عاشوراء كلمة ليست كباقي الكلمات ، كلمة تتجلى فيها كل العناوين المثالية والغايات الإنسانية ، كلمة تمد بالطاقة كل إنسان يريد الثورة على واقعه الفاسد بعد أن أمدته بالوعي والثقافة وعلمته ماذا يفعل ولماذا يفعل ، عاشوراء كلمة ترعب الطواغيت والجبابرة وهم جالسون على عروشهم وما بين قادتهم وجندهم ، عاشوراء تعلمنا كيف يبنى المجتمع وعلى ماذا يستند هذا البناء ، عاشوراء كلمة غايتها كانت الإصلاح وسلاحها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعتادها السير بطريق رسول الله ( صلى الله عليه واله ) وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام : فعاشوراء مصدر إلهام لكل البشرية من أجل الارتقاء بهم حتى يصلوا الى الكمال والسعادة ، فعاشوراء تدفع الشعوب لكي تكون واعية ومثقفة حتى تعرف ما يدور حولها من مخططات ومكائد وخدع وتواجهه بأفضل الطرق والوسائل إذ يقول أمير المؤمنين عليه السلام (المؤمن كيّس فطن لا تلبس عليه اللوابس) ، لأن المؤمن في فلسفة عاشوراء هو الشعاع (الأخلاقي والتربوي والإنساني) الذي يضيء الطريق لكل البشرية حتى يصلوا الى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، فالمؤمن يجب ان يكون متميزاً بوعيه وثقافته لأنه البوصلة التي تشبح اليها العيون والآذان والقلوب لأنه أمل جميع المستضعفين في العالم ، لهذا يجب ان يكون المؤمن حريص على كل كلمة او موقف أو حركة تصدر منه لأنه يمثل عاشوراء الولاية مصدر إلهام جميع المُثل الأخلاقية والتربوية والإنسانية ، ففي هذه السنة ينظر العالم جميعه الى فلسفة عاشوراء في مواجهة الفيروس كورونا هذا الوباء المعدي الذي أنتشر في أغلب بلدان العالم وكيف سينشر التوعية ما بين الناس لكي يحفظ الأرواح ويقلل من انتشار هذا الوباء القاتل ، فالمؤمن العاشورائي قبل كل حركة او موقف يأخذ القرار والرأي من القيادة الشرعية (المرجعية) فهي دليله للوصول الى تحقيق أهداف عاشوراء وهو الإصلاح للوصول الى الكمال ، فجميع مراجعنا العظام في هذه السنة يوجهون الموالين للالتزام بطرق الحماية الصحية كالتباعد ولبس الكمامات وغسل اليدين ويجب تنفيذ ما تطلبه المؤسسات الصحية من تعليمات في مواجهة هذا الوباء ، لذا علينا ان نكون المثال الذي يحتذى به من جميع شعوب المعمورة ونحن نحي شعائر بطل الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ، علينا ان نتبع القوانين الصحية بحذافيرها فإذا وافقت الجهات الصحية في فتح الحسينيات فعلينا ان نهيئ الكمامات ومسافات التباعد ما بين المؤمنين في الجلوس واللطم وباقي الشعائر بالإضافة الى مواد التعقيم ، وإذا لم توافق الجهات الصحية والمؤسسات الحكومية في فتح المؤسسات الدينية او هناك تخوف من انتشار الوباء نتيجة صغر مساحة المؤسسات أو صعوبة تغير الهواء فيها فعلينا أن نجعل من كل بيت من بيوتنا حسينية يقام بها مجلس ابا عبد الله الحسين عليه السلام ، وعلينا ايضاً ان نحصل على الموافقات الرسمية من الجهات الصحية والحكومية في إقامة الشعائر الحسينية في الأماكن الواسعة في الساحات والشوارع حتى يكون هناك مجال للتباعد بالإضافة الى الفضاء الواسع من اجل التنفس الأفضل وتقليل من انتشار الفيروس ، هذه السنة يجب ان تكون متميزة في إحياء ملحمة الطف الخالدة من خلال تعليق السواد في جميع الشوارع والأزقة مع رفع الأعلام العاشورائية ، والدور الكبير والمهم في إحياء الشعائر الحسينية في هذه السنة يقع على عاتق الفضائيات الموالية التي يجب ان تقوم بدور متميز لكي تقيم في كل بيت مجلس للعزاء والتوعية والوعظ والتوجيه والإرشاد ، إقامة الشعائر الحسينية في هذه الظروف الخطرة والحساسة مع الالتزام بجميع وسائل الحمية والتباعد يرسل المؤمن الحسيني الى البشرية قاطبة من خلال هذه الشعائر برسائل مهمة يقول فيها ان حفظ النفس للإنسان وكرامته وعزته وحريته أهم أهداف عاشوراء الحسين عليه السلام ، فلنكن بمستوى الحدث ولنرتقي بأنفسنا حتى نحقق ما كان يصبوا الإمام الحسين عليه السلام من ثورته العظيمة ضد طغيان بني أمية وجميع الجبابرة في العالم وهو الإصلاح من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت مظلة تعاليم رسول الله (صلى الله عليه واله) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، لأن عاشوراء ليست مجرد شعائر نقوم بها كل عام وتنتهي بل عاشوراء الحسين عليه السلام وعي وثقافة و ثورة هزة وتهز البشرية من أجل وصول الإنسان الى التكامل والقضاء على الطغاة والظلم حتى يحيى حياة سعيدة في الدارين.
https://telegram.me/buratha