قاسم الغراوي||
فقدان الثقة كمصطلح ومفردة ليست جديدة، فغالبا ماتذكر في ادبيات علوم السياسة، وقد اشارت لها الأمم المتحدة في مؤتمرها حول "بناء الثقة في الحكومة" في فيينا العام 2006، معتبرة انها نتاج "التوافق في الآراء بين أفراد المجتمع والنخب السياسية التي تتصدر المشهد السياسي والسلطة حول الأولويات في البرامج، ونمط الإدارة الحكومية، والتفاعل الإيجابي بين المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية".
أسباب فقدان "الثقة السياسية" هو ديمومة الأزمة وتفاقمها وإستمرارها دون حلها بين النخبة والمحتجين، بسبب تراكمات المحنة التي تبقى مفتوحة على كافة الاحتمالات لذا تتولد فقدان الثقة بالطبقة السياسية التي فقدت مسوغات ديمومتها من خلال فشلها في بناء جسر الثقة مع الجماهير.
ان المحاصصة السياسية والطائفية، فضلا عن الفساد، واضمحلال الدور المؤسسي للدولة، مع تعاقب الحكومات واستشعار الفرد بانها غير قادرة على استيعاب طموحاته مهد لفقدان هذه الثقة فكانت في وادي والجماهير في وادي اخر ومما زاد الطين بلة هي التحديات التي واجهت الحكومة في تصديها لداعش الإرهابي الذي شغلها عن أداء واجباتها تجاه الشعب.
لايمكن تجاوز الأزمة الا من خلال استرداد الثقة السياسية ، وبناء هذه الثقة مهددة بسبب أسلوب توزيع الثروة، ورأس المال الاجتماعي.
تقطع الجسور بين النخبة الحاكمة والشعب
حينما تكون الطبقة السياسية والاقتصادية غير قادرة على الإدارة او انها مشغولة في تعزيز مصالحها وأهدافها.
وتعود "الثقة السياسية" حينما يدرك الفرد، ان برامج الحكومة تلمس الحاجات المجتمعية، وتستجيب لها. والا فإن الفجوة والخلاف هما الخط الفاصل بين السلطة والجماهير التي تختار الاتجاه المعاكس لتوجهات الحكومة والتي لاتلبي المتطلبات الشرعية التي كفلها الدستور.
ان "الثقة السياسية" هي المبدأ في الاستقرار فهي تؤسس للعلاقة بين الوعود والتنفيذ، باستجابة صاحب القرار (الحكومة) لحاجات المواطنين (الشعب) وان تبتعد السلطة بتوزيع المغانم لاصحاب الوظائف السياسية والحزبية الرفيعة فتتحقق العدالة الاجتماعية وتستمر الثقة السياسية بين الحاكم والمحكوم.