه بمسمياته الرسمية والقانونية والاجتماعية وكل ما يتعلق بمفهوم المواطنة . غالباً ما تساهم المشتركات في الولاء لجانب فكري أو ثقافي أو ديني ، في تمكين العلاقات بين البلدان ،والارتقاء في مستوى التعاون ، فتدخل المشتركات في صنع الممكنات وان بنسبة ما ، لكن الخلط بين الانتماء والولاء ، دافعه تشوش في الرؤية وارتباك في الفكر ومحدودية في الخطاب ، للطعن باالخصوم بأي ثمن .  موضوع الولاءات  ، وفي كل تجارب العالم ،لا تؤثر في حدود الدول ومساحاتها المرسومة والمعترف بها دولياً ، الا اذا جاء حاكم مثل صدام حسين ، فتنازل عن أرض ومياه العراق وسواحله  ، لألدّ اعدائه ،من أجل البقاء في السلطة . " كي تنهض ، الشعوب بحاجة الى خناجر كبيرة وأصدقاء كبار" رسول حمزاتوف.  قال أصدقاء ولم يقل محتلين أو حاقدين .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك