عامر جاسم العيداني||
وسائل الإعلام المهنية تحاول دائما ان تطرح الحقائق كما هي دون تأطيرها باللون الرمادي او الاسود لتضليل الرأي العام او العمل على إحباطه وجعله يعيش حالة من الخوف أو اليأس ، ودائما يحاول بناء علاقة ثقة مع الجمهور المتابع له والمساهمة في تنوير المجتمع المستهدف بالبرامج المتنوعة الموجهة والتي تعمل على مساعدته في مواجهة الحياة وتطورها خصوصا في الظروف الصعبة التي تعيشها الشعوب من ارهاصات الحروب والنكبات والصراعات السياسية وتساعده في النهوض وإعادة البناء المادي والفكري والحث على التكاتف المجتمعي والتخلص من الانتكاسات التي يمر بها .
ولكن من المؤسف أن بعض القنوات تقوم بصناعة برامج تستهدف اثارة الفوضى في البلد وتعيش على جراحات الشعوب لغايات اما سياسية أو مادية ، تستخدم ادواتها الاعلامية في خلق صراع بين افراد المجتمع من جهة وبين المجتمع والسياسيين أو بين الاطراف السياسية من جهة اخرى ، لخدمة الاجندة الخاصة بالجهة المؤسسة لها أو لغرض مادي من خلال ابتزاز اصحاب النفوذ سواء السياسيين او اصحاب رؤوس الاموال العاملة والمؤثرة في الاقتصاد للبلد من اجل تغطية نفقات استمرارها وملئ جيوب اصحابها ، بدلا من صناعة برامج وحوارات وتحقيقات تخاطب جميع اطياف المجتمع وشرائحه وبدون تمييز لتحقيق التهدئة والتحذير من الانجرار وراء النزاعات التي تحاول بعض القنوات بتزوير الحقائق ونشر الاشاعات وتجعل نفسها جزءا من الازمة بدلا من ان تكون جزءا فاعلا في حلها وادارتها ورأب الصدع وتعزيز مفاهيم الوحدة الوطنية وترسيخها .
ونلاحظ ان بعض القنوات تدعو بعض الشخصيات التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وتقوم بالتهريج والتسقيط من خلال فيديوهات يظهرون انفسهم بأنهم ابطال وناشطين مدنيين او شيوخ عشائر ، هدفهم هو البحث عن واجهات اجتماعية او سياسية لشعورهم بالنقص والتهميش في المجتمع للحصول على مركز وظيفي مؤثر أو لاهداف مادية يحاولون كسبها من المسؤول ، فتستغلهم هذه القنوات وتستضيفهم في حوارات يظهرون على انهم يملكون مستندات فساد على المسؤولين ويحملون أوراق بأيديهم ويلوحون ويهددون بها ويكررون كلمات الفساد والفاسد وهم غير ملمين حتى بالموضوع الذي يتحدثون به ، وعندما ترجع الى خلفياتهم العلمية او الاكاديمية تجدهم لا يملكون منها شيئا وهم مجرد اشخاص يجلسون خلف كراسي وظيفية بزاوية من دوائر الدولة غير المؤثرة او تجد احدهم قد أسس له منظمة مجتمع مدني يعمل في ظلها لكسب الشباب والتغرير بهم بدفع الاموال لهم لغرض الترويج والظهور بأنهم خدام للمجتمع ، وهم مجرد أدوات لجهات ذات نفوذ في الدولة يستخدمونهم للتسقيط الاعلامي للمسؤولين الذين يختلفون معهم بهدف الضغط عليهم ليتخلوا عن مناصبهم للاستحواذ عليها .
ان هؤلاء المهرجين لو كانوا فعلا يمتلكون وثائق فساد تدين المسؤول يمكنهم ان يقدموها الى القضاء بصفتهم الشخصية او الى هيئة النزاهة للتحقيق فيها وأظهار الحقائق وادانته واختصروا الطريق على انفسهم وعلى المواطن بدلا من تقديم خدمة مجانية لهذه القنوات ويثبتون حرصهم على بلدهم وحمايته من الفاسدين ، وليكون درسا لكل من تسول له نفسه سرقة الشعب .
ان ظاهرة االتحريض والاستفزاز الذي تمارسه بعض القنوات على المسؤولين من خلال الشخصيات الهزيلة اجتماعيا لغرض ابتزازهم اصبحت معروفة لدى المجتمع بسبب ممارستها من قبلهم طيلة 17 عاما فلا يعيرون لها أهمية كبيرة ، والمسؤول المتحصن لا يخاف منها على مركزه الوظيفي طالما يعمل ضمن القانون والتعليمات ويقدم الخدمات لمدينته ويسعى الى خدمة بلده ومجتمعه قدر استطاعته وامكانياته التي يمتلكها حرصا منه على سمعته وشرف مهنته ووظيفته .
اخيرا ، نقول لتلك القنوات ان هذا السلوك غير المهني قد مارسته قناتا الجزيرة والعربية فترة طويلة حتى انكشفت سوأتهما وانزوتا خارج اهتمام المتابع لهما لكثرة التهريج والكذب الذي مارستاه ، ندعوهم ان يعودوا الى ممارسة المهنة الاعلامية بأطرها الصحيحة والتعامل بواقعية في ظل الظروف التي يعيش فيها الشعب العراقي من صعوبات حياتية ومعيشية ومساعدته للنهوض بنفسه ومواجهة الصعاب واختيار من يمثله خير تمثيل في الانتخابات القادمة لتغيير واقعه السئ الناشئ من ممارسات غير صحيحة من قبل الاحزاب الممسكة بالسلطة طيلة 17 عاما .
https://telegram.me/buratha